"إحنا بنموت كل يوم مليون مرة.. ومش عارفين نعيش من الخوف وسط الجبل والصخور.. وعيالنا بيروحوا المدارس ماشين على الصخور والعقارب والتعابين بتطاردهم، ومنهم اللى بيوقع من فوق الجبل وتنكسر رجليه، ومش عارفين نعالج إخواتهم الصغيرين"، مأساة إنسانية لا تنتهى، وبتلك الكلمات المريرة بدأ أهالى حى الدويقة حديثهم مع محرر اليوم السابع، عرفت الدويقة باسم عزبة صفيح، وهى أحد المناطق التابعة لحى "منشأة ناصر" أحد أحياء المنطقة الغربية بمحافظة القاهرة.
وأضافوا: الكوارث تلاحقنا واحدة تلو الأخرى فمنذ كارثة الصخرة وما نتج عنها من عشرات القتلة، يأتى انهيار بعض الصخور وحدوث الشروخ من جبل "الشهبة"، ليعيد لهم الذكرى المؤلمة، فى ظل تجاهل وصمت تام من المسئولين فى قلب العاصمة القاهرة.
وأكدوا حياتنا تحولت إلى جحيم بسبب مشاكل الصرف الصحى وتجاهل المحافظة للمستشفيات وعدم القدرة للحصول على رغيف خبز ومشكلة انقطاع الكهرباء المستمر داخل الحى، ومشاكل القمامة على جوانب الحى وداخل البيوت وأمام المدرسة والمستشفى ومشاكل التعليم.
التفاؤل طرق بابهم دون جدوى وكأن الحياة أشرقت لهم من جديد حين فاز الرئيس مرسى مع بداية عصر جديد من العدالة الاجتماعية، وقليل من الأمل الذى أشرق فى سماء مليئة بالظلمات، ولكن سرعان ما هاجم شبح اليأس نفوس هؤلاء الناس الذى حطمهم الجوع والفقر والمرض والجهل ويلاحقهم فى كل لحظه كوارث كثيرة وتتواصل استغاثتهم، وتتعالى صيحاتهم لتوفير أبسط حقوقهم فى عيش حياة كريمة، فهل من مجيب؟!.
وأكد محمد عبد المنعم، "أنه عايش فى المكان منذ التسعينيات وأنجب أبنائه الأربعة فى منزله، بهذا المكان، إلا أنه منذ عدة أيام بدأت حجارة وصخور الجبل تتساقط علينا بشكل ملفت، ولكن كانت الحجارة صغيرة ولم نستشعر بشدة الخطر حتى سقطت حجارة كبيرة، "جبل الشهبة "، وحدث بها شرخ كبير.
من جانبه قال سعد الجمال، إن لديه ثلاث أطفال منهم طفلين يصيبهم الخرس والطرش والأخير مصاب بفيروس نتيجة تلوث المياه واختلاطها بمياه المجارى، ويأخذ معاش 350جنيها، وعايش فى بيت تملئ جدرانه الشروخ من كل الجوانب.
وشرحت السيدة فتحية، عن مدى مأساة الأسرة داخل حى الدويقة سواء من انقطاع الكهرباء المستمر، بسبب توصيلات الكهرباء من داخل المساجد وأعمدة الإنارة فى الشوارع .
ومياه الشرب عبارة عن مياه ملوثة بمياه الصرف الصحى، مما أدى إلى إصابة الكثير منهم بالعديد من الأمراض.
وفى نفس السياق اشتكت السيدة نوال عبد القادر ربة منزل من سوء المعيشة، وقالت: "مازلت اعمل فى إشارات المرور لكى نحصل على معيشة كريمة، ولكن مازالت المأساة فى الأكل والمشرب الذى يشبه مياه الصرف الصحى"، وأضافت أن هناك المكان غير آمن فهو دائما مستهدف من قبل البلطجية واللصوص والشرطة "عاملة ودن من طين ودن من عجين" على حسب حديثها.
وقالت سعدية مختار، إن المعاناة التى يعيشها سكان جبل الدويقة لم تقف عند هذا الحد، ولكن المياه من أكبر المشاكل التى يواجهها السكان هناك، خاصة أنهم يضطرون إلى ملء «جراكن» المياه من إحدى الحنفيات العمومية، ثم يحملونها على رؤوسهم، لتبدأ رحلة العذاب بأول خطوة يخطونها تجاه غرفهم، يحاولون بعدها أن يحافظوا على ثباتهم وألا تلتوى أقدامهم على إحدى تلك الصخور، ويموتون داخل الجبل كما عاشوا بين أحضانه".
واشتكى أهالى الدويقة من أزمة الخبز لديهم، حيث أكدت مهدية جعفر، أن لا يوجد إلا مخبزا واحدا، يشمل جميع الحى بكثافته السكانية، مما يؤدى إلى عدم كفاية حاجتهم الغذائية، بالإضافة إلى الطوابير الطويلة التى قد تجعلنا لا نحصل على ما يكفينا من خبز.
وقالت علية محمود، لا يوجد إلا مستشفى واحدة للحى كله، وأطفالنا مهددون بأخطر الأمراض، وأضافت أن المستشفيات القريبة منهم مستشفيات خاصة، لا نستطيع أن نتحمل تكاليفها.
وأكد محمد زينهم، أن هناك صعوبة فى التعليم يبدأ من خروج الأطفال من البيت لصعودهم قمم الجبال للوصول إلى المدرسة، وأحضر لنا ابنه حسام، الذى أكد أنهم يلاقون مشقة كبيرة فى صعود الجبل وملاقاتهم لأنواع الحشرات والعقارب التى قد تقضى على أرواحهم، وسقوط أحدهم من أعلى القمم فى الجبل، ونهاية بالمدرسين داخل المدرسة الذين يرهقون الأهالى فى الدروس الخصوصية مع تدنى حالتهم المادية.
وأشارت نهى على أنه لا يوجد سوق قريب داخل الحى فلذلك يعتمد الأهالى داخل الحى على الشراء من البائعة الجائلين، ويتحملون استغلالهم، فهم يبيعون لنا بضعف الأثمان.
وتساءلت نهى، لماذا لا يكون لنا سوق يباع فيه المواد الغذائية بالأسعار التى تحددها الحكومة ؟، وقالت أيضا، "إننا نعتمد فى الصرف الصحى على الطرنشات ولا يوجد لدينا مجارى حكومية وينتج عن ذلك "طفح" لهذه الطرنشات مما يعرضنا دائما للأمراض والأوبئة.
وأشار محمد إبراهيم من شباب الحى إلى تدنى الحالة الاجتماعية والنفسية لشباب الحى، بسبب عدم قدرتهم على العمل فى ظل هذه الظروف، وتساءل كيف لشاب مثلى أن يتزوج وهو لا يملك قوت يومه؟.
وناشد محمد الدكتور مرسى أن ينظر إلى أهالى هذا الحى، الذى وصفهم بالغلابة، ووجه للرئيس رسالة قال فيها، "إحنا عارفين أنك عايز تقف جنبنا وانتخبناك لهذه الأسباب ويا ريت صوتنا يوصلك يا ريس".
بالفيديو.. اليوم السابع يرصد مأساة أهالى الدويقة المهددين بالموت فى كل لحظة.. والأطفال محاصرون بالجوع والفقر والمرض والجهل.. الأهالى: الخطر يهددنا بحدوث شروخ بجبل "الشهبة" ويعيد ذكرى سقوط الصخرة
الأحد، 30 سبتمبر 2012 08:20 ص