منذ أن هلت نسمات ثورة 25 يناير المجيدة، ويردد الجميع .. عيش، حرية، عدالة اجتماعية .. فيهتف الجميع مطالبين بالعدالة الاجتماعية التى يحلم بها معظم هذا الشعب العظيم ..
ويطالب الجميع بالعدالة الاجتماعية نظراً لتفشى ظاهرة اتساع رقعة الطبقة الوسطى، والذى من المفترض أن تكون متوسطة الدخل، إلا أن الطبقة الوسطى فى بلادنا لا تبتعد كثيرأ عن الطبقة الفقيرة ، بل ويوجد بينها وبين الطبقة العليا فجوة كبيرة جدا، فنرى الغنى جداً ، ثم المتوسط ، ثم الفقير ،، وبالتالى فقد اختفت طبقتين وهما (الغنى ، والفوق متوسط) ، ومن هنا جاء الهتاف بالعدالة الاجتماعية.
ومما لا شك فيه أن الأنظمة السابقة هى السبب الرئيسى فى خلق هذه الفجوة الهائلة بين الطبقة المتوسطة والطبقة الغنية ، وكل ما نتمناه فى المستقبل أن تعمل الحكومة وكل الجهات المسئولة على إذابة هذه الفجوة ، وعلى محاولة التقريب بين الطبقات .
وهناك العديد من الوسائل التى تساعد فى خلق هذه العدالة المطلوبة، أوعلى الأقل الحد من اتساع تلك الفجوة بين الطبقة الوسطى والطبقة العليا، وتقليل الفارق بينهما.
ولعل أبرز هذه الوسائل هى الضرائب التى تُفرض على المواطنين، وكذلك العلاوات التى تُمنح للمواطنين، وهما أدوات للتحكم فى مستوى دخول الأفراد، فإن تم استخدامها الاستخدام الأمثل صعدت بها الحكومات إلى أعلى مراتب الاقتصاد فتنهض بمستوى الدولة ككل، وإن تم استخدامها ( الضرائب والعلاوات ) خطأ ، تهوى بالدولة إلى عالم التخلف والظلمات، وللأسف فى بلادنا نسير بنفس الخطى الخاطئة التى كان يتبعها النظام السابق فى استخدام هذه الوسائل ، والتى تعمل على اتساع الفجوة بين الطبقتين السابق ذكرهما لا لأن تعمل على تقليصها.
فعلى سبيل المثال رأينا أن شركات المحمول قد فرضت ضريبة جديدة بعد الثورة على كل الخطوط وهى تقدر بمبلغ ثابت وهو 51 قرش شهرياً.
وبالتالى فإن من يقوم بشحن كارت قيمته 5 جنيهات شهرياً فإنه يُستقطع منه مبلغ 51 قرشاً أى حوالى 10% من قيمة استهلاكه الشهرى، بينما نجد من يقوم بشحن مائة جنيه ( مثلا ) فى الشهر فإنه يُستقطع منه نفس مبلغ الضريبة المفروض وهو 51 قرشاً أى حوالى 0.0051 % من قيمة استهلاكه، وبالتالى فإن الغنى الذى يشحن بـمائة جنيه لم يتأثر نهائياً بهذه الضريبة، لكن الذى تأثر بها هو الفقير الذى يشحن بخمسة جنيهات فقط فى الشهر، مما يعمل على إضافة عبئاً على الفقير أكثر منه على الغنى ، ومن ثم تتسع الفجوة المذكورة بين الطبقتين أكثر وأكثر.
كذلك قرار العلاوة الإجتماعية التى منحها رئيس الجمهورية بنسبة 15% لجميع العاملين بالدولة .. وهنا نجد أن الموظف الذى يتقاضى راتب قدره 1000 جنيه قد زاد بناءً على هذه العلاوة مبلغ 150 جنيها بقيمة 15% من الأجر ، أما العامل الذى يتقاضى راتباً قدره مائة جنيه فقد زاد مبلغ 15 جنيه بناءً على النسبة المذكورة أيضاً ..
وبالتالى فنجد أن الغنى ( الذى يتقاضى 1000 جنيه ) قد زاد 150 جنيه ، والفقير ( الذى يتقاضى 100 جنيه ) قد زاد 15 جنيه .
أى أن هذا القرار قد زوّد الغنى بنسبة أكبر عشر مرات من نسبة زيادة الفقير مما يعمل على زيادة الفجوة بين هذين المواطنين ، ضارباً بعرض الحائط تلك العبارة التى هتف ويهتف بها الجميع .. عدالة اجتماعية.
والحل بكل بساطة هو قلب هذين القرارين وعكسهما تماماً ،، فالأصّح أن تكون الضريبة مفروضة بنسبة على فئات المجتمع المختلفة ، وليست مبلغ ثابت ( 51 قرشاً) كما هو الحال حالياً، مما ينتج عنه أن يُستقطع ضريبة تصاعدية تتناسب مع الاستهلاك بحيث لا يتساوى العامل الفقير الذى يشحن بخمسة جنيهات مع المواطن المقتدر الذى يشحن بمئات الجنيهات، فإذا تم فرض الضريبة بنسبة 1% مثلاً سنجد أن الفقير الذى يشحن بخمسة جنيهات قد دفع مبلغ 5 قروش مثلاً أما الغنى الذى شحن بمبلغ 100 جنيه قد سدد ضريبة قدرها 100 قرش أى ضعف ما دفعه الفقير 20 مرة.
أما العلاوة فمن الأفضل حالياً أن تكون بمبلغ ثابت ،، فإذا افترضنا أن مبلغ العلاوة الثابت (مثلاً) مائة جنيه لكل الفئات ، فنجد أن الموظف الذى يتقاضى راتب قدره 1000 جنيه قد زاد بمبلغ قدره 100 جنيه أى 10% من راتبه ، بينما المواطن ( الفقير ) الذى يتقاضى راتب قدره 100 جنيه قد زاد بمبلغ العلاوة الثابت 100 جنيه ، فيصبح راتبه 200 جنيه ،، أى زاد بنسبة 100% ، فيصعد هذا العامل البسيط ولو بنسبة قليلة فى اتجاه ذلك الغنى.
من هنا نضع أقدامنا على أول طريق العدالة الإجتماعية فتتحقق شيئاً فشيئاً ، وتقل الفجوة بين الطبقات جميعاً، فلن يزداد الفقير فقراً مع ازدياد الغنى غِـناً ، بل سيقترب كلا منهما من الآخر.
إضراب عمال -صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أشرف مهنى
مقال أم بحث إقتصادي