أحمد عبود يكتب: "غمض عنيك شوية"‎

السبت، 29 سبتمبر 2012 09:11 ص
أحمد عبود يكتب: "غمض عنيك شوية"‎ صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما نطفئ النور، سوف لا نرى شيئاً إلا الظلام، ولكن من الممكن فى هذا الظلام أن تفتح باب نفسك، وتكسر هذا الظلام بنور شمعة إيمانك، لترى روحك التى وهبها الله لك، ولا يعلم سرها إلا هو، فبدون هذه الروح سوف تصبح قطعة من اللحم تقلبها الأيادى يميناً ويساراً، ولن يكون لك أى قيمة، ثم توضع فى التراب، فتجرد من هذا الثوب الثقيل الذى يسمى جسدك، فانزع عن نفسك كل الألقاب والأسماء التى تثقل سفينة روحك فى رحلتها إلى من خلقها، وتذكر فقط أنك عبد الله، انزع من داخلك هذا الصراع الدامى بين الروح النقية التى تشتاق إلى ربها، وهذا الجسد المليء بالشهوات والنزوات، فانتصر لروحك على جسدك؛ لتصل إلى المراد، ألا وهو القرب من الملكوت، فمن نال القرب نال الدنيا والآخرة.

عندما تفعل ما سبق سينكسر الظلام، وتبصر عينك روحك، وما أصابها من وهن وعجز لما فرطت فى حقها كثيراً؛ لترضى رغبات جسد فانٍ يأكله التراب، ولكن الروح باقية حتى فى الآخرة، ستكون فى نعيم دائم، أو شقاء يرحمك الله برحمته منه إن شاء، فإنك لو رأيت روحك كما ترى السماوات والأرض فلن تفرط فى حقها أبدا، حيث تشتاق دائما أن تسافر إلى من خلقها، وتأنس وترتاح بجواره فهى منه، ألم ينفخ الله من روحه فى سيدنا آدم؟ فالجسد ينتمى إلى التراب، منه خُلق وإليه يعود، أما الروح فمن الله وإليه سبحانه وتعالى تعود، إن ملاذ الروح ليس أن تكون بداخلك ولكن أن تكون بجوار بارئها، فالقرب من الله ليس بالأجساد، ولكن بالأرواح الطاهرة النقية، فالنعمة الحقيقية ليست الرؤية بالبصر، ولكن الرؤية بالروح.

فعندما تجتمع بأى شىء فلا بد من نهاية محتومة وهى الفراق، ولكن هل هناك فراق فى الاجتماع بمن خلق كل الأشياء، فى حضرته لن ترى إلا الجمال، فحينها لن يكون فوق رأسك حاجز أو مانع، سيكون هو من فوق رأسك فقط، فحينما تدرك الله لا بديل لديك إلا هو، فعندما تملأ عينك بنور الدنيا مرة أخرى، فاعلم أنك إن فزت بالدنيا كلها، فالله الغنى عن كل شيء، وإن خسرت كل شىء فى الدنيا فجوار الله هو الجائزة الكبرى، فالله البادئ والسكن والمقر والمنتهى، فالدنيا حقيرة مهما كبرت، فسعادة الروح أن تدرك أن السعادة فى جوار الله لا غيره.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة