قالت المنظمة الدولية "هيومن رايتس ووتش" أمس، فى بيان لها، إنه يتعين على السلطات المصرية أن تُوجه تزايد حضورها الأمنى فى شبه جزيرة سيناء إلى تحرير المئات من المهاجرين المحتجزين طلباً للفدية، مع تعرضهم للانتهاكات من طرف عصابات الاتجار بالبشر وغيرهم من المجرمين، وعلى قوات الأمن أن تحتجز عصابات الاتجار وتحقق معها وتلاحقها جنائياً.
وقامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق ما يحدث فى سيناء من عمليات الاتجار بطالبى اللجوء والمهاجرين الذين يأتى معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء، الذين يتعرضون للتعذيب والاعتداء الجنسى للضغط على ذويهم لدفع الفدية.
وقالت المنظمة فى تقرير لها نشر على موقعها الإلكترونى: إن فى عهد مبارك كان مسئولو الأمن يمتنعون عن التدخل لحماية الضحايا، رغم تمتع مصر بقانون قوى لتجريم الاتجار بالبشر.
وأضاف التقرير أن عقب اعتداءات رفح على الجنود المصريين فى نقطة أمنية على الحدود مع إسرائيل الذى راح ضحيته 16 جندياً مصرياً؛ أمر الرئيس محمد مرسى قوات الأمن "بفرض السيطرة الكاملة" على سيناء.
قال جو ستورك، نائب المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط فى "هيومن رايتس ووتش":" الآلاف من طالبى اللجوء والمهاجرين القادمين من أفريقيا جنوبى الصحراء الذين يحاولون عبور سيناء، وقعوا ضحية انتهاكات عصابات الاتجار وغيرهم من المجرمين، وعلى الحكومة المصرية الجديدة أن تستغل تزايد عملياتها الأمنية لإنقاذ ضحايا الاتجار وإنهاء هذه الانتهاكات".
أكدت مصادر فى القاهرة لـ "هيومن رايتس ووتش" حدوث زيادة مطردة فى عدد ضحايا الاتجار الذين تعرضوا للتعذيب والاغتصاب والاعتداء الجنسى على مر العامين الماضيين.
كانت "هيومن رايتس ووتش" قد تلقت تقاريرا عديدة فى السنوات الأخيرة عن عصابات إجرامية منظمة تحتجز المهاجرين فى سيناء بغرض الابتزاز قبل السماح لهم باستكمال الرحلة إلى إسرائيل.
وفى ديسمبر 2010 نشرت "هيومن رايتس ووتش" تقريراً عن شبكة منظمة للاتجار بالبشر فى سيناء وقع ضحيتها مئات وربما آلاف من طالبى اللجوء والمهاجرين من أفريقيا جنوبى الصحراء، معظمهم من إريتريا.
ويقوم المتاجرون باحتجاز ضحاياهم فى مواقع متنوعة فى سيناء لأسابيع أو شهور إلى أن يدفع أقاربهم فى الخارج عشرات الآلاف من الدولارات مقابل الإفراج عنهم، أما من يعجزون عن الدفع فيظلون فى الأسر ويُرغمون على تسديد دينهم بالسخرة، فى أعمال زراعية أو أعمال نظافة أحياناً، كما قالت بعض المصادر المحلية الموثوقة لـ"هيومن رايتس ووتش".
وأضاف التقرير أن فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، كانت الحكومة ترفض الاعتراف بوقوع الأفارقة من جنوب الصحراء ضحايا لهذه الشبكات الإجرامية، التى ازدهرت فى ظل غياب فرض سيادة القانون فى سيناء، على حد تعبير "هيومن رايتس ووتش"، ولا يتفق هذا الموقف مع القانونين المصرى والدولى حول الاتجار بالبشر، اللذين يلزمان الحكومة بحماية ضحايا الاتجار وملاحقة المتاجرين جنائياً.
وينص القانون المصرى رقم 64 حول مكافحة الاتجار بالبشر فى مادته رقم 2 على تعريف الاتجار بأنه بيع أو نقل الأشخاص باستخدام القوة أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو استغلال الأشخاص لأغراض من قبيل السخرة أو الخدمات أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد.
ويندرج الاتجار بالمهاجرين الأفارقة فى سيناء بوضوح تحت هذا التعريف، إلا أن السلطات المصرية حتى الآن لم تتخذ أى إجراء لوقف الاتجار وحماية الضحايا وملاحقة المسئولين عنه، كما قالت "هيومن رايتس ووتش": لم تتم ملاحقة قضائية للمتجرين وغيرهم من المجرمين المسئولين عن انتهاك المهاجرين وملتمسى اللجوء الأفارقة فى سيناء على حد علمنا.
وتابعت: الملاحقات القضائية المتعلقة بالاتجار بالبشر نادرة، حسب المجموعات التى تتابع القضية، وتركز التحقيقات عادة على حالات العاملات المنزليات الأجنبيات أو الاتجار بالمصريين فى الخارج، فى إحدى القضايا الحديثة، فى 20 أغسطس، أمرت نيابة العمرانية باحتجاز ضابط شرطة قطرى مقيم بالقاهرة هو وزوجته بتهمة الاتجار بعد أن قفزت عاملتهما المنزلية الإندونيسية البالغة من العمر 26 عاماً إلى حتفها من الطابق الرابع فى الجيزة، بمحافظة القاهرة الكبرى، كان يجرى حبس العاملة داخل الشقة بانتظام، كما ورد فى الاتهام الرسمى، وأفرجت النيابة عن الاثنين بكفالة فى اليوم التالى.
وقال جو ستورك:" ينبغى لحكومة الرئيس مرسى أن تنأى بنفسها عن سياسات نظام مبارك وأن تأخذ حقوق ضحايا الاتجار فى الحسبان عند تخطيط عمليات إنفاذ القانون فى سيناء، وينبغى أن يتم تنفيذ العمليات الأمنية فى سيناء بما يتفق مع قانون حقوق الإنسان، لتجنب المزيد من انعدام الثقة مع سكان سيناء".
"هيومن رايتس ووتش": على مصر ملاحقة عصابات الاتجار بالبشر فى سيناء
الخميس، 06 سبتمبر 2012 01:18 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة