محمد حمدى عبد الغفار يكتب: ألغام الشوارع

الأحد، 02 سبتمبر 2012 09:01 ص
محمد حمدى عبد الغفار يكتب: ألغام الشوارع صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصبحت شوارعنا مليئة بهم، منهم من يتخذ هذه الشوارع مسكنا، ومنهم من يتخذها عملا، ومنهم من يتخذها ملاذا للسرقة والنهب، ومنهم من يتسول للمارة، ومنهم من يتعاطى المخدرات بمختلف أنواعها.

لم أجد ما أصفهم به سوى ألغـــام الشوارع، إنهم أطفال الشوارع، جزء من أبناء مصر الذين يعتبرون مستقبلها الذى صار مهددا بالانهيار بازدياد أعداد أطفال الشوارع يوما بعد يوم
دعونى أقص عليكم ملخصا لحياة بعضهم.. منهم "محمد" الذى يعانى من مرض فى عينه ويعجز والده عن علاجه نظرا للظروف المادية الصعبة ليضطر "محمد" إلى النزول للشارع للبحث عن باب رزق على حد تعبيره ولم يجد عملا يقبله نظرا لصغر سنه التى لا تتعدى الحادية عشرة فلم يجد سوى بيع الورود وألعاب الأطفال الخفيفة.. يتجول "محمد" فى شوارع الإسكندرية الرئيسية عارضا لسلعته التى لا يتعدى ثمنها جنيهين مع العلم أن العملية التى يحتاج لها هذا الطفل تتكلف عشرة آلاف جنيه، لم أتحدث عن دور التأمين الصحى فى مشكلة محمد لأنى أعلم كما تعلمون جميعا ماذا يحدث هناك، لكن هل تتوقعون أن يصمد هذا الطفل حتى يدخر هذا المبلغ؟

الحالة الثانية "سامح" الذى يعشق الغناء ويرى أن صوته يهيئه أن يكون مطربا كبيرا ولكن الظروف تقف ضده هو الآخر.. توفى والد "سامح" عقب وصولهم للأسكندريه قادمين من صعيد مصر للبحث عن لقمة العيش حتى وقع على كاهل "سامح " صاحب العشر سنوات أن يكون عائلا لوالدته وأخيه الرضيع ومثله مثل "محمد" لم يجد سوى التجول فى الشوارع ليبيع الورود والغريب فى الأمر أنه برغم تلك الصعاب التى تواجهه إلا أنه لم ينس حلمه فى الغناء ودائما ما يحضر بعض الحفلات الغنائية التى تقام فى الإسكندرية ونظرا لعدم قدرته على الوفاء بثمن التذكرة فإنه يتسرب إلى داخل الحفلات بدون تذاكر وعلى حد قوله أنه ضليع فى هذا الأمر نظرا لصغر حجمه.. ترى أى وزارة التضامن الاجتماعى من "سامح" وغيره ممن ففدوا آباءهم ولم توفر لهم الدولة معاشا وتتركهم يتسولون فى الشوارع فى بداية حياتهم؟

الحالة الثالثة "كريم" الطفل الذى اعتبرته أنا معجزة نظرا لاستحالة ربط عمره بدرجة وطريقة تفكيره .. كريم طفل فى العاشرة، انفصل والداه ومكث هو مع أمه بعيدا عن والده الذى تزوج عقب انفصاله عن والدته ورفض الإنفاق عليهم وترك زوجته وولده دون معين غير الله، وعندما سألته لماذا لم تقاضوه وتحصلوا على نفقة بالقانون أجابنى بهذا النص "لو معانا إللى هنصرفوا على المحامين فى قضية زى دى مكنش زمانك شفتنى فى الشارع دلوقتى ببيع ورد ولا كنا طالبنا أبويا بنفقة أساسا" وأعقب إجابته بضحكة أذهلتنى من شدة براءتها وقال لى "سيبك إنت معاك سجاير".

عندى من كلمات ما يملأ سطورا وكتبا كاملة عن مأساة أطفال الشوارع لكن أعلم أيضا أننا جميعا نرى ونعيش هذه الظاهرة كل يوم.. أعترف أنى قمت بعرض الجزء الإيجابى من الموضوع حيث إننى عرضت ثلاث شخصيات إيجابية حيث لم يلجأوا للسرقة أو النهب وإنما لجأوا للطرق السليمة.. لكن صدقونى مما رأيته أن هؤلاء الأطفال لن يظلوا على هذا الحال كثيرا وإنما حال الشارع سينقلب بهم إلى الأسوأ وسيكون ذنبهم وغيرهم فى رقبتنا جميعا، إياكم أن تتجنبوا أطفال الشوارع عندما ترونهم وتخافوا منهم بل اتركوا لأنفسكم الفرصة لسماع مشاكلهم وستجدون ضحايا لفساد ظل يحكم هذا الوطن ثلاثة عقود كاملة.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرية

النجدة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة