أكد اللواء مهندس أركان حرب متقاعد محمد مختار قنديل أن ذكرى حرب أكتوبر المجيدة يجب أن يستغلها الشباب فى معرفة ما صنعه رجال مصر الأوفياء لتحرير وطنهم من أيدى العدو الصهيونى، من خلال عمل جاد وتدريبات مكثفة استمرت 6 سنوات متكاملة، تكللت بمفاجأة العدو برجال القوات المسلحة تحاصره من كل مكان، حتى تمكنت من عبور القناة وتحطيم كافة الموانع التى وضعها جيش الدفاع الإسرائيلى أمام الجنود المصريين الأوفياء لمنعهم من استكمال ملحمة العبور.
وروى قنديل لـ"اليوم السابع" تفاصيل يومياته منذ هزيمة 1967 وحتى حرب أكتوبر المجيدة قائلا: التحقت بالقوات المسلحة عام 1964 بعدما تخرجت فى كلية الهندسة جامعة عين شمس وعملت بسلاح المهندسين، فى أحد المواقع بمدينة شرم الشيخ فى ذلك الوقت، حتى جاء يوم 5 يونيو 1967 وجاءنا إنذار مبكر بغارة جوية معادية، الأمر الذى جعلنا نحتمى بأحد الملاجىء، إلا أن الطائرات العدو لم تأت إلينا بعد فشلها فى ضرب مطار الغردقة العسكرى، غطائنا الجوى القريب، فلم أقاتل العدو فى ذلك اليوم وعدت إلى القاهرة فى أقل من أسبوعين.
وأضاف قنديل: فى مساء السادس من يوم 6 يونيه جاء الأمر بالانسحاب لغرب القناة دفعة واحدة، وأمرنى رئيس الفرع الهندسى بشرم الشيخ بالمغادرة مع القوات المنسحبة غرب القناة، وأخبرنى أنه سيبقى ولن يغادر حتى ينسف جميع معدات سلاح المهندسين لعدم تركها للعدو، وهكذا كنا نخرب بيوتنا بأيدينا حتى لانترك معداتنا للعدو، كان قائد عربة الانسحاب يجرى ليلا بسرعة كبيرة وكان البدو يهرولون بجوار الطريق حاملين أطفالهم ومتاعهم القليل بحثا عن فرصة للهرب أو ركوب عربة عسكرية أو الاختباء والبعد عن الطرق الرئيسية.
واستطرد قنديل: وصلت فى عربة جيب لكوبرى القوات المسلحة بمنطقة الشط بين السويس والبحيرات المرة، وفى ذلك الوقت تفنن العدو فى قتل رجالنا، حيث كانت الطائرات المقاتلة تطارد جنودنا وأبناءنا السائرين على الطرق أو بجوارها بالرشاشات ولم يكن هناك من ملجأ سوى الرقود بين ثنيات الأرض.
وقال قنديل: بدأت القيادة السياسية العسكرية تفكر وترتب لحرب طويلة تنتهى حتما باقتحام قناة السويس، وتكليف سلاح المهندسين لإنشاء وحدات الكبارى والتدريب عليها، وفى عام 1972 عملت رئيسا للفرع الهندسى للواء الثالث مشاه ميكانيكى وسط زملاء جدد من مختلف أسلحة وأفرع القوات المسلحة، وكانت قيادة اللواء فى ذلك الوقت مدينة بلا أسماء أو أرقام تحت سطح الأرض لا توجد بها أى علامات مميزة سوى البراميل الفارغة، وفى شهر يولية 1973 صدرت نشرة تنقلات الضباط وكان نصيبى فيها إلى قيادة الجيش الثانى الميدانى بالفرع الهندسى لها، وكان مقر القيادة فى ذلك الوقت فى مدينة القصاصين إما فى ملاجئ حديدية تحت أرض حدائقها أو فى بعض البيوت الصغيرة المتناثرة بين هذه الحدائق، وكان الفرع الهندسى على الجانب الشمالى الآخر من ترعة الإسماعيلية.
وأضاف قنديل: عدت من آخر إجازة ميدانية قصيرة قبل الحرب ووجدت زملائى فى الفرع بمركز قيادة الجيش الثانى يستعدون للمشروع التدريبى الكبير وكان ذلك يوم 25 سبتمبر 1973، وعلمت حينها أن بعض وحدات الكبارى قد تحركت من التل الكبير للمنطقة المركزية بعد أن أنهت تدريبها بالجيش، واستمر العمل على قدم وساق حتى يوم 5 أكتوبر 1973، حيث انتقلنا فى صباح ذلك اليوم من مجموعة الملاجىء المخصصة للفرع الهندسى بمركز قيادة الجيش الرئيسى إلى مركز إدارة هذه القيادة، حيث يتواجد رئيس أركان الجيش وضباط العمليات، وتم تخصيص حجرة للتواجد فيها بصفة مستمرة لإطلاع القيادة على الموقف الهندسى أولا بأول.
واستطرد قنديل: تسرب لى معلومة أن غدا السبت السادس من أكتوبر هو ساعة الصفر، وفى صباح يوم 6 أكتوبر تم إعلان أن التمهيد النيرانى للعملية الهجومية سوف يبدأ الساعة 2 ظهرا، وكان الجميع فى حالة من الفرح الشديد والترقب والخوف فى ذات الوقت، وكنت كطالب سيدخل الامتحان وهو يعتقد أنه نسى كل ما ذاكره أو أن الامتحان سيحمل ألغازا لا يستطيع حلها، وفى ذلك الوقت كانت جميع وحدات المهندسين المكلفة بمهام فتح الممرات فى الساتر الترابى وكذلك وحدات العبور فى أماكنها طبقا للبرنامج الزمنى للفتح والتمركز فى أوضاع الهجوم، وأخذ الجميع التمام بالتليفون من جميع الوحدات الهندسية بالجيش التى بلغت قوتها حوالى 15 ألف رجل.
وأضاف: بناء على أوامر قائد الجيش الثانى الميدانى قام اثنان من الضباط المهندسين ومعهما الأفراد اللازمون ومهندسو الرى بإغلاق مدخلى ترعة السويس وترعة بورسعيد المتفرعتين من ترعة الإسماعيلية خوفا من ضرب العدو لهاتين الترعتين وإغراق مدقات التحرك للقناة ومواقع القوات التى تستعد للعبور فى نطاق الفرقة 16، بينما قطع ترعة بورسعيد سيغرق القوات فى القنطرة وإعاقتها أيضا عن العبور وسيمنع مياه الشرب عن بورسعيد.. وفى تمام الساعة الثانية وخمس دقائق بدأت تصلنا أصوات المدفعية رغم أننا خلف القناة بنحو 45 كيلومترا، وبدأت الطائرات تعبر فوق رءوسنا صوب سيناء تشد من أزرنا، ودارت المعركة، وفى تمام الساعة الثانية والنصف تم عبور الموجة الأولى لجميع قوات المشاة للجيش الثانى، وفى الساعة 2 و45 دقيقة تم رفع أعلام مصر على طول الجبهة من السويس حتى القنطرة ثم بدأت تصلنا أنباء تهاوى قلاع العدو الحصينة وفرار من فيها واستسلامهم، وانسحبت نقطة التمساح فرارا من قواتنا وكذلك العديد من النقاط فى القنطرة شرق وتم عبور 4 كتائب مشاة من الفرقة 16، كان قادة هذه الكتائب قد عبروا الموجة الأولى وكانوا أول من وطئ أرض سيناء وفى تمام الساعة الرابعة و20 دقيقة بدأ العمل فى حوالى 50 ممرا فى الساتر الترابى فى الجيش الثانى باستخدام طلمبات المياه النفاثة بعدما أصبح معظم الشاطىء الشرقى تحت قبضتنا، وتم إنشاء كوبرى مشاية لعبور المشاة، وبدأنا فى التحرك من قيادة الجيش كل إلى نطاق عمله لمتابعة الموقف على الطبيعة وتذليل أى صعاب قد تظهر فجأة، وتحركت من شمال ترعة الإسماعيلية إلى نطاق الفرقة 16 بين الإسماعيلية والدفرسوار، حتى وصلت إلى كوبرى سرابيوم، الذى تم إسقاطه وتجميعه فى أقل من ساعتين تقريبا وكان قد أوشك على الاستعداد.
وأضاف: نمت مطمئنا نحو 3 ساعات فقط لأستيقظ يوم 7 أكتوبر، حيث وجدث زملائى على أتم استعداد لمواجهة ضربة جوية مضادة من العدو وبالفعل تم هجوم جوى مكثف على معابر الفرقة 16، إلا أن العدو لم يتمكن من القيام بضربة جوية شاملة على الجبهة وتم التركيز على المعابر فقط، وظل الأمر على تلك الحالة حتى وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر 1973 وتنفيذ القرار بشكل فعلى بعد وصول القوات الدولية على مشارف السويس يوم 28 أكتوبر.
اللواء مختار قنديل يكشف أسرارًا جديدة عن حرب أكتوبر.. الطائرات المقاتلة كانت تطارد جنودنا على الطرق فى 1967.. وسلاح المهندسين كان له دور كبير فى نصر أكتوبر
الأحد، 30 سبتمبر 2012 03:39 م
اللواء مهندس أركان حرب متقاعد محمد مختار قنديل
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس معماري عمر
خير أجناد الأرض
عدد الردود 0
بواسطة:
سعد طرم
أقرأ ولا تسمع لمغيري الأحداثوألتاريخ ( ألي رقم واحد )
عدد الردود 0
بواسطة:
مفيد محمود عيد
شاهد علي اقوال محمدمختار