شرعت إحدى الفضائيات التى من الواضح أنها أنشئت خصيصاً؛ لتكون منبراً للهجوم على الإخوان وتيارات الإسلام السياسى بشكل فظ، منذ بضعة أيام، على إعادة عرض مسلسل الجماعة تحت اسم (الجماعة بدون حذف).
ربما يكون هذا العنوان وسيلة دعائية لجذب انتباه المشاهد؛ لتحقيق كثافة مشاهدة عالية لاجتذاب العديد من الإعلانات، وهو مبدأ تسويقى رائع، ليس غريباً أن يخرج من جعبة أفكار صاحب هذه القناة وإمبراطور الدعاية والإعلان فى مصر بلا منازع.
ولكن الغريب فى الأمر هو غموض هذا العنوان، فماذا يعنى عرض هذا المسلسل بدون حذف، وإذا كان قد تعرض لمضايقات رقابية، فكيف تم هذا والكل يعلم أن هذا النص كتب فى عهد النظام السابق، وبأوامر قياداته؛ لتشويه صورة الإخوان، ووصمهم بكل خصال الندالة والخسة والطمع السياسى، وخلق المبررات والحجج للنظام فى قمعه لهذا الجماعة المحظورة حسب وصفه، أو يكون الحذف الذى تعرض له هذا المسلسل كان يخص مبارك وأركان نظامه، وهذا هو الأقرب للمنطق.
الأستاذ وحيد حامد مؤلف هذا العمل حاول بدهاء شديد إخفاء عدائه للإخوان المسلمين وولائه التام للنظام الذى جند قلمه؛ ليطبع رؤيته التى يريد أن يرسخها فى ذاكرة الأجيال الشابة التى لا تعلم شيئا عن تاريخ هذه الجماعة وتطورها ودورها وما لها وما عليها. فكانت خطة وحيد حامد فى تشويه حقيقة الجماعة من خلال محورين؛ أولهما الضحية وهم الشباب المنساق وراء أفكار مثالية، وثانيهما قيادات منتفعة تطمع فى السلطة، وتستخدم هؤلاء الشباب كجسور للوصول إلى هذا الحلم، بل ويمتد هذا العبث؛ لينال من صورة الداعية فى القنوات الفضائية عندما صوره بصورة هزلية لشخص يهتم بالتجميل، ويسعى وراء المال والشهرة، وهى بالطبع ليست الصورة الحقيقية لغالبية الدعاة والعلماء الأجلاء الذين تذخر بهم أمتنا الإسلامية عامة ومصر بصفة خاصة.
لو اقتصر المسلسل على هذا فقط، وإن كان هذا التصور مخالفًا تماماً للحقيقة الواقعة، لكان من المقبول أن يكون هذا الطرح من منظور المؤلف، ولكن عندما يمتد الأمر إلى العبث بالتاريخ وتزييفه، فيصور جماعة الإخوان على أنها جماعة من المنتفعين الطامحين إلى السلطة، ويصور مؤسسها الإمام البنا، عليه رحمة الله، على أنه أفاق يسعى إلى الشهرة والتملق، فيوالى الملك ويهادن الإنجليز وينحنى للنحاس، كما صور الأستاذ وحيد حامد الإمام البنا على أنه الشخص المولع بالعظمة والسيطرة، فتجده يجبر أتباعه على إشهار البيعة له، وتقبيل يده والخضوع التام له،
كل ما سرده الأستاذ وحيد حامد عن سيرة الإمام البنا وتاريخ جماعته ليس تشويها للتاريخ فحسب، وإنما جرم فى حق الأجيال الناشئة التى لم تشهد هذه الحقبة التاريخية التى ولدت فيها هذه الجماعة ودورها ومواقفها وتضحياتها وشهداؤها من أجل مصر والأمة العربية.
عندما ألقى وحيد حامد الضوء على التنظيم الخاص الذى كان يقوده عبد الرحمن السندى صوره، وكأنه تنظيم إرهابي أنشئ لاغتيال خصوم الجماعة، وفى حقيقة الأمر أنه نشأ لمواجهة الصهاينة فى حرب فلسطين، وهو ما تم بالفعل، وعندما انحرف عن دوره قام المستشار الهضيبى المرشد الثانى للجماعة بحله بعد ذلك.
لماذا انتهى المسلسل ولم يعرض حقيقة استشهاد الإمام البنا ومن قاتله وجنازته ومن خرج بها.
الإمام البنا قتل على يد الأميرالاى محمود عبد المجيد، مدير المباحث الجنائية، آنذاك بأمر من الملك فاروق فأطلق عليه النار عند خروجه من جمعية الشبان المسلمين، ولم تكن إصابته خطيرة حتى إنه ذهب بنفسه إلى مستشفى القصر العينى، فتركه الأطباء حتى نزفت دماؤه ومات، وكانت الشرطة تعتقل كل من يذهب إلى منزله لتشييع جنازته، فخرج جثمانه محمولاً على أعناق بناته حيث إن ابنه كان صغير السن، ووالده متقادماً فى السن.
هذا هو جزء من تاريخ الحركة الأم لحركات الإسلام السياسى وجانب من حياة أحد الرموز الوطنية المصرية.
وإذا أرادت هذه الفضائية أن تسوق مسلسل الجماعة بدون حذف،
فإذا كان هذا الحذف ضد النظام السابق فهى وصمة عار لهذا العمل، أما إذا كان هذا الحذف ضد الإخوان فلتعلموا أن هذا تم فى عهد الجماعة دون غيرها، وفى ظل وزارة يقودها إخوانى ودولة يرأسها إخوانى، حقاً إنه زمن الإخوان.
مسلسل الجماعة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود الديب
بوركت سيدي
عدد الردود 0
بواسطة:
نديم
تزوير الحاضر والماضي
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود سعيد
لماذا