انتقدت مؤسسة كارنيجى الأمريكية نظام التعليم العالى فى مصر، والذى ورثه الحكومة المدنية الجديدة من عهد مبارك، ووصفته بأنه مختل بشدة ويعانى من نقص فى التمويل وأعداد الموظفين وأسلوب الإدارة غير الشفاف والقمع السياسى، مشيرة إلى أن التغيير الذى حدث فى مجال التعليم العالم لم يرق إلى كونه ثورة.
وقالت المؤسسة الأمريكية فى دراسة منشورة على موقعها الإلكترونى إن إصلاح التعليم العالى لم يحظ بالأولوية خلال المرحلة الانتقالية المضطربة فى مصر، فرغم بعض التحسينات المؤثرة التى تمت فى الجامعات مثل إجراء انتخابات طلابية حربة وانتخابات على المناصب الإدارية فى الكليات، وكسر قبضة الشرطة والمخابرات داخل الحرم الجامعى، إلا أن الوضع القائم ظل على ما هو عليه إلى حد كبير، فأعيد انتخاب العديد من المسئولين الحاليين. ورغم أن الشرطة وقوات الأمن لم تعد تتدخل مباشرة فى شئون الجامعات، إلا أنها لا تزال تراقب الطلاب، كما تعثرت خطط استبدال القانون المقيد الذى ينظم شئون الجامعات، وتعطلت اللوائح الطلابية فى مواجهة حالة من عدم الاستقرار والصراع بين قوى الإسلامية والعلمانية.
وأكدت لندسى أورسولا، كاتبة التقرير، أن وضع الجامعات المصرية لن يتحسن ما لم تتوافر الإرادة السياسية اللازمة لخلق نظام أكثر شفافية وإنصافا. ودعا كارنيجى إلى ضرورة منح الجامعات سلطة الرقابة والسيطرة على ميزانيتها، وأن تبدأ نقاشا مفتوحا ومستنيرا بشأن توزيع الموارد العامة.
وشدد المركز الأمريكى على ضرورة أن تجرى مصر عملية إصلاح شاملة لطريق توظيف جامعتها الوطنية لأعضاء هيئة التدريس وقبول الطلاب وتطوير برامج جديدة تزود اللطاب بشهادات مفيدة فى سوق العمل اليوم.
كما قال التقرير إنه برغم الحساسية السياسية للقضية، إلا أن هناك حاجة إلى إعادة تقييم التزام الدولة بتوفير التعليم الجامعى المجانى لجميع المواطنين.
ودعا كارنيجى مصر إلى ضرورة القيام بعدد من الإصلاحات الأساسية والصعبة لتحسين نظام الجامعات الحكومية المثقل بالأعباء وضعف الأدء، مشددا على أن هذا أمر ضرورى للتصدى لتطلعات الشباب المصريين والاستفادة من إمكاناتهم.
من ناحية أخرى، انتقد التقرير ضعف الإنفاق على البحث العلمى والتطوير، وقال إنه وفقا لتقرير صادر عام 2010 عن منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، بلغت ميزانية التعليم العالى 0.2% من الناتج الإجمالى المحلى عام 2006، وتأمل الحكومة أن ترفعها إلى 0.5% عام 2012.
كما أشار التقرير إلى أن جزء كبير من التمويل الحكومى يذهب إلى شبكة من معاهد البحوث الحكومية المكتظة بالموظفين، والتى تعمل على برامج بحثية غير منسقة عفا عليها الزمن، بدلا من أن يذهب إلى الجامعات، ولا يُجرى فى الجامعات سوى القليل جداً من الدراسات التطبيقية، فى حين لا تُجرى أى دراسات حقيقية فى مجال البحوث والتنمية تقريباً، وتعبيرا عن مأساة البحث العلمى، قال التقرير إن الأساتذة المصريون، الذين سعوا إلى الحصول على درجات جامعية عليا أو وظائف فى الخارج وعادوا إلى العمل فى الجامعات الوطنية، يشعرون بالصدمة، حيث أن الوضع فى مصر يثبّطهم.
هذا الوضع له آثار حقيقية على القدرة التنافسية العالمية لمصر. فهى تتخلّف عن كثير من البلدان الأخرى النامية فى مؤشرات مثل عدد براءات الاختراع المسجلة، أو عدد المقالات العلمية المنشورة لكل باحث، ويبدو أن الوضع يزداد سوءاً، وفقاً لتقرير صادر عن الحكومة المصرية، زادت وتيرة هروب العلماء المصريين إلى الخارج منذ بدء انتفاضة العام 2011.
وتحدث التقرير عن أبز مشكلات الجامعة المصرية، وقال إنه على رأس هذه التحديات، معاناة الجامعات من عقود من التدخل السياسى والقمع من جانب أجهزة الأمن. فقد اعتبر حرم الجامعات مصدراً محتملاً للنشاط السياسى والمعارضة، وتبعاً لذلك تم التعامل معه بوصفه يمثل تهديداً أمنياً، إن لم يكن أكثر، بقدر ما هو محرك للتنمية الوطنية.
كما أن قطاع التعليم العالى يعانى مع الأسف من أوجه القصور نفسها التى تعانى منها معظم بيروقراطية الدولة المكتظّة بالموظفين الذين يتقاضون أجوراً منخفضة، وفى بعض الحالات يكونون غير مؤهّلين، ولا يقدمون سوى القليل من الحوافز وسبل اقتراح الإصلاحات.
كارنيجى: نظام التعليم العالى مختل فى مصر.. والشرطة لا تزال تراقب الطلاب رغم بعض التحسينات فى الجامعات بعد الثورة.. والمركز الأمريكى يدعو لضرورة منح الجامعات سلطة الرقابة والسيطرة على ميزانيتها
الأربعاء، 05 سبتمبر 2012 10:50 ص