المستشار محمد الوصال

لماذا "تناسيت" يا رئيس الجمعية التأسيسية؟

الأحد، 30 سبتمبر 2012 07:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فوجئ الشعب المصرى وأعضاء الجمعية التأسيسية بالمستشار حسام الغريانى، رئيس الجمعية التأسيسية، يبدى رأيه، فى محاضرة طيلة ما يقارب الساعة بالمخالفة لكافة القواعد الحاكمة لإدارة جلسات الجمعية التأسيسية، فيما اقترحته لجنة نظام الحكم فى شأن كيفية إصلاح المنظومة القضائية لتحقيق آمال الشعب المصرى فى هذا الشأن؛ لضمان نزاهة واستقلال القضاء وسرعة الفصل فى الخصومة وحل مشكلة تكدس القضايا بالمحاكم المدنية.

وقد ذكر سيادته فى معرض حديثه أنه وعدد كبير من قيادات رجال القضاء يرفضون ما انتهت إليه لحنة نظام الحكم فى شأن تولى مستشارى هيئة قضايا الدولة النيابة المدنية باعتبارها الجهاز القضائى الذى سيكون مسئولاً عن تحضير الدعوى المدنية وتحقيقها قبل إصدار المحكمة حكمها فيها.

وقد أوضح سيادته أسباب هذا الرفض والتى ملخصها أن هيئة قضايا الدولة تتولى الدفاع عن "الحكومة" وليس الدولة، ومن ثم فإن عملها ليس قضائياً، فضلاً عن أنهم لا يشعرون بالاستقلال، وأن ضمهم إلى القضاء سيمنع الأمة من اختيار قضاتها، وهو ما سيضير القضاء، فضلاً عن أن نظام النيابة المدنية "قاضى التحضير" سبق وأن أثبت فشله حال تطبيقه فى مصر.

وقد "تذكر" سيادته وذكر فى هذا الشأن مذبحة القضاء التى حدثت عام 1969، وأوحى لأعضاء الجمعية التأسيسية والشعب المصرى أن ما تقترحه لجنة نظام الحكم هو إعادة وتكرار لهذه المذبحة مرة أخرى، مثلما سبق وأن أوحى لهم فى الجلسة السابقة أن محكمة النقض سبق وأن استقرت على أن هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية لا يعدا من الهيئات القضائية فى مصر استناداً إلى " مذكرة" بالرأى ــ وليس حكماً قضائياً - فى إحدى قضايا الطعن بالتزوير على الانتخابات أعد من دائرة سيادته خالفه وادحض حجيته قرار للهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية صدر بقضائية هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية.

وليسمح لى سيادته أن يجيبنى على الأسئلة الآتية:
أولا: لماذا تناسيت معالى المستشار القاضى أن تذكر أن هيئة قضايا الدولة هى أقدم هيئة قضائية أنشئت - ليس فى مصر فحسب – بل فى الشرق الأوسط عام 1875 حال أن كانت مصر الحديثة تخطو أولى خطواتها نحو نظام الدولة الحديثة، وأن أول "دكريتو" صدر منظماً لأعمالها قد نص فى ديباجته على استقلالها وتمتعها وأعضائها بذات ضمانات وحصانات أعضاء المحاكم المختلطة فى مصر، بل وأنهم كانوا يرتدون زى قضاة المحاكم المختلطة فى هذا الوقت، وأن مهمتهم التى كلفوا بها كانت الدفاع عن أموال الدولة المصرية أمام المحاكم المختلطة. إذ لم يكن القضاء الأهلى قد أنشئ بعد، وهذا هو ما يفسر مقولة أن هيئة قضايا الدولة هى أعرق هيئة قضائية - بل ومن القضاء نفسه.

كما تناسيت سيادتكم أن أحد أعضائها قد اشترك فى إعداد أول لائحة لترتيب المحاكم الأهلية، وأن كافة المراسيم التى صدرت فى شأن هيئة قضايا الدولة قد ساوت بين أعضاء هيئة قضايا الدولة منذ هذا التاريخ وأعضاء النيابة العامة والقضاء (منذ عام 1875) وحتى الآن، كما لم تذكر سيادتكم أن هيئة قضايا الدولة هى الهيئة القضائية الوحيدة التى تولت حماية أموال المصريين والدفاع عنها، وإفتاء كافة جهات الدولة وصياغة تشريعاتها ودراستها قبل إصدارها حتى إنشاء مجلس الدولة عام 1946، ونحمد الله عز وجل أن التاريخ لم يثبت تورط أى من مستشاريها فى اعتماد أى عقود أو تصرفات تسببت فى إهدار أموال هذا الشعب على مر هذا التاريخ وما تلاه.

كما "لم تتذكر" وتذكر سيادتكم أن هناك من الأدلة التشريعية والقضائية (بكافة أنواعها) والفقهية والواقعية على قضائية هذه الهيئة وأعضائها، حيث كنا ننتظر من سيادتكم أن توضح للسادة أعضاء الجمعية التأسيسية أنك باستقراء أول قانون لمجلس الدولة وهو القانون رقم 12 لسنة 1943 قد نص على أن مجلس الدولة "هيئة" قائمة بذاتها "تلحق بوزارة العدل"، كما نص بالقانون رقم 13 لسنة 1943 الخاصة بهيئة قضايا الدولة على أن "إدارة قضايا الحكومة إدارة "قائمة بذاتها" تلحق بوزارة العدل"، وهو ما يعنى أن المشرع قد استخدام ذات اللفظ بالنسبة لكل من هيئة قضايا الدولة ومجلس الدولة، وهو ما يدل على قضائية هذه الهيئة منذ قديم الأزل.

كما "لم تتذكر" أن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 75 لسنة 1963 قد أوضحت مدى أهمية دور هيئة قضايا الدولة فى حماية المال العام وأموال الدولة المصرية وهو ما جعلتها تصف عمل هيئة قضايا الدولة بالقرار بقانون 10 لسنة 1986 بأنه عمل قضائى باعتبار أنها ذات المهمة المكلف بها أعضاء النيابة العامة.

كما لم تتذكر سيادتكم أن المحكمة العليا والمحكمة الدستورية العليا سبق وأن أصدرا ما يزيد على الأحكام العشرة التى تفيد قضائية هيئة قضايا الدولة بدءاً من عام 1976 - أى قبل إصدار القرار بقانون 10 لسنة 1986 - بتعديل قانون هيئة قضايا الدولة والذى كشف عن قضائيتها، وكان أبرزها قرار التفسير الصادر عن المحكمة الدستورية العليا عام 2004 والذى أوضح فيه أن لجنة نظام الحكم التى أعدت دستور 1971 لم تختلف حول مدى قضائية هذه الهيئة العريقة، وإنما اختلف الرأى حول النص عليها فى الدستور صراحة من عدمه حيث انتهى الرأى لحسن الصياغة التشريعية إلى الاستقرار على نص المادة 167 من دستور 1971 وذكره بباب السلطة القضائية باعتبارهم يخضعون لذات أحكام السلطة القضائية وذلك من باب حسن الصياغة الدستورية فحسب.

كما تناسيت سيادتكم أن القضاء المدنى العادى قد اعترف بقضائية هيئة قضايا الدولة حينما رفع بعض أعضائه دعوى مساواة أعضاء القضاء العادى بمستشارى هيئة قضايا الدولة فى إعانة التهجير، حيث قضت محكمة النقض بذلك عام 1993 استناداً إلى قضاء المحكمة الدستورية العليا، بل وكان هناك اعتراف معاصر من محكمة النقض المصرية صادر بمقتضى حكم لها بتاريخ 24 يونيو 2011 استناداً إلى ذات حكم المحكمة الدستورية العليا، واستند فى أسبابه إلى نصوص أحكام قانون هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية ومجلس الدولة باعتبار أنها من الهيئات القضائية على غرار تسبيب حكم المحكمة الدستورية العليا.

كما تناسيت سيادتكم أن القضاء الإدارى قد اعترف بقضائية هذه الهيئة بموجب مئات الأحكام بل الآلاف، وكان من أبرزها الحكم الصادر من القضاء الإدارى عام 1953 - أى قبل صدور دستور 1971 أصلاً، وكذا القرار بقانون 10 لسنة 1986 الكاشف على قضائية هذه الهيئة - فى الدعوى التى أقيمت آنذاك من الدكتورة عائشة راتب للالتحاق بمجلس الدولة وقضى برفضها، وتضمن فى أسبابه حصراً للهيئات القضائية فى مصر وضمنها هيئة قضايا الدولة.

كما تناسيت سيادتكم أن مجلس الدولة قد ولد من صلب هيئة قضايا الدولة بعد أن نادى به وباستقلاله العلامة عبد الحميد باشا بدوى أول رئيس مصرى لهيئة قضايا الدولة، وهو الذى أعد مشروع قانون مجلس الدولة الأول الصادر عام 1943 بعد جهد جهيد من سيادته، والذى حارب من أجل استقلال قرار مجلس الدولة فى بداية نشأته، كما تناسيت أيضا فى هذا الشأن أن الرعيل الأول من قضاة مجلس الدولة الشامخ الآن كان من مستشارى هيئة قضايا الدولة والذى أرسى المبادئ القضائية الأولى التى أقام عليها مجلس الدولة بناءه الشامخ حتى الآن، فضلاً عن أن هيئة قضايا الدولة هى التى ساندت مجلس الدولة منذ بداية نشأته وأهدته اختصاصها الأصيل وهو "الفتوى والتشريع" وقت أن كان وليداً يحبو فى عالم القضاء، كما كانت مكتبته الأولى هى إهداء من هيئة قضايا الدولة حتى يتمكن شبابه من إيجاد المادة العلمية التى تساعد شبابه على تكوين ملكاتهم القانونية والقضائية. كما تناسيت سيادتكم فى هذا الشأن أن النيابة الإدارية كانت هى الهيئة القضائية الثانية التى خرجت من رحم هيئة قضايا الدولة أيضاً، واستقلت باختصاصها بالتحقيق مع كبار رجال الإدارة بعد أن كان هذا الاختصاص اختصاصاً أصيلاً لهيئة قضايا الدولة.

وإن دل ما تقدم فإنما يدل على أن هيئة قضايا الدولة هى بمثابة الهيئة الأم لكافة الجهات والهيئات القضائية فى مصر، فهل لنا بعد ذلك أن نتناسى هذه الهيئة القضائية الأم لكافة الهيئات والجهات القضائية، وننكر عليها قضائيتها معالى القاضى رئيس الجمعية التأسيسية؟!.
أما فى شأن طبيعة أعمال هيئة قضايا الدولة وما إذا كانت ذو طبيعة قضائية أم قانونية فحسب، فاسمح لى سعادة المستشار أن أؤكد أن سيادتكم قد تناسيتم -عمداً- هذه الطبيعة القضائية لأعمال هيئة قضايا الدولة، إذ كلف القانون هيئة قضايا الدولة بالدفاع عن المال العام الذى هو مال الشعب المصرى أمام القضاء فحسب، شأنها فى ذلك شأن النيابة العامة فى الدعاوى الجنائية المكلفة، وفقاً لأحكام القانون بالادعاء بهذه الأموال العامة فى قضايا التهرب الضريبى والتهرب الجمركى بعد استصدار "إذن" من الوزير المختص بالادعاء بهذه الأموال، وتكلف النيابة العامة بالطعن على الحكم الجنائى الصادر إذا ما رفضت المحكمة الحكم بهذه الأموال والتى تأخذ حكم العقوبة التكميلية، وهو حق للدولة باعتباره من الأموال العامة، وهو ما يعنى أن المال العام قد أضفى عليه القانون حماية مزدوجة تقوم بهما جهتا قضايا الدولة والنيابة العامة فى الكثير من الأحوال، فضلاً عن أن كلا الهيئتين "قضايا الدولة" و"النيابة العامة" قد نص القانون على أنهما خصوم شرفاء فى الدعويين الجنائية والمدنية، فضلاً عن أن كلاهما يمارس دوره المنوط به قانوناً من خلال مذكرات دفاع تقدم أمام محكمة الموضوع، أو مذكرات بالرأى تعرض على رئاسة كل منهما لاعتماد الرأى فيها. وهو ما يعنى أن هناك تطابق فى الدور القانونى لكل من هيئتى قضايا الدولة والنيابة العامة، وهو ما يعنى إضفاء الطبيعة القضائية على أعمال هيئة قضايا الدولة إذا ما أضفيتم سيادتكم الطابع القضائى على أعمال النيابة العامة فى هذا الشأن، ولا يجوز لسيادتكم تصنيف كلا الدورين تبعاً لرغبة سيادتكم دون بيان سند سيادتكم فى التمييز بين كلا الدورين دون مبرر، اللهم إذا كان التمييز من أجل التمييز وهو ما نربأ بسيادتكم عنه.

واسمح لى سيادة المستشار أن أؤكد أيضاً فى ختام هذا البند أن سيادتكم قد تناسيتم الكثير حال إقرار سيادتكم بالجلسة السابقة "أن محكمة النقض قد أصدرت "حكماً" بانتفاء الصفة القضائية عن هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية"، إذ تناسيتم سيادتكم أن ما استندتم إليه سيادتكم هو مجرد مذكرة - وليس حكماً - معدة من دائرة محكمة النقض اختصاص سيادتكم فى عام 2003 فى طعن بالتزوير على إحدى نتيجة انتخابات مجلس الشعب بإحدى الدوائر - ولم يتم نشر هذا الرأى الوارد بهذه المذكرة بالدوريات القانونية على حد علمى - كما أن الرأى الوارد بها لم تعتد به الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية لمحكمة النقض حال عرض الأمر عليها فى ذات العام بعد أن أصدرت دائرة أخرى لمحكمة النقض مذكرة أخرى مخالفة لرأى دائرة سيادتكم، حيث انتهت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية رأيها بقضائية هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية، ومن ثم صحة إشرافهما على الانتخابات، وهو ما يضحى معه الرأى الوارد بسند سيادتكم مفتقداً لأى حجية أدبية أمام دوائر محكمة النقض. ومما يؤكد ذلك أن المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت قرارها فى طلب تفسير مقدم إليها فى شأن تفسير قانون مباشرة الحقوق السياسية انتهت فى ختامه إلى "أن هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية من الهيئات القضائية التى يجوز لهما معه الإشراف على الانتخابات"، وقد استندت المحكمة الدستورية فى قضائها إلى أسباب عديدة أنارت به طريق الحق فى الخصومة، وكان من أهم أسبابها فى هذا الشأن أنه بمطالعة محاضر لجنة نظام الحكم التى أعدت دستور 1971 وجدت أنه لم يكن هناك خلاف بين أعضائها على وصف كلا الهيئتين بالهيئات القضائية، وأن المشرع الدستورى قد ارتأى من باب حسن الصياغة الدستورية فحسب عدم النص عليهما صراحة بالدستور والاكتفاء بوضع النص الدستورى المدعم لوجودهما دستوريا وهو نص المادة 167 من الدستور فى باب السلطة القضائية - وهو ما يعنى خضوع أعضائهما إلى أحكام قانون السلطة القضائية- كما استندت إلى أن الهيئة القضائية هم اسم جنس يشمل فى طياته أعضاء السلطة القضائية وأعضاء هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية باعتبار أنهما من الهيئات القضائية القائمة على حسن سير مرفق العدالة.

وقد تناسيت سيادتكم كل ما سبق واستندتم فى مقولتكم على المذكرة المعدة من الدائرة رئاسة سيادتكم والتى تم دحض الرأى الوارد بها على نحو ما تقدم ضارباً سيادتكم بقضاء المحكمة الدستورية العليا، والهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية عرض الحائط، مخالفاً بذلك ما ناديتم به سيادتكم من قبل من ضرورة احترام أحكام القضاء وإعمال أحكامها.

