هل لإسرائيل يد فى إحداث السيل المتدفق من الأمواج التى تضرب البلاد موجة بعد أخرى من قلاقل الاعتصامات والمشاحنات الحزبية والتخوين والاتهامات المتبادلة والتربص بالنظام الجديد ومحاولة إهالة الثرى على إنجازاته ومن ثم إسقاطه لتغرق مصر فى بحور الفوضى؟.
لا تمتعض من فضلك وتردد مثل البعض أن هذا الاعتقاد يمثله فقط المؤمنون بنظرية المؤامرة، ولكن تعال معى لنتذكر تصريحات صاحب الاسم الأشهر فى إسرائيل ورجل المهام الصعبة والخبير الاستراتيجى الذى تعقد عليه إسرائيل أملها الكبير فى حماية أمنها الداخلى والخارجى، وهو آفى ليختر، صاحب الكلمة المسموع لها بل والمصغى لها باهتمام بالغ من قبل الإسرائيليين حكومة ومؤسسات، والذى شغل منصب وزير الأمن الداخلى ومن قبلها منصب رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلى (جهاز أمن الدولة) ونقارن هذه التصريحات بما جد من أحداث على الساحة السياسية وما يجد من أحداث الأمس واليوم وغدا لنرى تدبير وتخطيط إسرائيل المحكم.
التصريحات تقع ضمن ملفات من المفروض أنها مختومة بختم: سرى جداً لأنها كانت ضمن محاضرة آفى ليختر بمعهد أبحاث الأمن القومى ولكن الوثيقة التى تتحدث عنها تسربت وكشفت مخطط إسرائيل تجاه تطورات الأوضاع فى المنطقة المحيطة بها.
حينئذ انهمك المفكرون والمحللون فى دراستها وفضحها ونشرها أمام الشمس مثل باقى "غسيل إسرائيل".
التصريحات كثيرة ومتنوعة وتشمل ما تخبئه إسرائيل من معلومات سرية عن التعامل مع قضايا عربية تعكس مخاوف إسرائيل من العرب خاصة والسعودية وقطر فى طريقهما للسباق النووى ولكن ليس هنا مجالها، وإنما نحن بصدد تصريحات ليختر بشأن مصر والسودان ، التى قال فيها إن القاعدة الأساسية للعلاقة مع مصر هى "خروج مصر من الصف العربى"، وأنه يجب معاملتها مثل العراق، تحييداً وتفريقاً بين أطيافها وتفريغها من شحنات القوة والصلادة المعروفة عنها.
وأبدى رجل الأمن الإسرائيلى فرحة إسرائيل بتعاون شركائها من بعض رجال الأعمال المصريين وأصدقائها من رجال إعلامها،
فهل يعنى ذلك إحساسا وشعورا إسرائيليا بفقدها حليفا كان مصدر أمن لها، وسعيها بكل السبل لإسقاط هذا النظام الجديد غير المتحالف بشتى السبل مستخدمة أصدقاءها فى مصر من بعض رجال الأعمال الذين يوقظون الاحتجاجات الفئوية والإضرابات، وأصدقائها فى الإعلام بحكم أن الإعلام هو الذى يهب الشعب مزاجه فيعطى انطباعات الإحباط واليأس والضجر من النظام الجديد بتكرار برامج "الندب ولطم الخدود" والتخويف والتخوين.
وهذا ما فعلته إسرائيل بالضبط مع العراق باعتراف ليختر نفسه، كى لا يعود العراق إلى سابق قوته، مستغلين علاقتهم مع الأكراد وبعض النخب السياسية والاقتصادية لبقاء العراق خارج نطاق الاشتباك مع إسرائيل.
وقال عن السودان مردفا إنه يجب إضعافه كى لا يصبح قوة تضاف إلى العرب، وذلك بتشتيت جهوده وتبديد طاقاته، وهذا ماحدث فى تقسيم السودان والتقارب اللامحدود بين إسرائيل ودولة جنوب السودان.
فهل ستكون العلاقة الاقتصادية بين مصر والسودان هى بداية عدم الرضى الإسرائيلى عن مصر فتزيد من إلقاء جذوات اللهب تحت القدر الساخن، فنرى كل يوم جديد كارثة جديدة ليتأجج آتون الاعتصامات والإضرابات ويرتفع سقف المطالب لتعجز مصر الجديدة الوليدة عن الوقوف على قدميها الواهيتين فى ظل استغراق وسبات عميقين من النظام الجديد والنخبة التى ترى نفسها فى أحلامها جالسة على كرسى الحكم الذى تخطط إسرائيل بامتياز للجلوس عليه قبل الجميع.
على رمضان يكتب:مصر والسودان وأصابع الشاباك الإسرائيلى الخفية
الأربعاء، 26 سبتمبر 2012 09:18 م