ينتابنى العجب من سلوك بعض الشعوب، وسلوكنا نحن، حيال مشكلاتنا، فهناك منهم من يقرر التغير ويرى فيه خطوة ممكنة، وربما تجد التغيُّر قد بدأ بمجرد الاقتناع بحتميته عندهم، أما لدينا فنجد نبرة التغيير تنشأ بين عقيدة تظنه من المستحيلات، وأشد الناس تفاؤلاً قد يجده صعبًا يحتاج لوقت.
أتساءل: من أين نأتى بمقاييس السهولة والصعوبة؟ فهناك شعوب قد غيرت مسار سلوكها فى سنوات قليلة حتى أنها سبقتنا وأصبحنا نضرب بها المثل، بعد أن كنا نحن لهم المثل، أليسوا هم بشرًا ونحن بشرًا؟!! ألهم قلوب غير قلوبنا؟!! ألهم عزيمة تزيد على عزيمتنا؟!! أكاد أحترق غيظًا ممن يعرف الحق وحتميته ولكنه يسير حسب الباطل المتبع فى المجتمع، وأجد فى نبرته وهو يصف الحق نبرة يأس من تحققه، فمتى يتحقق إذًا؟
إننى أرى المستحيل ممكنًا، وأرى الحق راسخًا قويًّا، وأحق بأن ندافع عنه، ونَثبُت فى سبيل تحققه، يتساءل كثيرون عن ثورة لم تغير فى سلوكنا شيئًا، كما لو كنا ننتظر من يُغيرنا ونكتفى نحن بالمشاهدة، أتساءل: متى يأتى دورك ودورى ودور كثيرين يرون الحق ولا يحققونه؟ أقول لهم إن دورك ودورى، فى البيت، العمل، فى أبسط الأفعال والكلمات لأسرتك وزملائك، حتى الكلمات التى ترددها منك لنفسك، أو منك لربك، إن الذى يعرف الحقَّ ويدعُو الله لتحقيقه؛ عليه أن يُرِى الله صدق دعائه فى أفعاله قبل كلماته، بأن يرى أمنياته ممكنة ويخطط لها ويحاول جاهدًا لتحقيق خطوات خطته بها.
حتى إن تعثرت خطواته، ولنقل كما يروق للبعض: "فشل" فى تحقيقها. مع تحفظى على كلمة "فشل"، فأى الاختيارين أحق.. إنسانٌ متعثر أم إنسان ميت؟ إن تأثير الصعوبة التى تورث النفس اليأس من التحرك هو والموت سواء، إن من اختار المحاولة اختار حقه فى العلم، حقه فى الخطأ وتصويبه، حقه فى الحلم وتحقيقه، حقه فى الحب والتحدى من أجل اختياره، إن من يرى الحق ممكنًا وسعى أن يكون له بحياته مكان؛ يكون قد انتزع حقه فى الحياة ومكانه ومكانته فيها، وكيف لا نرى الحق سهلاً وكان الله عونًا ونصيرًا لمن تمسك به، وكفى بالله نصيرًا؟ وإن قدر لنا الاختيار فى صراع مشاعرنا وما جمعناه من ميراث أيامنا الفائتة؛ فأى الاختيارين أحق.. ميراثُ اليأس أم ميراث العمل؟ وأى الاختيارين أحق.. ميراث الحق أم ميراث العجز عن تحقيقه؟
محمود كرم الدين محمود يكتب: "الحق السهل.. والباطل المميت"
الخميس، 06 سبتمبر 2012 03:11 م