وائل شفيق يكتب: "لا ثورة ولا يحزنون"

الخميس، 06 سبتمبر 2012 07:13 م
وائل شفيق يكتب: "لا ثورة ولا يحزنون" صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"فاتك نُص عمرك ياللى ما شفت مصر فى ميدان التحرير أيام الثورة".

فاتك أن ترى دولة الثوار التى اتسمت بالتسامح والتعايش بين أبنائها على اختلافهم وتنوعهم. وفاتك أن ترى الثوار وقد نزعت الثورة ما فى قلوبهم من غل إخوانًا على قلب مصرى واحد مجتمعين، وأمدتهم بسلاح الوحدة الذى لا يملكه إلا المؤمنون بحقوق الإنسان والمواطنة وحرية الرأى والتعبير وتداول السلطة.

فاتك نص عمرك؛ لأن الأيام الحلوة "بتعدى بسرعة"، دولة الثورة قامت فى الميدان يوم 25 يناير 2011، وخاضت أكبر معاركها يوم 2 فبراير، وحققت انتصارها الأعظم يوم 11 فبراير، وسقطت يوم 19 مارس من العام نفسه.

مصر بعد 19 مارس 2011 ستجدها على موقع يوتيوب فى مقاطع لمتظاهرين يعتدون بالضرب المبرح على أحد معارضيهم، ساقه حظه العاثر إلى المرور من أمام تجمعهم، ودفعه حماسه الزائد إلى الاعتراض على شعاراتهم. المقاطع متعددة لثوار يضربون أحد الفلول، ولفلول يضربون أحد الثوار.

عندما تشاهد هذه المقاطع وتقرأ ما تحتها من تعليقات سوف تكتشف أننا نعيش فى مجتمع فقد ثورته، لأن الغل عاد يسكن القلوب، والتعصب عاد يسكن العقول.

الأنظمة المستبدة تحمى نفسها بتطبيق مبدأ "فَرِّقْ تَسُدْ"، والفرقة يغذيها التعصب، فعندما يملأ التعصب قلب إنسان يعميه، فلا يرى فى غيره إلا كل شر، ولا يرى فى نفسه إلا كل خير، ويسعى لتحقيق مصلحته وحده، ويعقد صفقاته منفردًا، ولا يرى فى ذلك إلا مصلحةً للوطن.

المتعصبون وحدهم يتحملون مسئولية سقوط دولة الثورة فى ميدان التحرير، لأن بناة دولة التحرير لا يوجد بينهم ثائر واحد مارس الديمقراطية فى أى كيان سياسى قبل الثورة، لقد واجه الثوار نظام مبارك المستبد بذواتهم المستبدة وكياناتهم الأكثر استبدادًا.

نحن لا نستحق أن نحيا فى دولة الحرية التى قامت فى الميدان أيام الثورة، لأننا مستبدون. شباب الحركات الثورية من الإسلاميين والليبراليين واليساريين رأوا استبداد مبارك، ولم يروا استبداد قادتهم وكياناتهم.

دعاة الدولة الإسلامية الذين يبشروننا بدولة الحرية والعدالة لم ينتزعوا لأنفسهم حقهم فى حرية الرأى والتعبير وتداول السلطة داخل مقرات تنظيماتهم!! ودعاة الدولة المدنية، الذين يرون فى الدولة الدينية دعوة للفرقة والتشتت بين أبناء الوطن الواحد، لا يستطيعون توحيد صفوفهم وتقوية كلمتهم!!

الطريق إلى دولة الميدان يبدأ بتنظيم الحياة السياسية، وإرساء قواعد واضحة لممارسة الديمقراطية، على أن تكون القاعدة الأولى هى ضمان ألا يستفيد من الديمقراطية إلا من يؤمن بها ويمارسها داخل تنظيمه، وأن نتفق على أن صناديق الانتخابات ليست هى الديمقراطية، وإنما هى إحدى مراحلها المهمة، يسبقها ويتبعها كثير من المراحل التى لا تقل عنها أهمية.

خلاصة القول:

الثورة لا تكون ضد مستبد، وإنما تكون ضد الاستبداد، فإذا سقط طاغية وخلفه داعية وظلت قواعد الاستبداد حاكمة؛ فـ "لا ثورة ولا يحزنون".





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة