اتحد الزعماء المسلمون فى الأمم المتحدة الأسبوع الماضى قائلين، إن الغرب يتخفى وراء دفاعه عن حرية التعبير ويتجاهل الحساسيات الثقافية فى أعقاب الإهانات الموجهة للإسلام التى أثارت مخاوف من اتساع هوة ثقافية بين الشرق والغرب.
وأدى فيلم صنع فى كاليفورنيا مسىء للنبى محمد إلى اقتحام سفارات الولايات المتحدة ودول غربية أخرى فى دول إسلامية كثيرة وتفجير انتحارى فى أفغانستان هذا الشهر.
وتفاقمت الأزمة عندما نشرت مجلة فرنسية رسوما كاريكاتيرية للنبى محمد.
وقال وزير الخارجية التركى أحمد داود أوغلو، إن الوقت حان لوضع نهاية لحماية الخوف من الإسلام والذى يتخفى فى شكل حرية التعبير.
وقال أوغلو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التى تضم 193 دولة يوم الجمعة،" للأسف فأن الخوف من الإسلام أصبح أيضا شكلاً جديدًا من أشكال العنصرية مثل معاداة السامية.
لم يعد من الممكن التسامح مع ذلك تحت ستار حرية التعبير.
الحرية لا تعنى الفوضى".
وأعرب الرئيس المصرى المنتخب حديثا محمد مرسى عن مشاعر مماثلة فى كلمة ألقاها يوم الأربعاء.
وقال إن مصر تحترم حرية التعبير التى لا تستخدم للحض على كراهية أحد.
وأضاف "نتوقع من الآخرين.. مثلما يتوقعون منا .. احترام خصوصياتنا الثقافية ومرجعيتنا الدينية وعدم السعى إلى فرض مفاهيم لا نتفق معها أو تسييس قضايا بعينها وتوظيفها للتدخل فى شئون الغير".
وكان مرسى من بين أوائل الزعماء الذين انتخبوا بشكل ديمقراطى بعد ثورات الربيع العربى التى أدت إلى تغييرات فى أنظمة الحكم فى تونس ومصر وليبيا واليمن العام الماضى.
وأيدت الدول الغربية هذه الانتفاضات وحثت تلك الدول على أن تعزز بسرعة الإصلاحات الديمقراطية وأن تلتزم بدقة بمبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
ودافع معظم المتحدثين الغربيين فى الأمم المتحدة عن حرية التعبير ولكنهم تفادوا دعوات من جانب زعماء مسلمين لفرض حظر دولى على التجديف.
وعلى الرغم من إدانته للفيلم دافع الرئيس الأمريكى باراك أوباما بشدة عن حرية التعبير مما أثار غضب بعض هؤلاء الزعماء.
وقال أوباما فى كلمة استغرقت 30 دقيقة هيمنت عليها هذه المسألة، إن"أقوى سلاح ضد خطاب الكراهية ليس القمع أنه مزيد من التعبير أصوات التسامح التى تحتشد ضد التعصب الدينى والتجديف".
وطالب الرئيس الباكستانى اصف على زردارى الذى تحدث بعد اوباما بتجريم إهانة الأديان، حيث قتل أكثر من 12 شخصا فى احتجاجات ضد الفيلم المسىء للإسلام، قائلاً،" يجب على المجتمع الدولى ألا يصبح مراقبا صامتا ويجب تجريم مثل تلك الأعمال التى تدمر سلام العالم وتعرض الأمن العالمى للخطر من خلال سوء استخدام حرية التعبير".
وفى تسليط للضوء على غضب البعض طالب نحو 150 محتجا بتطبيق "العدالة" وهتفوا" لا إله إلا الله" أمام مبنى الأمم المتحدة يوم الخميس.
وكتب على إحدى اللافتات"إهانة نبى يجب أن تصبح جريمة فى الأمم المتحدة."
والتقى وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامى التى تضم 57 عضوا أمس.
وتصدر الفيلم المسىء للإسلام جدول أعمال الاجتماع.
وقال أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى للصحفيين، إن "هذا الحادث يظهر العواقب الوخيمة لإساءة استخدام مبدأ حرية التعبير من جانب وحرية التظاهر من جانب آخر".
وحذرت جماعتا حقوق الإنسان أولا والمجلس الإسلامى للشئون العامة اللتان تتخذان من الولايات المتحدة مقرا لهما من أخطار تنظيم مثل هذه الحريات.
وقالتا فى بيان مشترك إن "حوادث لا تحصى تظهر أنه عندما تسعى حكومات أو حركات دينية لمعاقبة الجرائم باسم مكافحة التعصب الدينى تعقب ذلك أعمال عنف وترتكب انتهاكات حقيقية لحقوق الإنسان ضد الأشخاص المستهدفين".
وأجاز مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة الذى يضم 47 عضوا وتهيمن عليه الدول النامية قرارات غير ملزمة ضد تشويه صورة الدين منذ أكثر من عشر سنوات.
وأقرت قرارات مماثلة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وعارضت الدول الأوروبية والولايات المتحدة والعديد من دول أمريكا اللاتينية فى المجلس هذه القرارات قائلة إنه على الرغم من تمتع الأفراد بحقوق الإنسان فأن الديانات ليست كذلك وأن اتفاقيات الأمم المتحدة الموجودة كافية للحد من الحض على الكراهية والعنف إذا تم تطبيقها.
وحاول وزير الخارجية الألمانى جيدو فيسترفله أن يدحض الحديث عن صدام حضارات يوم الخميس.
وقال، فى كلمته أمام الأمم المتحدة، "البعض سيجعلنا نعتقد أن حرق مبانى السفارات دليل على صدام الحضارات.. يجب ألا نسمح لأنفسنا بأن تضللنا مثل هذه الحجج، هذا ليس صدام حضارات.. إنه صدام داخل حضارات، إنه أيضا نضال من أجل روح حركة التغيير فى العالم العربى".
العالم الإسلامى فى الأمم المتحدة يشكك فى حرية التعبير لدى الغرب
السبت، 29 سبتمبر 2012 06:18 ص