د. محمد يحيى

الرؤية المستقبلية.. وثيقة الدستور نحتاج إليها الآن

الأحد، 02 سبتمبر 2012 06:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تسابقت الأطياف والتيارات والشخصيات المصرية على المشاركة فى اللجنة التأسيسية المنوط بها صياغة دستور مصر الجديد، واختار مجلس الشعب المنحل مجموعة من الشخصيات وفق منهجية معينة، لكنها لم تعجب البعض فطعنوا على التشكيل، وأجابتهم المحكمة فأسقطت التشكيل الأول للجنة، وأعاد المجلس التشكيل من جديد، وشرعت اللجنة التأسيسية وفق تشكيلها الأخير فى عملها، وهى تضع يدها على قلبها خوفاً من أن يداهمها حكم جديد، فيحلها مرة أخرى، ولا يوجد برلمان ليعيد التشكيل للمرة الثالثة، فيصبح الأمر فى يد رئيس الجمهورية، أو تبقى البلاد بلا دستور، أو بدستور يرجع إلى نظام تم إسقاطه بثورة 25 يناير.

هذه التعقيدات الكبيرة منشؤها الحماسة المفرطة لدى النخبة السياسية فى مصر، والآمال الكبيرة المنعقدة على هذه الوثيقة الهامة "الدستور الجديد" الذى سيحدد شكل الدولة المصرية الجديدة، سلطات رئيس الجمهورية، تداول السلطة، الحريات المتاحة للأفراد والجماعات، تشكيل الأحزاب، حصانة القضاء والسلطة التشريعية، حقوق المرأة والأقليات، مدى التزام القوانين بالشريعة الإسلامية، إلى آخر هذه المبادئ الهامة التى ترتكز عليها دولتنا الجديدة.

وعلى الرغم من أهمية وثيقة "الدستور" إلا أنها من وجهة نظرى الشخصية، والتى تنبع فى الأساس من دراستى العلمية الهندسية، التى لا تستوعب استيعاباً كاملاً، الأهمية الكاملة لهذه النصوص التى تشكل مرجعية للقوانين، فهى لن تقدم أو تؤخر كثيراً، ولن تكون لها انعكاسات مباشرة على مستوى المعيشة، ولن تساهم فى وضع حلول قصيرة الأجل أو بعيدة الأجل للمشكلات التى تواجه محدودى الدخل، والفئات المهمشة، وسكان العشوائيات، والأميين الذين لم يتلقوا حظاً من التعليم.. إلخ إلخ إلخ.

مصر فى حاجة أن تحدد الوظيفة التى تختارها فى المجتمع العالمى، وفى حاجة أن تحدد بدقة الأهداف البعيدة والمتوسطة والقريبة التى تريد أن تصل إليها.

فى حاجة أن نصل إلى الإستراتيجيات التى من شأنها أن تحقق هذه الأهداف، والمشروعات العامة ودور الحكومة المركزية والمحليات والقطاع الخاص والمجتمع المدنى بحيث تتكامل الأدوار، دور المصريين فى الخارج، البعثات، الكل يعمل من أجل تحقيق أهداف موحدة محددة.

هذه الأهداف حتى يعمل لها الجميع، لا بد بادئ ذى بدء أن يتبناها الجميع، لأنه إذا وضع طرف واحد كائنا من كان هذه الأهداف وحده فالنتيجة معروفة، فسنجلس جميعاً لنتفرج عليه وهو يخفق فى الوصول إلى الأهداف ونمارس هوايتنا التى درجنا عليها منذ آلاف السنين، وهى إطلاق النكات والسخريات، ونحن لا ندرى أننا نسخر من أنفسنا ونضحك على خيبتنا.

أعلم أن جهات متناثرة هنا وهناك قد قامت ببعض المجهودات المتواضعة من أجل وضع "رؤية مستقبلية لمصر"، وأعلم أن الحزب الوطنى الديمقراطى، الذى رحل غير مأسوف عليه، كان يتداول بعض الأوراق التى تعرف "أفراد العصابة" المناطق الجديدة التى ستشق فيها طرق أو تقام مطارات، بحيث يسرعون بشراء المساحات الشاسعة من الأراضى بأسعار زهيدة ليحققوا الثروات الطائلة، ولكن كل هذا غير ما أدعو إليه.

أتمنى أن يصل صوتى هذا لسيادة الدكتور محمد مرسى ولفريقه الرئاسى الذى أشرف بمعرفة شخصية للعديد منهم، وأتمنى أن يدرسوا هذا المقترح بصورة متفتحة بناءة، وأنا على يقين أننا إذا تمكنا جميعا من الوصول إلى هذه الوثيقة "الرؤية المستقبلية لمصر" خلال مدة ولاية الرئيس مرسى، فإنها ستكون من أهم وأخطر إنجازاته.


*كاتب المقال: (د. محمد يحيى) رئيس مؤسسة صناع الحياة








مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة