هناء المداح تكتب: طلاق جماعى!

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012 11:09 ص
هناء المداح تكتب: طلاق جماعى! صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أن يطلق الزوج زوجته ويتخلى عنها لأى سببٍ كان فهذا أمر ليس بغريب، أما أن يطلق الأب أبناءه ويرفض الإنفاق عليهم ورعايتهم ولو من بعيد ظنًا منه أنه هكذا يعاقِب الزوجة ويضغط عليها ويذلها، فهذه مصيبة بل كارثة بدأت وللأسف الشديد تأخذ شكل الظاهرة فى عالمنا العربى لكثرة عدد هؤلاء الآباء الذين يعتبرون بأفعالهم المعيبة بعيدون كل البعد عن معنى الأبوة الحقيقية.

فلفظ "الأب" ليس مجرد اسم فى شهادة ميلاد الابن إثباتًا لانتسابه إليه، وإنما هو "رمز" الرجولة وتحمل المسئولية تجاه أبنائه، فإن تخلى عن هذه المسئولية فلا يستحق أن يطلق عليه كلمة "أب"، الأب هو الولى الطبيعى على أبنائه - إذا أحسن تحمل مسئولياته وقام بواجباته عملًا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، ولكن إذا تخلى الأب عن تلك المسئوليات وترك أبناءه للأم بلا مورد أو رعاية مادية ومعنوية وافتقد إلى معانى الأبوة ومسئولياتها فهؤلاء الآباء يجب أن ترفع أيديهم تماما عن أبنائهم، فلا يتحكمون فى أى أمر من أمورهم الحياتية بعد أن تركوا مسئوليتهم عنهم بمحض إرادتهم إلى أن يعودوا إلى أداء مسئولياتهم ويتحملوها وليس قبل ذلك، وهذا دور التشريعات القانونية التى يجب أن تشرع مواد قانونية رادعة وملزمة لهؤلاء الآباء الظالمين الذين يخالفون شرع الله علنًا ويتبجحون على كافة تقاليد وأعراف المجتمع الإسلامى!..

فبعض الآباء ينتظرون حكم النفقة من المحكمة حتى يقوموا بالانفاق على أطفالهم ثم يدَّعون الفقر ويتلاعبون فى إثبات دخولهم حتى تحكم المحكمة بمبلغ زهيد نفقة لأطفالهم ثم يماطلون فى الدفع حتى ترفع عليهم دعاوى الدفع أو الحبس، ومع ذلك لا يدفعون إلا إذا كانوا على شفا حفرة من صدور حكم ضدهم بالحبس ثم يتكرر هذا السيناريو عند المطالبة بأى مبلغ نفقة!..

هذا إذا كان الأب داخل البلاد!، أما إذا كان فارًا من مسئولياته خارج البلاد تاركًا أبناءه للأم فلا سبيل للتنفيذ، خاصة إذا كان مكان إقامته مجهولا.

على كل أب من هؤلاء الآباء العاقين أن يعى جيدًا أن ولايته على أبنائه ليست تفضيلا له وإنما الولاية تكليف وهى ليست مطلقة وإنما مقيدة بشرط أداء الواجبات والإنفاق فإذا انتفى هذا الشرط حُجبت الولاية، وغُلّت يد الأب عن التدخل فى شئون أبنائه.. فالأب الذى لا يقوم بمسئوليته فى الرعاية الأساسية للطفل المحضون لأمه هو الذى غَلّ يده، حيث قصّر فيما يجب القيام به من رعاية لولده..

قال تعالى فى سورة البقرة: (وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ)، وغل يد الأب فى حالة عدم قيامه بالإنفاق لها أصل شرعى فى قوله تعالى:
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ).

فالإنفاق فى الشريعة الإسلامية هو الأصل الذى أعطى الرجل حق التفضيل والتكليف..

والإخلال بالإنفاق على من تجب عليه نفقته ظلم.. والقادر الممتنع ظالم.. ومسقط بنفسه درجة الفضل التى امتن الله بها عليه، كما أن الله سبحانه وتعالى وضع دستورًا للعلاقة الزوجية فى قوله تعالى: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)، وضياع هذه الواجبات الرئيسة التى فرضها الله سبحانه وتعالى أوجد هذا النوع من الانفراط فى داخل بناء الأسرة المصرية بتلك السلوكيات الشائنة من الآباء الجاحدين.. وغل يد هذا الأب المقصر عن التواصل مع أبنائه أمر شرعى لأن الأب الذى لا يستطيع الوفاء بدوره فى الإنفاق وهو تكليف إلهى لا يمكن أن يُنتظَر منه خير لصالح الطفل، فعقوق الآباء لأبنائهم جريمة يدفع ثمنها الأطفال والمجتمع، لأن ولاية الأب وظيفة تكليفية شرعية واجبة ولا يجوز له أن يسقطها عن نفسه ويتبرأ منها وينفض يديه عنها، حيث لا مجال فيها لإرادته أو اختياره ولا يجوز مطلقا مكافأة هذا الأب الممتنع عن الإنفاق على ابنه بمنحه حق رؤيته واستضافته، وإنما يجب حرمانه من النعمة التى أفسدها على نفسه عامدا متعمدا، فهو عندما يتهرب من الإنفاق على الصغار عنادًا أو كبرياء أو انتقامًا من الأم، فالأولى به أن يتنحى عن دوره كأب وذلك من منطلق أن من لا يؤدى واجباته يُمنَع من حقوقه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة