بعد انتهاء شهر رمضان من كل عام أصبر، وأترقب انخفاض عدد الفقراء والمساكين، ولكنهم للأسف يزدادون ويستمر مسلسل "الكل بيشحت من كله، والجميع بيستسهل مد إيده والحكاية بقت سداح مداح"، أقول لنفسى: طب فلوس زكاة الفطر والمال بتروح فين؟
القصة أن بعض من يحصلون على الزكاة مش من الفئات المحتاجة، حتى المحتاجين الزكاة بتشجعهم على البطالة.
السبب أن بعض المحتاجين يتكلون على جهود غيرهم من الأغنياء الذين يدفعون الصدقات، فهل يرضى الإسلام لأتباعه هذا الوضع؟
شوف يا صاحبى لما أقولك: الزكاة فرضت أصلاً لحل مشكلة الاختلال الطبقى وتحقيق العدالة الاجتماعية بحيث لا يظهر الغِنَى الطاغِى إلى جانب الفقر المدقع، ولمنع احتكار الثروة عند فئة قليلة "كى لا يكون دُولَة بين الأغنياء منكم".
الحكاية أن الزكاة لو جمعت من الأغنياء بحقها لما بقى فقير واحد فى مصر، هذا ما قاله الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الديار السابق فى حديث لـ "الجمهورية الأسبوعى" وقال إنه أعد مع خبراء وعلماء دراسة متكاملة لإقامة مؤسسة لا تتبع الدولة لجمع الزكاة وإقامة مشاريع صغيرة لعدد ضخم من الشباب العاطلين.
عارفين قيمة الزكاة التى قدرتها الدراسة وصلت كام؟ أكثر من 20 مليار جنيه سنويًّا، يعنى "مبلغ" يكفى المحتاجين وغير القادرين على العمل، ويساعد على إقامة مشروعات صغيرة تقضى على البطالة، لكن النظام السابق رفض الفكرة بحجج واهية متخلفة.
النتيجة أن الفقر ازداد شراسة بما لديه من قدرة سحرية على تحطيم النفس البشرية.
ببساطة.. الزكاة ليست مجرد سد جوع الفقير، أو إعانته فى محنته، لكن وظيفتها الحقيقية تمكين الفقير من إغناء نفسه بنفسه؛ حتى يكون له مصدر دخل ثابت يغنيه عن طلب المساعدة من غيره.
التفكير الإسلامى العملى والمنطقى والإنسانى يدعو لأن نستخدم عقولنا من أجل إحكام المعادلة اجتماعيًّا وسياسيًّا والتعجيل بإحياء فكرة القانون الموحد لجمع وتوزيع الزكاة.
صحيح أن أصحاب الجلود السميكة "حيستغلوا" الحكاية لأنفسهم، ويمكن أن تُجمع الزكاة، ولكن توجه بعشوائية، فتصل إلى غير مستحقيها، لكن إن صحت النية وتم جمع الزكاة بشفافية واختيار علماء وفقهاء أفاضل يشرفون عليها، وتحديد حالات المحتاجين الحقيقيين والتصريح بقيمتها ونشرها بالمساجد وجميع وسائل الإعلام؛ لإضفاء الشفافية على هذه العملية الخيرية واستثمارها بشكل فاعل لخدمة المحتاجين والمجتمع كله؛ فستكون النتيجة تخفيف حدة الفقر وتحقيق التضامن والتكافل بين أفراد المجتمع، وساعتها نمتنع نهائيًّا عن دفع أى "فلوس" لمدعى الشحاتة فى الشوارع.
"أن تطعم جائعًا فقد سددت جوعه يومًا.. أما أن تخلق له فرصة عمل فقد أطعمته أبدًا".