تصاعد البطالة مع تداعى الاقتصاد الإيرانى

الأحد، 23 سبتمبر 2012 03:01 ص
تصاعد البطالة مع تداعى الاقتصاد الإيرانى أحمدى نجاد
دبى (رويترز)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقول أحد رجل الأعمال الإيرانى يدير شركة لتصنيع الأجهزة الكهربائية "الأعمال تنضب والصناعة تنهار ولا يوجد استثمار، أرى هذا بأم عينى"، وقد كان فى طريق عودته من أوروبا إلى إيران وهى رحلة يقوم بها أكثر من مرة كل عام.

ويعانى الإيرانيون تحت وطأة عقوبات اقتصادية فرضتها الدول الغربية منذ بداية العام بسبب مواصلة طهران برنامجها النووى الذى تقول واشنطن إنه يهدف إلى إنتاج أسلحة.

ويقول اقتصاديون إن معدل التضخم الرسمى البالغ 25 بالمئة ربما يصل إلى مثلى ذلك واقعيا ويضيفون أن مئات الآلاف فقدوا وظائفهم نتيجة الحظر التجارى الذى قلص إمكانية التصدير وزاد من صعوبة حصول عدد كبير من الشركات الإيرانية على مواد خام حيوية.

وحتى حين تصلها المواد الخام فإن انخفاض قيمة الريال الذى انحدر إلى النصف فى الاثنى عشر شهرا الأخيرة يزيد الأعباء مما يضطر أرباب العمل لخفض الأجور.

وقال مهرداد عمادى وهو مستشار اقتصادى للاتحاد الأوروبى يقيم فى بريطانيا: "نكاد نرى بطالة جماعية فى المدن وصفوفا للإعانات الاجتماعية. تقل البدائل المتاحة لهؤلاء وسينتهى الحال بكثيرين إلى الاصطفاف لطلب إعانات غذائية".

وتكشف سلسلة من المحادثات الهاتفية أجرتها رويترز مع مواطنين إيرانيين مدى تفشى البطالة، وطلب هؤلاء ألا يجرى الكشف عن هوياتهم أو أسماء أرباب عملهم بسبب حساسية المسالة.

وفقدت منى (31 عاما) وظيفتها فى إدارة الموارد البشرية فى شركة مقاولات خاصة تعمل فى قطاعات النفط والغاز والتشييد قبل ستة أشهر ومازالت بدون عمل منذ ذلك الحين.

وبدأت الشركة خفض عدد العاملين بها البالغ ستة آلاف قبل ثلاثة أعوام لكن الأوضاع تدهورت العام الماضى، ولم يصرف عدد كبير من العاملين أجورهم منذ شهور.

وقالت منى إنها فقدت وظيفتها بعدما بعثت وعدد من زملائها برسالة للمديرين احتجاجا على عدم صرف الأجور.

وأضافت خلال محادثة هاتفية من طهران "فى بادئ الأمر لم يقلقنى سوى كيفية تمضية الوقت ولكن سريعا ما اتضحت حقيقة الوضع الاقتصادى الرهيب".

وفى سعيها لإيجاد فرصة عمل أنفقت من مدخراتها وباعت حليا ذهبية لسداد فواتير ونالت منها مشاعر اليأس وعانت من نوبات اكتئاب متزايدة.

وقالت: "فقدت الأمل فى المستقبل، حين تفقد الأمل فلا شىء يهم"، ولقى المهندس الميكانيكى على (42 عاما) نفس المصير قبل ثلاثة أشهر بعدما استغنت عنه شركة صغيرة لإنتاج المعدات الصناعية واجهت صعوبات متزايدة فى استيراد مواد مهمة من أوروبا.

وقال خلال محادثة هاتفية: "ماذا يمكننا أن نفعل؟ يمكن أن نحصل على هذه المواد من الصين ولكنها ليست بالجودة الكافية".

وتوظف الشركة حاليا 400 شخص انخفاضا من أكثر من ألف قبل عامين ويخشى على من أنها ستضطر لإغلاق أبوابها قريبا مثل شركات كثيرة أخرى.

وقال: "توقف عدد كبير من المشروعات الصناعية فى إيران، لا توجد شركات تستثمر، تعتقد الشركات أن حربا قد تنشب ومن ثم تفقد كل شىء".

ومع استمرار تهديد إسرائيل بعمل عسكرى بسبب برنامج إيران النووى قالت بريطانيا الأسبوع الماضى إن دول الاتحاد الأوروبى تعد مجموعة جديدة من العقوبات لتكثيف الضغط على إيران، وتقول إيران إن برنامجها النووى للأغراض السلمية.

وقال صندوق النقد الدولى فى ابريل نيسان إن الاقتصاد الإيرانى نما اثنين بالمئة العام الماضى وتوقع أن ينمو بنسبة 0.4 بالمئة العام الجارى لكن الأداء ربما يكون أسوأ كثيرا.

وكانت إيران رابع أكبر دولة مصدرة للنفط فى عام 2011، لكن بحسب الخزانة الأمريكية ومحللين فإن صادرات الخام هوت لنحو مليون برميل يوميا من 2.4 مليون فى العام الماضى، وينفى مسئولون إيرانيون هذه الأرقام.
ويقدر مركز الإحصاءات الإيرانى معدل البطالة عند 12.9 بالمئة فى أول ثلاثة أشهر من السنة الفارسية التى بدأن فى مارس آذار وذلك بانخفاض أكثر من نقطة مئوية عنه فى فترة الأشهر الثلاثة السابقة.

ويجد محللون استحالة فى تصديق هذه الإحصاءات، وقال عمادى "الأرقام أبعد ما تكون عن الواقع" وهو يعتقد أن معدل البطالة الرئيسى يتجاوز 20 بالمئة.

ويقدر اقتصاديون يقيمون فى إيران وأعضاء فى البرلمان أن ما بين 500 و800 ألف إيرانى فقدوا وظائفهم فى العام الماضى، وضرب عمادى مثلا بصناعة السيارات أكبر قطاعات الصناعات التحويلية كسبب رئيسى لتراجع معدل التوظيف بعدما نشرت وسائل الإعلام الإيرانية أن إنتاج السيارات ومكوناتها انخفض بنسبة 30 بالمئة على مدى الأشهر الستة الماضية.

واحتلت إيران المركز الثالث عشر بين الدول المنتجة للسيارات فى العالم فى 2011 وأنتجت 1.6 مليون سيارة لكن زيادة الأسعار بسبب ارتفاع تكلفة المكونات دفعت الطلب للهبوط.

وأوقفت بيجو ستروين الفرنسية شحن أجزاء السيارات لتجميعها فى إيران فى وقت سابق من العام، وقالت الشركة إن عقوبات تمنع إبرام صفقات فى إطار النظام المصرفى فى البلاد أوجدت صعوبة فى الحصول على تمويل للمبيعات. ونفت الشركة الرضوخ لضغوط أمريكية تجاه إيران.

وتفاقم التدهور الاقتصادى مع استبدال الحكومة دعما سخيا للسلع الأساسية والوقود بمساعدات نقدية على مدار الثمانية عشر شهرا الأخيرة. ويرجع التحرك الحكومى فى جزء منه للحاجة لكبح الإنفاق بسبب العقوبات الأجنبية.
ومع ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز الطبيعى لأكثر من ثلاثة أمثالها فى المرحلة الأولى من خطة سحب الدعم عانت العديد من الشركات والأسر كى تتكيف مع الوضع ويتهم منتقدون الحكومة ولاسيما الرئيس محمود أحمدى نجاد بسوء المعالجة الاقتصادية فى وقت عصيب.

ويبدو الشعار الذى رفعته الحكومة العام الحالى "الإنتاج الوطنى: مساندة العمل والاستثمار فى إيران" كما لو كان اعترافا مغلفا بالصعوبات التى تواجه البلاد لاستيراد بعض السلع الرئيسية.

ويشجع المسئولون الإيرانيون المواطنين على شراء السلع محلية الصنع للتغلب على العقوبات لكن لا مؤشرات تذكر على أى استثمارات ضخمة،
ولا يقتصر التراجع على قطاع الصناعة فقد فقدت نسرين وظيفتها كمحاضرة فى الجامعة قبل 18 شهرا ولم تجد وظيفة فى مجالى التعليم أو الأبحاث إلى الآن، وتوفر احتياجاتها اليومية بصعوبة من خلال وظائف بحثية مؤقتة وتقول إنها لحسن الحظ تمتلك شقتها.

وقالت فى رسالة بعثت بها بالبريد الإلكترونى لرويترز فى دبى "لو لم تساندنى أسرتى لأصابنى البؤس، من المهين أن أذهب لبعض الأماكن بحثا عن عمل ولكنى مضطرة".

وتعرف نسرين 20 أستاذا جامعيا فى طهران وحدها فصلوا أو دفعوا للتقاعد، وقالت إن تمويل المشروعات البحثية ينضب وأنه أصبح يتوقف الآن على توافر اتصالات بأصحاب النفوذ.

ومثل كثير من الأكاديميين الإيرانيين تعتزم نسرين الرحيل من البلاد إن استطاعت وهو اتجاه قاد لهجرة العقول فى السنوات الأخيرة فغادر البلاد من لديه المال والاتصالات للسفر للخارج.

وبحسب صندوق النقد الدولى تفيد أحدث البيانات المتاحة لعام 2009 أن إيران تفقد 150 ألفا من مواطنيها المتعلمين وذوى المهارات سنويا.

وفى دبى يؤكد رجل الأعمال الإيرانى مدى احتياج البلاد للخبرة الفنية والممارسة المهنية لإدارة اقتصادها ولاسيما الآن فى مواجهة تحديات كبيرة، وقال: "الملايين من الإيرانيين المتعلمين والمتفوقين خارج البلاد. تحتاجهم الحكومة ولكنها لا تثق بأحد".

وسئل عن سبب استمرار شركته للأجهزة الكهربائية فى التصدير لإيران فتمسك بالأمل فى أن تستغل البلاد إمكانياتها فى نهاية المطاف.

وقال: "شعب قوامه 75 مليون نسمة هو سوق هائلة، من يعلم إلى متى ستدوم العقوبات ولكن إيران غنية جدا وينبغى أن نستعد لليوم الذى تتغير فيه الأحوال".





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة