وحيد راضى يكتب: سياسة الجرى فى المكان

السبت، 29 سبتمبر 2012 02:06 ص
وحيد راضى يكتب: سياسة الجرى فى المكان البرلمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
زمان عندما كنتَ طالباً فى إحدى المراحل الدراسية الأولى ابتدائى أو إعدادى أو ثانوى، كنتَ تبدأ يومك الدراسى بطابور الصباح حيث تصطف مع زملائك، ثم يأمرك مدرس الألعاب بعمل بعض التمرينات الرياضية التى تساعدك على بدء يومك بنشاط وحيوية وإحدى هذه التمارين (الجرى فى المكان) وفيه تقوم بالحركة والقفز وبذل المجهود الجبار حتى يتصبب منك العرق، وتشعر أنك تتقدم لتقطع شوطاً كبيراً، لكن عندما تنتهى من التمرين تجد نفسك مكانك لم تتحرك سنتيمتراً واحداً، وهكذا هو حال مصر الآن، فما يقوم به القادة والمسئولون عن أمور البلاد لا يفعلون شيئاً سوى الجرى فى المكان.

مر ما يقرب من السنتين على اندلاع ثورة يناير التى كانت بمثابة طاقة النور التى استبشر بها المصريون خيراً فى تغيير أوضاعهم السيئة، لكن القائمين على أمور البلاد خيبوا الظن فيهم، وفى قدرتهم على النهوض بالبلاد، وتغير الوضع الذى يسوء يومًا بعد يوم، فلم يعد هناك فارق فى وضع البلاد قبل الثورة وبعدها، ولكى لا تذهب بعيدا عن موضوع الجرى فى المكان، أعرض عليك بعض الأمثلة التى تؤكد أن الدولة بكل ما فيها تجرى فى مكانها دون تحقيق أهداف حقيقية.

البرلمان الذى تم انتخابه من قبل الشعب وجد نفسه فى مهب الريح، فبعد انعقاد جلساته لفترة قصيرة توقفت هذه الجلسات بقضية رفعت، تؤكد بطلان هذا المجلس وعليها أصدرت المحكمة الدستورية العليا قراراً بحل مجلس الشعب، ثم تحولت القضية إلى المحكمة الإدارية العليا؛ لتصدر قراراً يؤكد حكم الدستورية، وأن المجلس لا وجود قانوني له، وبذلك يكون الجهد والمعاناة التي تكبدها الشعب والقوى السياسية والدولة؛ لإخراج سلطة تشريعية بانتخابات نزيهة، قد ضاع هباء وعلينا البدء من جديد.

كذلك حكاية الدستور الذى لم ننتهِ من تأليفه منذ أكثر من عام، وبالرغم من المشكلات التى واجهت اللجنة التأسيسية للدستور منذ نشأتها، واعتراض الكثيرين على بعض أعضائها؛ لعدم جدارتهم وقلة خبرتهم أيضاً؛ الاعتراض جاء على بعض مواد الدستور التى لا تتناسب مع الوضع المصرى، ثم جاء قرار حل البرلمان صادماً لهذه اللجنة؛ لأن الكثير من أعضائها نواب فى المجلس المنحل، وبذلك فوجودهم غير قانونى، وبالتالى اللجنة التأسيسية للدستور مهددة بالحل، وإذا حدث ذلك علينا أن ننتظر لجنة أخرى بمعارضة جديدة وجدل جديد، ورفض من هنا، واعتراض من هناك؛ ليتضح أننا ما زلنا نجرى فى مكاننا.

منذ اندلاع الثورة وسقوط الحزب الوطنى تسعى كل القوى السياسية لإصدار قانون العزل السياسى؛ لتجنب عودة أعضاء النظام السابق للحياة السياسية، حتى لا يدمروا ويخربوا ويزورا فيها، كما كانوا يفعلون فى السابق، لكن جاء حكم المحكمة؛ ليعطى الحق لأعضاء الحزب الوطنى المنحل للمشاركة فى أى انتخابات قادمة، ويشاركوا فى الحياة السياسية كأى فصيل سياسى آخر؛ ليؤكد لنا القاضى أن
الثورة التى قام بها الشعب كانت فى الأحلام، وما يدور من حراك سياسى فى البلد من وحى خيال الشعب لذا عليه (أن يتغطى كويس وهو نايم).

قرض البنك الدولى الذى سوف تحصل عليه مصر، والذى أثار جدلاً واسعاً بشأنه، من حيث هل القرض حلال أم حرام؟ ما مدى تأثيره السلبى على الاقتصاد المصرى؟ الشروط المجحفة التى يفرضها الصندوق على مصر والتى تؤثر على محدودى الدخل؛ لتزيدهم فقرا، وبعد أن هدأ الجدل حول القرض خرج علينا رئيس الوزراء د.هشام قنديل؛ ليصرح بأن القرض سيعرض على البرلمان القادم قبل إقراره؛ لنفهم من كلامه أنه فى حال رفض البرلمان القرض ستلغى مصر اتفاقية القرض دون أن يوضح لنا البدائل المتاحة فى حالة رفض البرلمان للقرض (ولا لما يجى وقتها ربنا يسهل
إحنا لسه هنفكر ).

(سينا وما أدراك ما سينا) سيناء جزء من أرض مصر، لم يعرفها الكثير من المصريين؛ لصعوبة الدخول إليها فى السابق نتيجة للحراسة المشددة فيها للتواجد الدائم للرئيس السابق وأعوانه، والآن
أصبحت أكثر غموضاً، وأشد بعداً بسبب العمليات الإرهابية التى تتعرض لها، وما يقابلها من عمليات عسكرية؛ للرد على الهجمات الإرهابية، لكن الوضع فيه كثير من الغموض غير المبرر، فمنذ بدأت العمليات العسكرية فى سيناء لا توجد معلومات دقيقة بخصوص ما يحدث. كذلك جهاز تعمير سيناء الذى تم إنشاؤه والتصريح بضخ المليارات لإنشاء البنية التحتية لسيناء، يتضح لنا أن هذا الجهاز ما هو إلا كلام على ورق بعد خروج أهالى سيناء يستنكرون الوضع السيئ فيها، والإهمال الشديد الذى يعانى منه أهل سيناء. ليس فقط ما سبق هو الذى تستطيع أن تطلق علية الجرى فى المكان، فمصر بكل مؤسساتها تجرى فى مكانها، بذل جهد فى تصريحات وشعارات، لكن (محلَّك سر) بدون تقدم أو نجاح فالمرحلة التى تمر بها مصر تتطلب خطط واضحة مدروسة بدقة وخطوات ممنهجة معروف بدايتها ونهايتها؛ لكى تحقق نجاحات فى طريقها إلى النهضة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة