انتقدت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية فى افتتاحيتها اليوم، تبرير الاحتجاجات الأخيرة على الفيلم المسىء للرسول بمصطلح "الغضب المسلم"، واعتبرت أن هذا التعبير هو اختصار كسول لقصة معقدة، مشيرة إلى أنه من البلاهة والخطورة فى آن واحد الحكم على العالم الإسلامى المعقد بغضب قلة من المتطرفين.
وتقول الافتتاحية إنه فى وقت الأزمات لا يوجد أسهل من إجراء تعميمات واسعة ووضع جماعات وقوميات وأديان بأكملها فى صناديق مريحة، وبعد موجة الاحتجاجات الغاضبة فى العالم الإسلامى من الفيديو الذى يسخر من الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم"، كان النقاش المهمين يدور حول "الغضب المسلم"، ومن قبيل الصدفة، أن هذه الأحداث جاءت فى نفس اللحظة التى نشر فيها الروائى البريطانى سلمان رشدى مذكراته التى تحدث فيه عن حياته التى عاشها مختبئا بعد صدور فتوى بقتله لرواية تهاجم الإسلام.
والحقيقة أن هذه كانت أحداثا صغيرة لكن عواقبها مأساوية من بينها مقتل السفير الأمريكى فى ليبيا وعدد من زملائه الدبلوماسيين، وأيضا سقوط عدد من المحتجين فى باكستان.
وترى الصحيفة أن اللافت فيما حدث على مدار الأسبوعين الماضيين هو أن الغضب من الفيلم المسىء للإسلام أدى إلى مجموعة متنوعة من ردود الأفعال، فى ليبيا، يجب القول إن هناك عددا مهما من الليبيين كانوا غاضبين لقتل السفير الأمريكى، فى حين أنه فى جميع أنحاء العالم الإسلامى، كانت هناك الكثير من الأصوات التى تدعو إلى الهدوء مثلما كانت هناك أصوات تدعو إلى العنف، وفى بنغازى التى قتل فيها ستيفنز، قام السكان الغاضبون من مقتله بطرد الجهاديين المسلحين خارج المدينة.
وتمضى الأوبزرفر قائلة: إن الحقيقية أن الطريقة التى ينظر بها الغرب للعالم الإسلامى قد تم تكييفها وفقا للنقاشات الدائرة فيه على مدار السنوات الأخيرة. فمن ناحية، يتم تصوير الإسلام على أنه دين عنيف بالأساس، ومن ناحية أخرى، يكون المسلمون دائما ضحايا مؤامرة إمبريالية جديدة ومن حقهم تماما أن يغضبوا.
ولو كانت تلك الرؤيتين هجوميتين، فإن هذا سببه أن العالم الإسلامى معقد وثرى بالأفكار والنزاعات مثلما هو حال الغرب. وتزعم الصحيفة أن الإسلام كدين ملىء بالتناقضات والمدارس والطوائف المختلفة مثله مثل المسيحية واليهودية.
وتشير الصحيفة إلى وجود أسباب تاريخية تبرر غضب المسلمين من الطريقة التى يتعامل بها الغرب، وتحديدا الولايات المتحدة، مع دولهم حيث ساعدوا الأنظمة الديكتاتورية، وقامت بالتخلص من الحكومة التى كانت تهدد مصالحها الإقتصادية فى إيران.
وخلصت الافتتاحية فى النهاية إلى القول إن الدروس المستخلصة من أحداث الأسبوعين الماضيين لا يجب أن تتوقف عن الحديث عن طبيعة الإسلام وحدود حرية التعبير، فهذه الاحتجاجات كانت تتعلق بالكثير من القضايا المحلية فى البلدان التى حدثت فيها. ولأن البديل لفهم ناضج ودقيق للعالم الإسلامى هو أن يستمر الغرب ف أن ينظر لنسبة كبيرة من سكان العالم من المسلمين من خلال لغة العداء وحدهان فلا بد من إدراك الفروق الدقيقية والمجالات التى يمكن أن يستمد منها الحوار.
"الأوبزرفر" تنتقد نظرة الغرب الضيقة للعالم الإسلامى.. وتؤكد: من البلاهة الحكم على المسلمين بغضب قلة من المتطرفين.. وهذا العالم معقد وثرى بالأفكار والنزاعات مثل الغرب
الأحد، 23 سبتمبر 2012 01:10 م