فى لقاءٍ صحفى أطل علينا عجوزٌ من عجائز أمريكا وقال كلامًا لابد أن ننتبه له ونعمل له ألف حســــــاب، قال العجوز:
إن طبول الحرب تدق الآن فى الشرق الأوسط وبقوة، ومن لا يسمعها فهو بكل تأكيد "أصم".
وأســــهب قائلاً: إن إيران هى ضربة البداية فى الحرب العالمية الثالثة التى سيتوجب فيها على إسرائيل قتل أكبر عدد ممكن من العرب، واحتلال نصف الشرق الأوسط.
هذا العجوز هو هنرى كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، "89 عامًا"، وأحد أبرز أقطاب الصهيونية العالمية.
ولكن الأخطر من هذا هو كشـــــفهُ عن خطة أمريكية ترمى إلى تولى زمام الأمور فى سبع دول فى الشرق الأوسط، نظرًا لأهميتها الاستراتيجية واحتوائها على البترول.
وقال كيسنجر لصحيفة ديلى سكيب الأمريكية: "لقد أبلغنا الجيش الأمريكى بأننا مضطرون لتولى زمام الأمور فى سبع دول فى الشرق الأوسط، نظرًا لأهميتها الإستراتيجية لنا خاصة أنها تحتوى على البترول وموارد اقتصادية أخرى".
وأشار إلى أنه إذا سارت الأمور كما ينبغى فسيكون نصف الشرق الأوسط لـ "إسرائيل".
وقال: "لقد تلقى شبابنا فى أمريكا والغرب تدريبًا جيدًا فى القتال خلال العقد الماضى، وعندما يتلقون الأوامر للخروج إلى الشوارع ومحاربة تلك اللِّحى المجنونة فسوف يطيعون الأوامر ويحولونهم إلى رماد".
وأضاف قائلاً: بعدها نبنى مجتمعًا عالميًّا جديدًا لن يكون إلا لقوة واحدة وحكومة واحدة هى الحكومة العالمية "السوبر باور"، حيث إننى حلمت كثيرًا بهذه اللحظة التاريخية.
واســـتطرد قائلاً: "لم يبق إلا خطوة واحدة، وهى ضرب إيران، وعندما تتحرك الصين وروسيا من غفوتيهما سيكون الانفجار، والحرب الكبرى التى لن تنتصر فيها سوى قوتين هما إسرائيل وأمريكا، وسيكون على إسرائيل القتال بما أوتيت من قوة وسلاح لقتل أكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط".
هذا هو ثعلب السياسة الأمريكية هنرى كيسنجر، مستشار الأمن الأمريكى ووزير الخارجية الأســـــبق فى عهد ريتشارد نيكسون، فى حديثٍ صحفى نادر "لديلى سكيب" اليومية المحلية فى نيويورك، تلك البذاءات لهنرى كيســــنجر وأتباعه الذين يشكلون ميليشيات إليكترونية يمارسون بها إرهابًا فكريًّا على المفكرين والكتاب والمثقفين حتى يصمتوا عن نقده فيعم الظلام الفكرى الذى يريده هو وإســــرائيل لتلك البلاد العربية.
نعم.. لقد تملكنى الصدمة والذهول ممَّا نُشر وممَّا قاله هنرى كيســــنجر، فهو ســــــعيد لأن حلمه ســـــيتحقق، ولأنه حاز "نوبل" فيقول ما يحلو له، ونحن هنا لسنا بصدد التعامل مع كلام كيسنجر كخبر صحفى يمر مرور الكرام بقدر ما هو محاولة تفكيك وتركيب وتحليل مصداقيته الجيوبوليتيكية والجيواستراتيجية، وإمكانية تحقيقها على أرض الواقع، معتمدين فى ذلك على تشريح الجانبين اللغوى والنفسى وتأثير العامل الأيديولوجى والثقافة السياسية على شخصية كيسنجر من خلال ذلك التصريح الإعلامى، مع مزج كل ذلك فى رؤيته الشخصية للتحولات والمتغيرات الدولية الراهنة، والتى سنسعى من خلالها إلى ربط أفكار كيسنجر سالفة الذكر بواقع دولى متأزم.
ممَّا لا شك فيه، وكما هو واضح من تصريحات كيسنجر تلك بوجه عام تأثر شخصيته السياسية والثقافية بمرجعيته الأصولية والأيديولوجية الصهيونية والتى انعكست على لغة خطابه أو تصريحاته الصحفية ، بالإضافة إلى أننا لاحظنا اختياره لعبارات وكلمات لغوية "متطرفة وعنصرية".. وهو ما يدل على أمرين ، أولهما: أن هذا الرجل قد وصل إلى مرحلة الخرف والشيخوخة، وبالتالى فإن تصريحاته تلك لا تزيد على كونها هلوسة إعلامية صهيونية، أو أحلامَ يقظة لا يمكن لها أن تتحقق على أرض الواقع.
وأما الأمر الآخر فهو أن يكون مخططًا أو سيناريو يمكن أن يوضع فى خانة الاحتمالات المستقبلية والإستراتيجية "السوبرانية"، التى اطلع عليها كيسنجر أو ساهم فى وضعها أو يحلم بحدوثها، مع عدم قبولنا العقلى والمنطقى بفكره.
وعلينا فى كل الأحوال أن نأخذ هذا الكلام على محمل الجد لا المزح، وأن نســـــــــتنتج ما هو فى صــــالحنا، وما هو آتٍ بإذن الله.
د. حسن عبد الحميد الدَّراوى يكتب: عجوزٌ قديم أطل علينا.. وياليته
الإثنين، 24 سبتمبر 2012 11:04 ص