"مصوِّر فى الحج".. كتاب يتناول رحلات محمد على أفندى السعودى

الخميس، 27 سبتمبر 2012 08:29 ص
"مصوِّر فى الحج".. كتاب يتناول رحلات محمد على أفندى السعودى غلاف الكتاب
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصدر مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبو ظبى للسياحة والثقافة، الترجمة العربية لكتاب "مصوِّر فى الحج: رحلات محمد على أفندى السعودى (1904-1908)" للمؤلفين فريد قيومجى وروبرت غراهام، وقامت بنقله للعربية د.سرى خريس.

وُلد السعودى فى القاهرة فى عام 1865 وكان يمثل طبقة المتعلمين التى ظهرت فى الطبقة الوسطى فى مصر ووقعت تحت التأثير الثقافى والاجتماعى والتكنولوجى الأوروبى، بالإضافة إلى التيارات الجديدة الشائعة فى مصر آنذاك، أُعجب السعودى بأفكار جمال الدين الأفغانى السياسية ومبدأ الإصلاح الدينى الذى نادى به المعلم الشيخ محمد عبده الذى قام بمصادقته.

وهكذا تمكن السعودى من الجمع بين أفكار المسلم الوَرِع ومشاهدات المفكّر الواعى المثقف، بالإضافة إلى ذلك، كان السعودى مطّلعاً على تقليد الأوائل من العلماء الرحالة الأوروبيين أمثال السير ريتشارد بورتن (Richard Burton) وجون لويس بوركهاردت (John Lewis Burckhardt). لقد كان السعودى مولعاً بالدراسة لدرجة أنه اقتنى ترجمة مكتوبة بخط اليد لكتاب بوركهاردت "رحلات فى شبه الجزيرة العربية". ويشبه اهتمامه الصارم بالتفاصيل، اهتمام العالِم المُصلح الذى جمع بين وعى جادٍ للغاية وحِسٍّ عميق بالعدالة الاجتماعية.

كان السعودى مسئولاً ذى رتبـة وُسطى فى وزارة العدل وقام بمرافقة القوافل المصريـة الرسمية المتجهة إلى مكة لأداء فريضة الحج فى شتاء عام 1904 والشتـاء الذى امتد بين عامى 1907 – 1908 . كما كان شديد الافتتان بفن التصوير الفوتوغرافى وبالحكايات التى روّجت لها تلك الصور الفوتوغرافية.

لقد كان من النادر جداً، حتى فى مطلع القرن العشرين، أن يقوم أى مصرى أو حتى أى عربى بتأريخ رحلة الحج إلى مكة والمدينة المنورة من خلال كتاب عبر الصور الفوتوغرافية. ولذلك، فإن مذكرات محمد على أفندى السعودى وملاحظاته المكتوبة، والتى تم اكتشافها مؤخراً، بالإضافة إلى الصور الفوتوغرافية المصاحبة لهما، جعلت منه شاهداً استثنائياً على رحلة الحج إلى مكة.

ويضم الكتاب مجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة التى تعكس الثقافة الإسلامية والمفاهيم الاجتماعية التى ارتبطت بشعيرة الحج كما عاشها السعودي. يصف السعودى عبر هذه الصور تغير الطبيعة المادية للحج ذاته، وذلك بسبب الطريق البحرى الممتد من السويس حتى جدّة والذى جعل وصول الحجاج المصريين إلى الأراضى المقدسة أسرع وأسهل مما شجع المزيد من الأشخاص على الخروج إلى الحج. لذلك تضاعف عدد الحجاج فى القوافل المصرية فى الفترة الواقعة بين رحلة الحج الأولى التى قام بها السعودي، ورحلته الثانية التى اصطحب فيها والدته معه.

يناقش الكتاب أيضاً كيف باتت وسائل مكافحة الأمراض أكثر صرامة وكيف سعت السلطات البريطانية إلى منع انتشار الكوليرا ناحية الغرب بسبب الحجاج المسلمين القادمين من الهند وخاصة بعد ظهور نوع جديد من البكتيريا المسبّبة للكوليرا فى عام 1905 فى إحدى محطات المحمل الواقعة فى الطور (Al-Tor) على ساحل سيناء، حيث اكتشف وجودها مجموعة من الأطباء الذين قاموا بفحص الحجاج العائدين من الأراضى المقدسة.

