قال السياسى الشعبى المصرى والمرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى، إنه واثق من أن ائتلاف الجماعات اليسارية الذى يعمل على توحيده سيكون قويا بما يكفى لهزيمة الإسلاميين والحصول على أغلبية فى البرلمان.
وفى نتيجة غير متوقعة جاء صباحى فى المركز الثالث فى الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة المصرية التى جرت فى مايو الماضى وراء السياسى أحمد شفيق والرئيس الحالى محمد مرسى الذى كان مرشح حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان المسلمين، أكثر الجماعات تنظيما فى مصر.
وجاء عشرة مرشحين آخرين من بينهم اثنان كانا يعتبران مرشحين بارزين خلف صباحى الذى رفض فيما بعض عرضا من مرسى ليصبح نائب الرئيس.
ونجح صباحى الذى تعلو وجهه ابتسامة بشكل شبه دائم فى اجتذاب ملايين المؤيدين الذين حركتهم وعوده بتعزيز العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة بشكل أكثر عدلا والقضاء على الفقر.
ومع توقع إجراء انتخابات برلمانية قبل نهاية العام بدأ صباحى يبنى على مكاسبه من انتخابات الرئاسة، ويعمل على تشكيل تكتل قوى منظم لخوض الانتخابات البرلمانية.
وقال صباحى فى مقابلة مع رويترز الليلة الماضية: "نحن نسعى لحالة اصطفاف وطنى من أحزاب لديها أهدافنا من العدالة الاجتماعية ولكن ليس بالضرورة أن يكون لديها نفس معتقداتنا أو أيدلوجياتنا، وبهذا سوف نحصل على الأغلبية فى البرلمان".
وأضاف صباحى أن جبهته قد تضم جماعات ليبرالية وأشخاصا يتفقون مع برنامجه للعدالة الاجتماعية، ولكن عندما سئل عما إذا كانت الجبهة مفتوحة أيضا أمام الإسلاميين كانت الإجابة صريحة" لا وتحديدا لن يضم حزب الحرية والعدالة وحلفاءه."
وفاز الإسلاميون بنحو 70 فى المائة فى البرلمان الأول الذى تم انتخابه فى وقت سابق من العام الجارى بعد الانتفاضة الشعبية التى شهدتها مصر، وأسقطت الرئيس السابق حسنى مبارك العام الماضى. وحل البرلمان فى يونيو حزيران بعد أن قضت محكمة بأن القوانين التى أجريت الانتخابات على أساسها غير دستورية.
ويرى صباحى أن الإسلاميين أقلية فى مصر وأن فوزهم الساحق فى السياسة خلال العام والنصف المنصرم بعد الثورة ضد مبارك يعود إلى مهاراتهم التنظيمية والشعبية القوية، والتى قال إنه يعمل على محاكاتها فى جبهته الليبرالية الجديدة.
وقال "هذه الجبهة ستنهى حالة التناقض اللى حاصلة فى مصر الآن، وأن الأقلية المنظمة أخذت الأغلبية فى البرلمان والرئاسة والأغلبية المفككة حصلت على الأقلية فى البرلمان."
وأسس صباحى فى الآونة الأخيرة حركة التيار الشعبى اليسارية، ولكنه يقول إنه لا يسعى إلى إحياء سياسات اقتصادية اشتراكية قديمة مثل تأميم الصناعات الخاصة.
ودعا أيضا إلى نظام يجمع بين عناصر القطاعين العام والخاص شريطة أن يخدم كل الشعب وليس فقط أصحاب الأسهم الأثرياء.
وقال صباحى الذى بدأ مشواره السياسى عندما كان رئيسا لاتحاد طلاب فى السبعينات "حتى تحصل مصر على ما تحتاجه وتستحقه من نهضة اقتصادية تحتاج إلى نظام مشترك بين الاشتراكية والسوق الحرة".
وصباحى من الأتباع الأوفياء للرئيس الاشتراكى المصرى الراحل جمال عبد الناصر الذى كان يحظى بشعبية طاغية بين المصريين والعرب فى الخمسينات والستينات، ولكنه كان مكروها من الغرب بسبب معارضته لإسرائيل التى خاض ضدها حربين فى 1956 و1967.
وقال صباحى "من غير عبد الناصر أنا مكنتش هقعد معاكم القعده دى لأنى أنا فلاح، وكان متوقع أنى لما أكبر أطلع فلاح زى والدى لولا عبد الناصر اللى تجربته كونت طبقة وسطى كبيرة واللى فى الحقيقة مهمة جدا للحفاظ على اقتصاد الدولة ووسطيتها".
وتقلصت الطبقة الوسطى فى مصر خلال عهد مبارك نظرا لتركيز سياساته الاقتصادية على النخبة الحاكمة. وقال صباحى إنه لا يتوقع تغييرا فى هذه السياسات فى ظل الرئيس الإسلامى المنتخب حديثا.
وأضاف أنه يتم الحفاظ على نفس سياسات نظام مبارك الاقتصادية ولكن بنكهة دينية. وقال إن النظامين رأسماليان.
وقال صباحى "مصر تحتاج العمل على القطاعات الأكثر فقرا وهذا ما لم يشتغل عليه الرئيس الجديد ولا قال إنه هيشتغل عليها".
ووصل عبد الناصر أيضا إلى السلطة بعد ثورة فى عام 1952 قادها الجيش ضد النظام الملكى.
وقال صباحى "بعد خمسة وأربعين يوما من حكم عبد الناصر زود الحد الأدنى للأجور وأعاد توزيع الأراضى الزراعية، وهذه السياسات كونت أكبر طبقة وسطى فى تاريخ مصر، وأقل مستوى بطالة".
ونحو 40 فى المائة من المصريين حاليا إما فقراء أو غير متعلمين أو كلاهما كما يوجد ملايين العاطلين.
وباستثناء تطور بسيط فى نظام الأمن الذى تأثر بشدة بعد الانتفاضة لا يرى صباحى تقدما آخر منذ تولى مرسى الرئاسة.
وقال "هناك فجوة كبيرة بين أحلام المصريين فى العدالة الاجتماعية وطريقة تفكير هذا الرئيس المنتخب واللى مخلص أكثر لجماعته ونمطها الاقتصادى. "ملايين من المصريين اللى طلعوا فى الشارع من مسلمين ومسيحيين عايزيين عدالة كرامة تعليم حديث، فرص عمل ونظام مرتبات وضرائب عادلة، ولكن هذه المفاهيم لا هى واضحة فى عمل الرئيس وحكومته إلى الآن ولا موجودة فى مشروع قادم"، وقال صباحى إن هناك حاجة "لإجراءات ثورية" من أجل أن يشعر الناس بتغيير حقيقى.
ويعود تاريخ صباحى فى المعارضة إلى عهد أنور السادات الذى خلف عبد الناصر فى الحكم وهو رأسمالى مؤيد للغرب وهو موقف ظل عليه أيضا خلال حكم مبارك.
وهاجم صباحى علانية السادات خلال مؤتمر بالجامعة، مما أدى فيما بعد الى استبعاده من العمل فى الجامعة أو فى الهيئات الحكومية.
وعلى الرغم من مشاركته القوية فى الاحتجاجات التى استمرت 18 يوما وأسقطت مبارك فإن موقف صباحى المعارض لم ينته ولكن استمر فى ظل حكم الإسلاميين.
وقال صباحى "أنا ضد استخدام الدين فى السياسة، ولذلك سوف أظل فى المعارضة ضد الإسلاميين، ولكنى معارض نزيه سوف أنتقد سياستهم وأنافسهم فى الانتخابات، ولكنى لم أحارب وجودهم فهم من ضمن الجماعة الوطنية".
وسئل صباحى عما إذا كان مستعدا لترشيح نفسه للرئاسة مرة أخرى فقال "إذا كان مطلبا وطنيا. فأدائى فى الانتخابات الماضية ليس تصريحا مفتوحا لأخوض الانتخابات إلا إذا كان هذا مطلوبا".
صباحى لرويترز: ائتلاف اليسار سيكون قوياً بما يكفى لهزيمة الإسلاميين.. ومصر تحتاج نظاما مشتركا بين الاشتراكية والسوق الحرة.. ولولا عبد الناصر ما كانت الطبقة الوسطى..ومرسى لم يقدم سوى تطور بسيط فى الأمن
الأحد، 30 سبتمبر 2012 10:31 ص