كما تناسيتم سيادتكم فى آخر هذا الشأن أيضاً أن الأصل أن المشرع الدستورى منزه عن الخطأ والهوى، ومن ثم فإن المشرع الدستورى فى باب السلطة القضائية فى دستور 1971 حينما قصد إيراد نص المادة 167 الخاصة بإنشاء الهيئات القضائية فى باب السلطة القضائية بعد نص المادة 166 من الدستور والتى نصت على ضمانة عدم قابلية القضاء للعزل، لابد وأن يكون قد قصد معنى مختلفاً لمفهوم السلطة القضائية اللفظى، ونرى فى هذا الشأن أن المشرع الدستورى قد قصد تعريف السلطة القضائية بالهدف من وجودها وهو تحقيق سير العدالة على أرض الوطن ومن ثم لم يقتصر على معناها اللفظى القاصر على أعضائها الذين لهم سلطة الفصل فى الدعوى فحسب، وما يؤكد صحة ما تقدم أن القول بغير ذلك يعنى عدم دستورية تعديل قانون السلطة القضائية الصادر عام 1984 بإدخال النيابة العامة ضمن شعب السلطة القضائية، وكذا عدم دستورية قانون مجلس الدولة الذى نص على أن هيئة مفوضى الدولة والجمعية العمومية للفتوى والتشريع ضمن أقسام مجلس الدولة، ذلك أن النيابة العامة وهيئة مفوضى الدولة والجمعية العمومية للفتوى والتشريع مثلهم فى ذلك مثل هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية لا يصدرون أحكاماً فى دعاوى أو يفصلون فى خصومات، وهو ما يعنى أن مفهوم السلطة القضائية - فى دستور 1971 وكذا فى الإعلان الدستورى الصادر عام 2011 المستمد شرعيته من إقرار الشعب له واستقرار ضمير الأمة على مفاهيمه - امتد ليشمل كافة هذه الهيئات النيابة العامة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية وهيئة مفوضى الدولة والجمعية العمومية للفتوى والتشريع باعتبارها من الجهات القائمة على حسن سير مرفق العدالة، وهو ما يؤكد قضائية هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية.

ونخلص من كل ما تقدم أن سيادتكم قد تناسيتم كل ما سبق فى هذا الشأن حينما حاولت نفى الصفة القضائية عن أقدم هيئة قضائية فى مصر والشرق الأوسط التى ولد منها مجلس الدولة والنيابة الإدارية دون مبرر منطقى أو قضائى ولا نعلم لذلك سببا!

ثانياً: لماذا تناسيتم سيادتكم - حال وصف سيادتكم هيئة قضايا الدولة بعدم الاستقلالية ونفى شعور أعضائها بالاستقلال ومحاولة إيهام أعضاء الجمعية التأسيسية أن مستشارى الدولة لديهم إحساس دائم بالتبعية للدولة والولاء الدائم لها - أن السلطة القضائية لم تستقل بعد حتى الآن حيث مازال التفتيش القضائى ورؤساء المحاكم تابعين لوزير العدل، فضلاً عن أن البعض يرى أن انتداب مستشارى أى من الهيئات القضائية يؤثر على استقلال القضاء، وهو ما لاحظنا أن سيادتكم لم تعلق على إلغاء النص الذى كان مقترحاً بحظر ندب أعضاء الهيئات القضائية إلى الجهات الإدارية حرصاً على استقلال القضاء الذى تبتغيه سيادتكم كما نبتغيه نحن.

كما لاحظنا أن سيادتكم قد تناسيت زعيم الأمة سعد زغلول والذى كان منتمياً لهيئة قضايا الدولة، ألم يشعر هذا الزعيم بالاستقلال أم كان ولاؤه للحكومة؟!، وكذلك قاسم أمين؟!، وكذلك المستشار عوض المر رئيس المحكمة الدستورية العليا والذى بدأ حياته مستشاراً بهيئتنا الموقرة، والذى كان العلامة المضيئة فى تاريخ المحكمة الدستورية العليا، والذى دلل على استقلال المحكمة الدستورية العليا بمواجهته للدولة ورئيسها حينما طالب قرر لرئيس الجمهورية فى لقاءه به أنه لن يعمل إلا على طريق العدل وإعلاء أحكام الدستور، ولو كان ذلك على غير هوى الحاكم، فكانت أحكامه نبراساً للعدالة ومنارة يهتدى بها رجال القضاء، وكذلك المستشار عبد الحميد باشا بدوى أول رئيس لهيئة قضايا الدولة وأول قاض مصرى بمحكمة العدل الدولية، وهو من دعا وحارب من أجل إنشاء مجلس الدولة مستقلاً فى قراره نافذاً دون اعتماد من مجلس الوزراء، وهو من دعمه برجال أعلام هيئة قضايا الدولة التى أرست مبادئ مجلس الدولة الشامخ فى بداية نشأته، ألم يكن هؤلاء الرجال مستقلون؟!
كما تناسيت سيادتكم مستشارى هيئة قضايا الدولة الذين تم نقلهم إلى كل من القضاء العادى ومجلس الدولة حتى أوائل التسعينات، أكانت أحكامهم تدين بالولاء أم كانت نبراسا للعدالة تتسم بالتسبيب المتقن الذى يميز أحكامهم بأنها كانت ومازالت تصب فى خانة العدالة الاجتماعية وليس فى خانة الولاء ؟!!!.