عانى السعودى ورفاقه الحجاج من وطأة غضب البدو الذى أثاره مشروع سكة الحديد، فتعرّضت قوافل الحجاج المصريين للهجوم مرتين، وهى فى طريقها إلى المدينة وعند عودتها كذلك. ويشكل وصف السعودى للرحلة تذكيراً حيوياً للمخاطر التى تعرض لها الحجاج كما ويعكس شجاعتهم الاستثنائية التى غذّاها إيمانهم العميق. لم يَعُد كل الحجاج إلى أرض الوطن. وعلى الرغم من سيطرة هذه الظروف البدائية على رحلة الحج، يُعدّ السعودى رحّالةً "عصرياً" ويُعزى ذلك إلى أن كتاباته سلّطت الضوء فى المقام الأول على الجوانب الاجتماعية والسياسية والإثنوغرافية للرحلة وللرحالة والتى قام بتأريخها كذلك بواسطة آلة "معاصرة" ألا وهى الكاميرا. عدّ الرحالة أمثال السعودى والجنرال إبراهيم رفعت الجانب الدينى للرحلة أمراً مسلماً به ولذلك التزم كلاهما بتسجيل مشاهدتهما لطقوس الحج.

نتج عن وصف السعودى لرحلاته أربعة مجلدات من يومياته التى وصل عدد صفحاتها إلى مئتين وخمسين صفحة فولسكاب (ورق كبير القطع) خطها بخط مصقول جميل، بالإضافة إلى العديد من الملاحظات. ولقد كتب معظمها بقلم الرصاص بينما كان على ظهر الجمل مسافراً وقد جلس على الشاكداف وهو نوع خاص من المقاعد المخصصة للحجاج المسافرين على ظهر الجمال ويتكون من إطار خشبى ثُبّت فوقه مقعد مُبطّن افترش ظهر الجمل.

جدر بالذكر هنا أنه نادراً ما يتمكن المسافر على هذا النوع من المقاعد من الكتابة بخطٍ أنيق أو حتى مقروء. ولم تكن طريق التنقل الصعبة هذه لتساعد على الحفاظ على ممتلكات المسافرين أيضا. ولذلك، اضطر السعودى عند عودته إلى القاهرة إلى إعادة كتابة كل ملحوظاته التى تعذّر فهمها وإلى استرجاع الكثير من الأحداث التى دونها ولكنها فُقدت فى الطريق. يعد هذا الكتاب إحياء لهذه اليوميات التى تعد ذخيرة ثقافية وتاريخية.

مؤلفا الكتاب: فريد قيومجي، وهو باحث متخصص فى أدب الرحلات المتعلق بالشرق الأوسط، وما يحويه من وثائق تاريخية، ووصف لرواسم حجرية، وصور فوتوغرافية تعود إلى القرن التاسع عشر على وجه الخصوص.

أما روبرت غراهام، فهو صحافى مستقل يعيش اليوم فى باريس وجنوب إسبانيا. منح فى عام 2004 وسام الفروسية الشرفية برتبة ضابط الإمبراطورية البريطانية (OBE: Officer of British Empire) لما قدمه من خدمات جمة للصحافة والإعلام.

ومترجمة الكتاب د.سرى خريس، الأستاذ المشارك فى النقد والأدب الإنجليزي، حصلت على درجة الدكتوراه من الجامعة الأردنية عام 2001، وتعمل حالياً فى قسم اللغة الإنجليزية فى جامعة العلوم التطبيقية الخاصة فى عمان- الأردن. تنصب اهتماماتها على الدراسات النسوية والأدب العالمي. من أعمالها المترجمة: الإسلام والاستشراق فى العصر الرومانسي: مواجهات مع الشرق لمحمد شرف الدين، والمؤلف لأندرو بينيت، وتسلق أشجار المانغا لمادور جافري، وجميعها صادرة عن مشروع "كلمة" للترجمة- هيئة أبوظبى للسياحة والثقافة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة