ما حدث خلال الأسابيع القليلة الماضية من أعمال شغب غير محسوبة لشباب الألتراس بمحيط الجبلاية وتحديداً بكل من النادى الأهلى ومقر الاتحاد المصرى لكرة القدم، وتهديدهم بعدم إقامة مباراة السوبر المصرى، بين فريقى الأهلى وإنبى المزمع إقامتها بإستاد برج العرب بالإسكندرية، ما هو إلا نتيجة سلبية لصدور قرار المحكمة الرياضية الدولية، رغم أنف الاتحاد المصرى لكرة القدم، ببراءة النادى المصرى البورسعيدى وإلغاء العقوبات الصادرة بحقه وأهمها هبوطه للقسم الثاني، وكذلك القرار - الجرىء من وجهة النظر الشخصية لكل من وزير الداخلية، ووزير الدولة لشئون الرياضة – باستئناف الدورى العام، وإقامة مباراة السوبر المصرى فى مكانها وموعدها المحدد مسبقاً، وذلك حفاظاً على هيبة الدولة واستقرارها بعد توقف دام ما يربو من سبعة أشهر.
تلك الأعمال يٌعَاقب عليها قانوناً الشباب– شباب الألتراس الأهلاوى– نظراً لما تضمنته من أعمال عنف وسب وقذف وتهديد وتعد على شخصيات وممتلكات عامة وغيرها من الهفوات الحماسية للشباب، الأمر الذى جعل من معظم الصحف الرسمية وغيرها، وكذلك القنوات الفضائية ومذيعوها خاصةً برامج التوك شو، يزيد من سخونة الموقف نظراً لشن هجوم شرس على هؤلاء الشباب من الألتراس ووصفهم بأبشع النعوت، وأنهم مجموعة من الصبية والمرتزقة والغوغائيين والمارقين الخارجين عن القانون وقواعد الأدب والمطالبة بتقديمهم ككبش فداء لتلك الأحداث، وذلك دون دراسة واقعية لمعرفة الدوافع الحقيقية، وراء تلك الأعمال والتى تكاد تكون معلومة ظاهرياً لدى الكثير من أفراد الشعب وأهم اعتقاد هؤلاء الشباب بأنه لن ولم يتم القصاص لدماء زملائهم الشهداء، التى أُريقت بإستاد بورسعيد فى مطلع فبراير الماضى من هذا العام، والذين بلغ عددهم زٌهاء خمسة وسبعين شاباً من مشجعى فريق النادى الأهلى، على الرغم من القبض على عدد من المتهمين وهم رهن النيابة والمحاكمة حالياً، إلا أنه لم تصدر أى أحكام قضائية ضدهم، وهو ما يثير حفيظة البعض بل معظم هؤلاء الشباب من مشجعى ناديهم العظيم، كرد فعلى طبيعى ونتيجة سلبية للتواطؤ والتقاعس والامتهان بحق دماء هؤلاء الشهداء، ولأنهم فئة مجتمعية فقدت الثقة فى مجتمع القانون.
إن ما حدث من شباب ألتراس نادى الأهلى من أعمال وسلوكيات نابعة من داخل أنفسهم ومن غضبهم على إخوانهم وأصدقائهم وزملائهم الشهداء، لا يتفق عليه السواد الأعظم من شعب مصر خاصة المهتمين منهم بالجانب الكروى، نظراً لأنهم يمثلون جميع الشرائح الاجتماعية والتعليمية بصفة عامة، كما أنهم شباب ملىء بالحيوية من أبناء هذا الوطن بصفة عامة وأبناء النادى الأهلى بصفة خاصة من الأعضاء وأبناء الأعضاء والجمهور والمشجعين، والذين تربوا على الحب والعشق والجنون والموت أحياناً لمصلحة وشعبية ومجد وشعار وتاريخ ناديهم المشرف.
إن ما حدث من شباب ألتراس نادى الأهلى بعد الإعلان والتراجع عن قرارهم– لأسباب لا يعلمها أحد – باقتحام استاد برج العرب منعاُ لإراقة الدماء وسقوط ضحايا وقتلى جٌدد فى مباراة السوبر المصرى، لابد من الوقوف عنده بمحمل من الجدية والاحترام والاهتمام والدراسة العلمية المتعمقة، التى من شأنها احترام هذا الكيان الشبابى حديث المهد منذ ما يقرب من خمس سنوات – ظاهرة الألتراس على مستوى مصر سواء أهلاويًا أو مصراويا أو زملكاويًا، والتعامل معه بشكل إنسانى وحضارى وفقاً لإطار قانونى رسمى معترف به، نظراً لما لعبه هذا الكيان من تغيير شكل التشجيع فى الملاعب المصرية خلال الحقبة الرياضية الأخيرة، وعلى رأسهم الألتراس الأهلاوى، فضلاً عن دورهم الشريف خلال ثورة 25 يناير الجليلة وأعمالهم البطولية بميدان الجيزة يوم 28 يناير، وبميدان التحرير يوم موقعة الجمل، ودورهم الريادى فى حماية الثورة وشبابها والمخاطرة بحياتهم لهذا الهدف النبيل والدفاع عن المتظاهرين المعتصمين سلمياً داخل ميدان التحرير ومقاومة البلطجية، وتأمين الجهات والطرقات المؤدية إلى الميادين لحماية الشباب الأعزل، وكذلك مشاركتهم فى تنظيم اللجان الشعبية للدفاع عن المواطنين فى ظل حالة الانفلات الأمنى التى شهدتها البلاد بعد الاختفاء المنظم للشرطة، وما تبع ذلك من انفلات أمنى بجميع المحافظات المصرية والمشاركة فى حملات النظافة وغيرها من الأنشطة البطولية النبيلة، لعل ما سبق سرده من مميزات لشباب الألتراس خصوصاً تضحياتهم خلال الثورة- دون أى مقابل أو أى أهداف سياسية ودون أن يكون لهم أى أيديولوجية حزبية - يغفر لهم ما بدرّ منهم بطريقة عفوية.
الأمر الذى يستوجب تكاتف كافة الجهود الوطنية، والتحرك الفورى والسريع من جانب السادة المسئولين عن الشباب المصرى والرياضة المصرية ممثلين فى وزارة الدولة للشباب ووزارة الدولة للرياضة منضماً إليهما المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية والمراكز البحثية القومية المتخصصة فى رعاية النشء والشباب والرياضة لاحتواء هذه الفئة من الشباب باعتبارهم جزءا من شباب مصر وعدم الدخول معهم فى صدامات لا يٌحمد عقباها، ومعرفة أهدافهم ودوافعهم وميولهم وطموحاتهم وأولوياتهم خلال الفترة المقبلة، خاصةً أنهم يمتلكون طاقات وقدرات إبداعية فائقة وعدم تركهم كأداة أو كبيئة خصبة لمن يريدون العبث بمصلحة وشئون الوطن من مثيرى الفتن خلال تلك الفترة الفارقة فى تاريخ مصرنا الغالية، وذلك من خلال ما يلى:
- سرعة المحاكمات العاجلة لمرتكبى مذبحة استاد بورسعيد، حتى يعود النشاط الكروى فى مصر، وهو ما يطالب به شباب الألتراس من قبل.
- إصلاح العلاقة بين كل من وزارة الدولة للرياضة والأندية الرياضية والألتراس، كما هو معمول بالدول الأوروبية، وذلك من خلال إيجاد مناخ جيد وفعال للتواصل مع هؤلاء الشباب، عن طريق قيام إدارات الأندية الرياضية بفتح قنوات اتصال مع روابط مشجعى تلك الأندية، والتى من شأنها استقطاب هؤلاء الشباب وتوجيه طموحاتهم بما يفيد أنديتهم بصفة خاصة والرياضة المصرية بصفة عامة، وهو ما قامت به إدارة نادى الأهلى خلال الأيام القليلة المنصرمة، حيث تمّ تعيين أحد رموز النادى فى منصب منسق عام روابط المشجعين و"الألتراس".
- قيام لجنة الشباب والرياضة بمجلس الشورى بعقد سلسلة من الاجتماعات بحضور قيادات الألتراس والمشجعين من مختلف الأندية ومسئولى تلك الأندية، والتى من شأنها فتح باب الحوار الجاد والمثمر لإيجاد حلول عاجلة وكاملة لإنهاء الأزمات الأخيرة التى طرفاها الألتراس والأندية الجماهيرية.
- تكريم الحكومة لشباب الألتراس – وإن كان هذا يتعارض مع ما بدّر من هؤلاء الشباب مؤخراً، وذلك من خلال جميع أطراف المنظومة الرياضية المصرية، وأيضًا من الأحزاب السياسية والمجلس العسكرى على دورهم فى حماية ثورة 25 يناير وحمايتهم للثوار دون أى مقابل أو طموح سياسى.
- مشاركة شباب الألتراس فى صنع وصياغة وسيلة اتصال قانونية وشرعية لتهدئتهم والتعامل معهم والاستفادة من طموحاتهم.
- صياغة مادة قانونية فى الدستور المصرى - فى ثوبه الجديد - من شأنها ضمان إدارة مجموعات شباب الألتراس، على أن يشارك فيها ممثلون عن تلك المجموعات.
- سرعة الانتهاء من صياغة قانون للشغب والتصديق عليه من خلال مجلس الشورى ومجلس الوزراء.
- قيام الدولة بوضع مشروعات قومية يلتف حولها جميع شباب مصر ومنهم شباب الألتراس بهدف استيعاب حماسهم وطاقاتهم المهدرة فيما هو صالح للوطن.
- مشاركة شباب الألتراس فى صياغة تلك المشروعات والأهداف القومية التى يتم إدماجهم فيها.
- إجراء المزيد من الدراسات العلمية - خاصة السيكولوجية منها - لجميع روابط الألتراس فى الأندية الرياضية للتعرف على هويتهم وأهدافهم ودوافعهم وميولهم وطموحاتهم وأولوياتهم.
- ضرورة مشاركة الإعلام المصرى سواء مرئيًا أو مسموعًا أو مقروءًا فى معالجة هذه الإشكالية بشكل موضوعى وبشفافية فى القضايا المختلفة حتى تعود الثقة بينهم وبين المسئولين.
د. ضياء دويدار يكتب: شباب الألتراس.. من يأخذ بأيديهم إلى بر الأمان
الخميس، 20 سبتمبر 2012 01:01 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
شوقى مرسي
العداله
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد وهدان
كلاكيت تاني مرة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود السيد
العدالة الناجزة
عدد الردود 0
بواسطة:
فدوة
المحاكمات العاجلة
عدد الردود 0
بواسطة:
هيثم
سيئات حكومة
عدد الردود 0
بواسطة:
الطيري
جيل شاب قبل ما يشب
عدد الردود 0
بواسطة:
الطيري
اضافة بسيطة للتعليق رقم 5
عدد الردود 0
بواسطة:
خوخة
ماذا فعلت أيها المرتضى عنه بحق أبناء ناديك
عدد الردود 0
بواسطة:
نادر جلال
أفيقوا أيها السادة
عدد الردود 0
بواسطة:
شهد الهوى
لسه فاكرين