كما تناسيت سيادتكم أن مستشارى هيئة قضايا الدولة قد شاركوا "أقرانهم" -ـ كما أقرت كافة التشريعات منذ عام 1876 وحتى الآن - من أعضاء السلطة القضائية فى الإشراف على الانتخابات والاستفتاءات التى أجريت منذ عام 2000 وحتى الآن، ويكفينا فخراً أنه على مدار هذا التاريخ لم تشهد غرف العمليات أى شكاوى من السادة مستشارى الهيئة واتهام أى منهم بتزوير الانتخابات، مثلهم فى ذلك مثل غالبية أعضاء السلطة القضائية كانوا أسوداً على صناديقهم من أجل إيصال الأمانة إلى أصحابها مقاومين لكافة وسائل الضغط التى كانت تباشر عليهم، والتى كانت تصل إلى حد المواجهة والتهديد بإلغاء الانتخابات لتدخل قوات الأمن لتحرير المواطنين من قيودهم وتمكينهم من الإدلاء بأصواتهم وحصرها وفقا لأحكام القانون، وإخلاء ذمتهم أمام الله عز وجل بتسليم نتيجتها إلى اللجان العامة والتى نحمد الله أننا لم نكن أعضاء فيها، ويكفينا فخراً فى هذا الشأن أن القوائم التى تم إعلانها آنذاك قد خلت من اسم مستشار واحد ينتمى إلى هيئة قضايا الدولة، ألم يكن رجال هيئة قضايا الدولة فى هذا الشأن مستقلون؟!

فيا سيدى رجاءً أنت تعلم أن انتماءنا عميق لهذا الوطن وأهله لحماية أمواله فحسب، وأننا يوماً لم ننتمِ لأشخاص أو حكومات، نحن تربينا كرجال عدالة نسعى إلى تحقيقها قدر إمكاننا وفى حدود أدوارنا، فانتماؤنا هو لمن اسمه الحق والعدل ثم لهذا الوطن، فهذا هو انتماؤنا الحقيقى وأنت تعلمه، فلماذا تناسيته؟!!.

ولماذا تناسيت معالى المستشار القاضى أن هناك من المشكلات التى قد تظهر أمام العامة أن القضاء غير مستقل، وقد حدث بعضها أثناء تولى سيادتكم رئاسة المجلس الأعلى للقضاء، ومازال محل حديث إعلامى حتى الآن؟!، ونسأل الله عز وجل أن يحبط هذا الحديث لثقتنا فى قضاة مصر ونزاهتهم.

ثالثا: لماذا تناسيت معالى رئيس الجمعية التأسيسية - حال استعراض سيادتكم لواقعة مذبحة القضاء - وقول سيادتكم ما معناه أن هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية قد تم استخدامهما فى هذه المذبحة، وتشبيه سيادتكم أن اتجاه لجنة نظام الحكم فى باب السلطة القضائية سيؤدى إلى تكرار هذه المذبحة - أن المذبحة قد طالت هيئة قضايا الدولة أيضاً حيث تم فصل عشرة من مستشاريها، كما طالت النيابة الإدارية بفصل اثنى عشر من مستشاريها أيضاً، أى أن المذبحة لم تقتصر على رجال السلطة القضائية فحسب كما صورتم سيادتكم لأعضاء الجمعية التأسيسية، وهو ما يدل على أننا كنا فى مصاف السلطة القضائية نعاقب بمثل ما تعاقب، ونجزى بمثل ما يجزى رجالها، أى أننا كنا "بمركب واحد" حتى وقت مذبحة القضاء.

كما تناسيت سيادتكم أيضا أن تذكر لأعضاء الجمعية التأسيسية أن من أنهى آثار هذه المذبحة كان هو المستشار محمد سلامة رئيس هيئة النيابة الإدارية - والد الدكتور مأمون سلامة - والذى تولى وزارة العدل آنذاك حيث استصدر قراراً بإعادة الجميع إلى أعمالهم القضائية. أى أن من أنهى آثار هذه المذبحة فى أصله هو مستشار بهيئة النيابة الإدارية.
كما تناسيت سيادتكم أن اقتراح لجنة نظام الحكم فى شأن هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية لا يتضمن أى إقالة لأى من أعضاء السلطة القضائية، ومن ثم فلا توجد أى مذبحة أساساً!
فلماذا لم تذكر ذلك معالى المستشار رئيس الجمعية التأسيسية؟!

رابعا: لماذا تناسيت سيادتكم - حال قول سيادتكم أن التحاق أعضاء هيئة قضايا الدولة بالسلطة القضائية سيمنع الأمة من اختيار قضاتها - أن تذكر لنا ما هى أسباب رفض التحاق أوائل كليات الحقوق الذين تذخر بهم هيئة قضايا الدولة والذين استطاعوا اجتياز اختبارات الدكتوراه والماجستير فى القانون، التحريرية والشفوية، بل أن منهم الحاصلون على شهادات اجتياز اختبارات فى الترجمة القانونية من الجامعات الأجنبية، وهو ما يعنى أنهم يمتلكون كافة مؤهلات الالتحاق بولاية القضاء أن كانت قد اقتصرت شروطها على المعايير الموضوعية فى السنوات الماضية، كما تناسيت سيادتكم ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن ثبوت صلاحية المتقدم للوظيفة بإحدى الهيئات القضائية تعنى صلاحيته للتعيين بأى هيئة قضائية أخرى باعتبار أن التعيين فى أى من الهيئات القضائية الأربع يخضع لذات الإجراءات والشروط ويتم التعيين بذات أداة التعيين، ومن ثم يعنى توافر كافة الشروط المطلوبة للالتحاق بأى من الهيئات القضائية، ومن ثم فإن التحاق مستشارى هيئة قضايا الدولة بهذه الهيئة القضائية العريقة يحظر على سيادتكم طلب إعادة تقييمهم مرة أخرى خاصة وأن العمل فى هذه الهيئة الشامخة هو عمل إبداعى يخلق لدى مستشاريها القدرة على إبداع قواعد قانونية جديدة من المبادئ القانونية المتعددة غالباً ما أخذت بها المحاكم العليا، ومن ثم فإن عمل القاضى المقتصر على الترجيح بين قاعدتين قانونيتين معروضتين أمامه، والقدرة على استنباط وجه الحق فى الدعوى أبسط كثيرا من عمل مستشارى هيئة قضايا الدولة الذين امتلكوا مؤهلاته على نحو ما أوضحنا. كما تناسيت سيادتكم أن تذكر لنا ما هى آليات اختيار الأمة لقضاتها، وهل اختارت الأمة المصرية قضاتها الحاليين رافضة التحاق المتفوقين المعينين بالهيئات القضائية الأخرى والذين لم يتم تعيينهم والمستوفين لشروط الالتحاق بالسلطة القضائية ؟!

خامسا: لماذا تناسيت سيادتكم - حال قولكم أن قاضى التحضير هو نظام سيضر بالنظام القضائى - أن توضح لأعضاء الجمعية التأسيسية أن مشروع النيابة المدنية هو من آليات العدالة الناجزة التى تطلب مؤتمر العدالة الأول المنعقد عام 1986 - وكنت سيادتكم مقرره - إقرارها، كما تضمنه مشروع السلطة القضائية السابق إعداده من السيد المستشار وزير العدل - حال أن كان رئيس الجمعية التأسيسية رئيساً لمجلس القضاء الأعلى- كما تضمنه مشروع السلطة القضائية المعد من قبل المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة، كما تناسيت سيادتكم أن توضح لأعضاء الجمعية أن نظام قاضى التحضير هو نظام مطبق بمعظم دول العالم المتقدم كالنظام القضائى الأمريكى، والإنجليزى، والفرنسى، والروسى، والإماراتى، وغيرها من بلاد العالم وقد أثبت هذا النظام نجاحه فى كل هذه الدول وغيرها، ولم تبرر لنا سيادتكم لماذا أصبح هذا النظام فاشلاً فقط حينما عهدت به لجنة نظام الحكم إلى السادة مستشارى هيئة قضايا الدولة فحسب ؟!
سادسا: لماذا تناسيت سيادتكم أن توضح لأعضاء الجمعية التأسيسية أن مطلب دمج مستشارى هيئة قضايا الدولة كان بناء على طلب السادة المستشارين هشام بك جنينة، وأشرف بك زهران وذلك بمؤتمر آفاق الدستور المصرى المنعقد بشهر مارس من العام الحالى، وبناء على اقتراح المستشار ناجى بك دربالة، والثابت بمحاضر لجنة نظام الحكم وقت أن كانت هيئة قضايا الدولة تتبنى مطالب أخرى، وهو ما كان يجب معه أن توضح سيادتكم أن مستشارى قضايا الدولة حينما تبنوا النيابة المدنية فقد استجابوا لمطلب قضاة مصر استجابة للصالح العام، وليس من أجل مصالح شخصية كما زعم البعض، ولأنكم تعلمون علم اليقين أنهم متساوون وأقرانهم من أعضاء السلطة القضائية بحكم القانون والعرف القضائى، ومن ثم فلا فائدة تعود عليهم خاصة وأنهم لا يضيرهم ما يقال من آراء غير مستندة لأسباب دستورية أو قانونية أو واقعية، وإنما لأسباب شخصية ونفسية فحسب، بأنهم ليسوا من أعضاء الهيئات القضائية.

سابعا: وأخيراً رئيس الجمعية التأسيسية، لماذا تناسيت رئيس الجمعية التأسيسية أن سر تقدم هذه الأمة سيكون فى إعادة توزيع مواردها البشرية والطبيعية بما يكفل تحقيق أهدافها.
فلمصلحة من تناسيت كل ما تقدم يا رئيس الجمعية التأسيسية، لمصلحة الأمة؟! أم لمصالح فئوية عنصرية وتميز لأعضاء السلطة القضائية - دون وجه حق - تسعى إلى الحفاظ عليه.
لماذا تناسيت وتناسيت وتناسيت يا رئيس الجمعية التأسيسية؟!
إن المصريين لا ينتظرون منك الإجابة على ما تقدم، ونرجو أن تجيب نفسك عليها حتى تعرف ما تبحث عنه.

وفقك الله عز وجل إلى ما فيه صالح هذه الأمة بعيداً عن فرض آرائك الشخصية على من يبتغون صالح هذا الوطن ابتغاء مرضاة الله عز وجل.






مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو أحمد هشام

ليته يراجع نفسه

عدد الردود 0

بواسطة:

المصرى الاصيل

العدالة المفتقدة

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب

يا سيادة المستشار - هذه التاسيسيه تحت ادارة المرشد والرئيس وحزب الحريه والعداله

ماذا تتوقع منها

عدد الردود 0

بواسطة:

مواطن مصرى

راح دستور الثورة

عدد الردود 0

بواسطة:

المستشار الدكتور / عبدالله خلف .. نائب رئيس هيئة قضايا الدولة ..

مرض وهم الجينات القضائية

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب

انا اتعجب اذا كان القضاه والمستشاريين يرون الاخطاء والاستبداد ويصمتون فما بالكم بالشعب

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

أمير محمد

الرأى العام يجب أن يعرف هذه الأمور ....

عدد الردود 0

بواسطة:

سيف سيمو

اسلوب متدنى

عدد الردود 0

بواسطة:

أدهم الحديدى

هذا ليس دستورا

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد جعفر

الغرياني يفرض وصايته علي اللجنة التاسيسية

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة