أذكى تصاعد العنف الانفصالى فى جنوب شرق تركيا الذى تقطنه غالبية كردية الانتقادات الموجهة الى حكومة أنقرة بسبب خطابها المتشدد من سوريا وقلص من رغبة الرأى العام فى التدخل فى الأزمة السورية.
وكان رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان من أشد منتقدى الرئيس السورى بشار الأسد واتهمه بأنه خلق "دولة إرهابية" كما سمح للمعارضة السورية بترتيب صفوفها على الأراضى التركية وطالب بإقامة منطقة آمنة تحميها قوات أجنبية داخل الأراضى السورية.وترى واشنطن أن تركيا لاعب أساسى فى دعم المعارضة السورية وفى التخطيط لانهيار حكومة الأسد الذى يقول المسئولون الأمريكيون انه سيحدث فى نهاية المطاف.
لكن مع انخراط جنود الجيش التركى فى واحدة من أشرس المعارك مع المتشددين الأكراد فى الجبال الواقعة فى جنوب شرق البلاد منذ أكثر من عشر سنوات بدأ الرأى العام التركى يتحول ضد التدخل التركى العميق فى الأزمة السورية. وبعد أن نقل التلفزيون التركى وقائع الجنازات العسكرية تحولت المشاعر الوطنية الى الداخل.
وقال سنان اولجن الدبلوماسى التركى السابق ورئيس مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية "أعتقد ان الشعب التركى عرف الآن الصلة -سواء كان ذلك صوابا ام خطأ - بين سياسة الحكومة الطموحة الجازمة بشأن سوريا وتصاعد إرهاب حزب العمال الكردستاني."واستطرد "من الواضح جدا أن عدم الشعبية هذه ستتزايد إذا استمرت الحكومة فى تصعيد خطابها (بشأن سوريا) فى الوقت الذى تعجز فيه هى وبشكل فاضح عن التعامل مع المشاكل الأمنية الخاصة بتركيا."
وخلال الأسابيع القليلة الماضية نصب متشددون من حزب العمال الكردستانى الذى تعتبره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وتركيا منظمة إرهابية كمائن لقوافل عسكرية وخطفوا مسئولين فى الحكومة وزرعوا قنابل فى الطرق.
ورد الجيش التركى بقصف معسكرات حزب العمال الكردستانى بالطائرات النفاثة وطائرات الهليكوبتر الهجومية فى واحدة من أشرس المعارك منذ أن حمل حزب العمال السلاح عام 1984 لإقامة دولة كردية.
ويشك محللون أتراك فى أن الأسد سمح لحركة كردية سورية كبرى يعتقد أن لها صلة بحزب العمال الكردستانى التركى بالسيطرة على الأمن فى بعض البلدات الواقعة فى شمال سوريا لمنع سكانها من الانضمام الى الجيش السورى الحر المعارض.ونفى الأسد السماح لحزب العمال الكردستانى بالعمل داخل الأراضى السورية.
وقال مسئول فى وزارة الخارجية التركية طلب عدم نشر اسمه "الحكومة السورية لها تاريخ فى دعم المنظمات الإرهابية ومنها حزب العمال الكردستانى وفى استخدام الإرهاب كأداة فى سياساتها ودبلوماسيتها."وأضاف رافضا التعليق أكثر من ذلك "لدينا بعض المعلومات آو الأدلة على انه تم استعادة روابط نشطة."
وهددت أنقرة بأنها قد تتحرك عسكريا إذا شن حزب العمال الكردستانى هجمات من داخل الأراضى السورية وقامت بمناورات عسكرية على الحدود فى تحذير واضح لدمشق.لكن فكرة إرسال قوات تركية الى شمال سوريا الذى تقطنه غالبية كردية حتى لو حدث هذا بأى شكل من اشكال التفويض الدولى سيزيد من غضب الرأى العام فى الوقت الذى تحاول فيه أنقرة احتواء حزب العمال الكردستانى على الأراضى التركية.
وقال فاروق لوج أوغلو نائب رئيس حزب الشعب الجمهورى - أكبر أحزاب المعارضة التركية - لرويترز "الارهاب الحالى فى تركيا يتأثر بشدة بسياسات الحكومة فى سوريا والعراق وإيران."سياساتها الداخلية والخارجية تساهم فى إذكاء العنف."
ويتمتع حزب العدالة والتنمية الذى يتزعمه أردوغان بشعبية كبيرة وتندر الاحتجاجات الغاضبة من سياسته فى سوريا لكن حالة الإحباط تتصاعد خاصة فى إقليم هاتاى الجنوبى على الحدود الذى استوعب نصيبا كبيرا من 80 ألف سورى هربوا الى تركيا.
واستخدمت قوات مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات من المتظاهرين الغاضبين من سياسة الحكومة فى سوريا يوم الأحد الماضى فى إنطاكية العاصمة الإقليمية. وفى نفس اليوم ردد بضع عشرات هتافات مناهضة للسياسة الأمريكية فى سوريا خارج السفارة الأمريكية فى أنقرة.
ونفت أنقرة مرارا أنها تزود مقاتلى المعارضة السورية بالسلاح لكن مصادر خليجية قالت إن دولا منها السعودية وقطر تقدم لهم مساعدات عسكرية حيوية ومساعدات فى مجال الاتصال من خلال تركيا.وزاد من استياء الرأى العام التركى غياب التوافق الدولى بشأن سوريا وأذكى شعورا بان تركيا التى تزداد عزلة تستغل من جانب قوى غربية تتلهف على سقوط الأسد لكنها تحجم عن التدخل.
