أُكِنُّ تقديرًا وإعجابًا كبيرين بالدكتور باسم يوسف، لأنه من بين قلائل لديهم ملكة وميزة إضحاك المشاهد، وتبصيره، بذكاء يحسدون عليه، بمواضع الخلل والضعف فى البنيان الاجتماعى بطريقة السهل الممتنع، وما يزيد من إعجابى به أنه يسمِّى الأشياء بأسمائها، ولا يتخفَّى خلف عبارات وجمل مطاطية جُلُّ غرضها عدم التفكير بعمق؛ بحثًا عن جذور مشاكلنا من رغيف الخبز وكوب الماء والانفلات، وصولاً إلى الفتنة الطائفية.
ولكى لا يطول الاستهلال سأدخل مباشرة لصلب القضية، إذ صعقنا الدكتور باسم بمقال شجاع، الأحد الماضى، عنوانه: "فوائد الإلحاد" تطرق فيه إلى تزايد الملحدين فى البلدان العربية المجاورة، وتساءل عمَّا عسانا نفعله فى المستقبل القريب، إذا بدأ هؤلاء الناس فعلاً بالكشف عن معتقداتهم مع وجود مقدمات لذلك. وأفاض فى شرح وجهة نظره بشأن كيفية التعامل مع الظاهرة، داعيًا إلى تغيير الخطاب الدينى الإسلامى للتواصل مع الأجيال الجديدة، وكأن الخطاب الإسلامى هو المقصر الوحيد فى التجديد.
نبرة كلام الدكتور باسم فى مقاله توحى بأن مصر تقف فى مواجهة فيضان إلحاد جارف يدق على بابها بقوة وعنف، وبأنه يستحسن تدارك الأمر بالتقدم خطوة للأمام للتعاطى معه قبل أن يباغتها فى وقت ليس ببعيد، وحينئذ لن ينفعها الندم.
يا دكتور باسم.. من الواضح أن الموضوع استحوذ على مساحة لا بأس بها من تفكيرك ـ وهذا حق لا ننازعك فيه ـ لكن ألا ترى معى أن الإلحاد آفة قديمة متجددة فى المجتمعات العربية والإسلامية والغربية منذ ردح من الزمن، وأنها بادية وواضحة أكثر فى المجتمعات الغربية، حيث طغيان الفكر المادى على ما عداه، وأن الأصل والجوهر فى الأديان السماوية قاطبة هو حرية الاعتقاد، "فمَن شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر"، وأن مصر ليست استثناء، وفيها أعداد من الملحدين لا نقدر على معرفة حجمها الحقيقى، لأنهم يتوارون خلف الأبواب المغلقة وصفحات الـ "فيس بوك"، لكنهم فى كل الأحوال ليسوا بالكثرة التى تهدد دعائم وثوابت المجتمع الدينية؟
ثم ألا تعتقد يا دكتور باسم أن حديثك بهذه الصيغة سَيُفهم منه أن الرد العملى على صعود التيار الإسلامى فى بلادنا كان تزايد عدد الملحدين، بما يُلصق التهمة بالمسلمين دون غيرهم؟ وألا يوجد بين المسيحيين من سار على درب الإلحاد؟ وبالنسبة لما أثرته حول إقدام الملحدين على عقد مؤتمرات وندوات يشرحون فيها أفكارهم ومبادئهم، وما إذا كنا سنقبل بانعقادها ومحاورتهم؛ فإن ردى أنه غير مقبول. فالأفراد يحق لهم اعتناق ما يريدونه بدون تضييق عليهم، شريطة عدم المساس بالسلم الاجتماعى واستقراره، فمثل تلك الندوات والمؤتمرات ستفتح مسالك الفتنة وسفك الدماء، فنحن نعيش وسط مجتمع لديه فائض وفير من الجهل والأمية، ومن اليسير اللعب بعقول الجهلاء وتحويلهم لأسلحة دمار شامل، فكيف سيقبل بمَن ينكر وجود إله خالق سيقف أمامه الخلائق يوم القيامة للحساب؟
إن المجتمع الغربى بكل ما فيه من انفتاح وحرية عندما يَشْتَمُّ نُذر أخطار تهدد السلم الاجتماعى يبادر إلى التدخل، حتى لا يختلط الحابل بالنابل وتحدث بلبلة يكتوى بنارها الجميع، فما ظننا ببلد يتصدر دستوره أنه مسلم، وأن الشريعة الإسلامية تُعد مصدرًا للتشريع؟!
ثم إن الإلحاد - وبافتراض زيادة الساعين إليه - ليس هو المشكلة الآنِيَّة المُلحة لمصر فى التوقيت الحالى، فالبلاد مأزومة اقتصاديًّا وسياسيًّا وأمنيًّا، فواجبنا أن ننشغل بإيجاد الحلول لها، وليس الدوران فى فلك قضايا افتراضية تهدر الوقت والجهد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سميه عبد التواب
فزلكة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
لا تعليق
عدد الردود 0
بواسطة:
أميرة
إلى رقم 1
عدد الردود 0
بواسطة:
وحيد
فرصة قد لا تتكرر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود ملحد و افتخر
الالحاد هو الحق و الاديان هى الباطل
عدد الردود 0
بواسطة:
Omar
الملحد فى بلادنا يمكن أن يربى لحية و يرتكب كل الموبقات باسم الدين لأنه لا يخاف الله أصلا
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالعزيز محمد
ملحدون الى الابد
عدد الردود 0
بواسطة:
hanoo
إلألحاد نتيجة طبيعية