انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة الاعتصام لمجرد الاعتصام تحت بند الثورة والحريات، مما أدى إلى توقف الحياة الاقتصادية وتكبيدها بالخسائر، وآلاف من العمال والموظفين تم تسريحهم نتيجة توقف الأعمال والاعتصامات والاضطرابات، فالقطاع الاقتصادى مثل الحلقة متصلة ببعضها البعض ومتكاملة ومترابطة أيضا، ومن هنا نطرح سؤالاً هاماً، هل يوجد إنتاج أو تشغيل يستحق أن نعتصم من أجله، أو بمعنى أصح كيف نطالب الحكومة والدولة بتنفيذ مطالبنا ونحن لا نعمل، لا ننتج، لا يوجد انتعاش اقتصادى أو فائض، فالاقتصاد المصرى منهار ومصاب بالشلل، آلاف من القطاعات قد توقفت، وفى طريقها إلى الإغلاق، ومعظم المستثمرين قاموا بسحب أموالهم نتيجة تلك الاضطرابات، وأصبحت مصر غير مناسبة للاستثمار، فعلى أى أساس نعتصم، مما لا شك يعانى الكثير من هضم حقوقه منذ النظام السابق، ولكن ليس معنى ذلك أن نهدم اقتصادنا، وهناك نقطة هامة وخطيرة أن الغالبية لا تعرف معنى الاعتصام، وكيف يتم فى الدول المتقدمة؟ يحدث الاعتصام عندما يكون هناك عمل وإنتاج وفائض من الموارد، ولا يتم توزيعه بصورة عادلة، وعندما يتم الاعتصام لا يتم تعطيل مصالح العامة أو توقف العمل، بل يتم فى مكان محايد ولساعات محددة، ويتم تأدية مصالح المواطنين، فبذلك يكتسبون الشرعية لمطالبهم بعكس ما يحدث فى مصر؛ فوضى وتعطيل المصالح وحركة المرور وخسائر اقتصادية فادحة، مما يفقد مطالبنا شرعيتها، فالأصل هو العمل والإنتاج، فيجب أن نعمل أولاً وننتج، ثم نطالب ونعتصم، وليس العكس، فالدولة ليس لديها عصا سحرية؛ لكى تحقق مطالبنا بدون عمل وإنتاج، لن تعطى لنا شيئاً مما نريده، فهل نعى الدرس جيداً، أتمنى أن نقتدى بالنماذج الأوروبية فى النظام والعمل والعلم وتحديد الأهداف، فلولا النظام لما تقدمت وازدهرت تلك الدول.
