لماذا سميناه إضراب الكرامة؟ هو حلقة جديدة فى سلسلة طويلة من الاحتجاجات لاسترداد كرامة المريض المصرى وكرامة العاملين فى وزارة الصحة، وعلى رأسهم الطبيب المصرى.
لا أحد فى هذه البلاد ينكر أن النظام المخلوع على مدار 30 سنة دمر وزارة الصحة وقضى على كل أمل فى أن يحصل المريض الفقير على حقوقه، التى كفلها الدستور وقضى على كل أمل فى أن يسترد كل طبيب كرامته وحقوقه المسلوبة فى كل المجالات حتى حقوقه فى العلاج هو وأسرته.
هل توجد أزمة فى الخدمات الصحية، التى تقدمها وزارة الصحة للمصريين؟ نعم توجد أزمة كبيرة ومزمنة وخطيرة تتلخص فى النقص الشديد فى الأدوية والمستلزمات والأجهزة اللازمة والتخطيط السيئ لإعادة بناء المستشفيات المتهالكة المبانى والتأخير الشديد فى استكمال المستشفيات تحت الإنشاء لسنوات عديدة وتدن شديد فى أجور العاملين فى المجالات الصحية وفساد مستشرى فى كل أرجاء الوزارة، من أول اختيار القيادات وإدارة صناديق الخدمات من أول الديوان إلى أصغر منشاة صحية فى أى قرية مصرية كل ذلك، وأكثر أدى إلى انهيار المنظومة على مدار أكثر من ثلاثين عامًا وتدنى مستوى الخدمة المقدمة للمرضى، ومن ثم الاعتداءات اليومية على المستشفيات والعاملين بها مما أدى إلى الكثير من الإضرابات، وأحيانا الهروب من العمل.. هذه الأزمة نتجت عن مخططات خبيثة للحزب المنحل لخصخصة مستشفيات وزارة الصحة والهروب من تحمل مسئولية تقديم رعاية صحية آمنة وعالية الجودة مجانية، حسب الدستور، والأهم استمرار الحكومة الحالية فى دفن رأسها فى الرمال.
هل الأزمة لها علاقة بالثورة المصرية؟ نعم ونعم الأزمة الصحية من الأسباب المباشرة لثورة الشعب فى يناير، والمطالبة بحل الأزمة من أهم أهداف الثورة المصرية، عيش حرية عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية.. أهداف الثورة المصرية، أهداف مقدسة لأنها تمثل المطالب الحقيقية للشعب المصرى، وأهمها الحق فى الرعاية الصحية الآمنة وعالية الجودة والمجانية.
هل تمت إدارة موضوع الأزمة بالطريقة الصحيحة؟ أقول لا حتى هذه اللحظة فمن حيث التوقيت تأخرت كل الحكومات ومنها الحكومة الحالية فى إدارة الأزمة، والكل اعتمد على التسويف وبعض المسكنات.. وتم التعامل مع الأزمة بطريقة تفتقد الشفافية والموضوعية وخطة متكاملة للحلول الجذرية يتم تنفيذها على مراحل مرتبطة بخطط التطور الاقتصادى.. لم نر خطة متكاملة للحل الجذرى الذى لابد أن يحتوى على عناصر قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل واستمر الجميع فى استخدام قاموس النظام المخلوع، والذى رفضه الشعب فى ميدان التحرير.
مع الحكومة التى شكلها الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسى استمر التسويف والمماطلة واستمرت اعتداءات البلطجية على الأطباء والممرضات والمستشفيات بسبب نقص الدواء والإمكانيات وليس الانفلات الأمنى بل الانفلات الاجتماعى، الذى لن يحله وضع قوات عسكرية تحمى العاملين فى المستشفيات ولا أخفيكم سرا إحباط أصاب الأكثرية من الأطباء وخاصة الشباب منهم بسبب تدنى أجورهم وتأخير صرف مستحقاتهم وضياع كرامتهم بشكل يومى.
كان على وزير الصحة الحالى والحكومة الحالية أن يتوقفوا تماما عن دفن رؤوسهم فى الرمال والتحرك ببطء كالبطة العرجاء.
الوزير الحالى لخص الموضوع فى أن ميزانية وزارته تحتاج إلى ثلاثة أضعاف الميزانية الحالية وجلس على شاطئ البحر، يبنى لنا قصورا من الرمال.. الوزير الحالى لايمتلك خطة لإصلاح المنظومة الصحية ومالديه فقط هو أننا علينا انتظار الميزانية القادمة.. الوزير الحالى عاجز عن إعطائنا أرقاما تبين مدى التدهور والانهيار، الذى أصاب وزارته وجداول زمنية للحل وعناصر هذا الحل فى إطار حوار مستمر بين أطراف الأزمة وأطراف حلها.
لا مفر من إصدار قانون موحد للأجور لجميع العاملين بالدولة يراعى فيه المؤهل ومدة الدراسة بدلا من القوانين الفئوية الموجودة حاليا وأسميها قوانين الكوادر وما أكثرها والكل حصل على كوادر ماعدا وزارات الخدمات التى تخدم المساكين من أبناء هذا الشعب، وكذلك تطبيق الحد الأدنى والحد الأقصى وكذا زيادة هذه الأجور سنويا تمشيا من نسبة التضخم بهدف القضاء على الصراع الطبقى فى المجتمع وإعادة بناء الطبقة الوسطى الضامنة لاستمرار التطور الاجتماعى والاقتصادى لأى دولة وعمل جداول زمنية لإصلاح منظومة الأجور تتماشى مع منظومة الإصلاح الاقتصادى.. لأن الكوادر لم تحل مشاكل حتى من حصلوا عليها لأن العدالة التى تعنى المساواة، والتى هى جوهر الحكم عندما تغيب سيغيب معها الرضا بما قسم الله، وهو العدل وأعدل العادلين.
ثانيا: لامفر على الإطلاق من تطبيق معايير العمل فى القطاعات الحكومية التى تحرم على كل من يرغب فى العمل فى القطاعات الحكومية القيام بأى أعمال خاصة وعلينا الخيار أما العمل الخاص أو العمل الحكومى، وهذا النظام مطبق فى بلاد كثيرة منها السعودية بشرط أن تكون الأجور عالمية، ولتكن كأجور الأطباء حتى فى دولة اليهود نحن لسنا أقل منهم.
ثالثا: لامفر من تطبيق مقررات اتفاقية أبوجا بأن لا تقل ميزانية وزارة الصحة عن 15% من ميزانية الدولة لضمان تقديم خدمات صحية وطبية آمنة وعالية الجودة.. وأنا هنا أقولها بصراحة نريد العودة بمستشفياتنا إلى مستواها السابق الذى رأيناه فى السبعينيات.. وأعتقد أن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه بـ4% فقط من ميزانية الدولة.
رابعا: لابد من القضاء على الفساد فى القطاع الصحى وقطع دابر الفاسدين والمرتشين ومحاسبة المسئولين عن تدمير هذا القطاع بإلغاء مئات المستشفيات وتحويلها إلى مراكز طب أسرة وإلغاء مستشفيات الحميات والتوقف عن استكمال منظومة التطوير والإنشاءات للكثير من المستشفيات، التى ظلت تحت الإنشاء أكثر من خمسة عشر عامًا.
كل هذه المحاور وأكثر منها تحتاج إلى البدء فورا فى العمل عليها من خلال خطة متكاملة العناصر السريعة والعاجلة والآجلة ولا يمكن أن يطالبنى الوزير أو الرئيس بانتظار الميزانية القادمة بدون قوانين جديدة لإصلاح المنظومة كاملة يتم الاتفاق والتوافق عليها وإقرارها.. وكفانا حججا وقواميس وجملا لم تفلح معنا ولم تحل مشاكلنا نحن الأطباء أو غيرنا من أبناء الشعب المصرى الحر والواعى منذ زمن المخلوع والحزب المنحل وإلا تبقى الثورة محصورة فى أنهم ضحكوا علينا وشالوا الدو وجابو شاهين وهذا لن يكون لأن الثورة مازالت وستبقى مستمرة لحين تحقيق أهدافها المقدسة والراسخة فى وجدان هذا الشعب.
وأخيرا أقول إن أغلبية الأطباء وخاصة شباب الأطباء فى وزارة الصحة، التى دمرها المخلوع يؤيدون التحرك السلمى والحضارى وفرض تنفيذ مطالبهم المشروعة بالاحتجاجات المستمرة والإضراب الجزئى المفتوح عن العمل الذى لايضر بالمريض وحقوقه المقدسة وبكل الوسائل الحضارية والمشروعة، وخاصة أن مطالبهم عادلة وضرورية لحفظ كرامة المريض والطبيب المصرى.. نريد أن نرى بصيص نور فى نهاية النفق وإقرار قانون الكادر وجدول زمنى للتنفيذ مع إعطاء الأولوية فى بدء التنفيذ لشباب الأطباء وخاصة أطباء التكليف والأطباء المقيمين. وعاشت بلادنا حرة مستقلة وحديثة.
إضراب الأطباء - صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
dr/amr
كلام جميل