لم تكن هذه هى المرة الأولى التى يؤكد فيها أحد الحزبين الكبيرين فى الولايات المتحدة - الجمهورى والديمقراطى - فى برنامجه بإعتقاده الجازم سياسيا وتاريخيا ، أن القدس هى عاصمة إسرائيل وأنها لابد أن تبقى موحدة تحت السيادة الإسرائيلية.
ولا يمكننا أن ننسى ردود الأفعال العربية القوية التى كانت تنطلق فى كل مرة يتم فيها هذا الإعلان، ولا يمكننا أن ننسى تشابك رد الفعل الرسمى والشعبى العربى والإسلامى والمسيحى، رافضين جميعا سرقة القدس لصالح قوة صهيونية عنصرية غاشمة لا علاقة لها بمفهوم الديانات السماوية كما عرفناها فى الشرق الأوسط.... فى كل مرة كانت تخرج ردود الأفعال من العواصم العربية ومن عواصم الدول الموالية للقضية العربية وتخرج المظاهرات فى كل شوارع العرب وغير العرب رافضة لهذا المبدأ، ومصرة على التمسك بحق العرب والعالم فى مدينة تحت السيادة العربية الفلسطينية، أو فى أقل تقدير يُترك فيها الجزء الغربى بآثاره اليهودية فقط تحت سيطرة إسرائيلية.
فى كل مرة كان لنا رد فعل، إلا هذه المرة، فمع انطلاق الفيلم المشبوه واشتداد عاصفة الاعتراض عليه حتى وصولها إلى حالة من العنف والتشوش فى الفعل ورد الفعل، انطلق قرار الحزب الديمقراطى باعتبار القدس "عاصمة موحدة لإسرائيل". بل ونافسه فى ذلك الحزب الجمهورى لتصبح القدس "عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل". مؤكداً بذلك ما أعلنه ميت رومنى فى زيارته للقدس فى شهر يوليو الماضى حيث قال "إنها دوما تجربة ملهمة ومؤثرة أن تكون فى القدس، عاصمة إسرائيل" ....ولم نسمع وقتها أى رد فعل من العواصم العربية ولا من النخب الأعلى صوتاً فى تلك العواصم العربية وقد ألهتنا كاميرات التليفزيونات وأحلام الزعامة فى الداخل ، عن تتبع القضية الأكبر فى تاريخ العرب الحديث.
إن قضية القدس بالتحديد، ليست قضية عاطفية ولا رومانسية بالنسبة لنا نحن العرب - مسيحيين ومسلمين- إنما هى قضية مفصلية فى الصراع العربى - الصهيونى على الأرض . فالقدس والمياه واللاجئين، تعد كلها مفاتيح لإنهاء الصراع وحل القضية وتأكيد أحقيتنا على أرضنا ومقدساتنا.... ولا أجد أى مبرر لهذا الصمت المشبوه إزاء تصريحات رومنى وأوباما.... ولا أرى فى تصريحاتهما مزايدات انتخابية كما قد يظن البعض، بل أجد فيهما ما يؤكد تمسك إسرائيل بالقدس، واعتبارها عاصمة لها، بالذات حين يأتى هذا فى وقت يتم فيه إحياء قصة "الفيلم المشبوه" الموجود على كل مواقع الإنترنت منذ أكثر من ثلاثة شهور، يأتى إعادة نشر هذا الفيلم المشبوه لتأكيد عدم تحضر العرب ولا أحقيتهم فى أى دعم سياسى غربى لأنهم يكرهون الغرب وأمريكا بالتحديد، ليكون ذلك الفيلم ستارة دخان تخفى عن العرب خطورة تلك التصريحات التى ستصبح يوما مسوغا يستخدمه الصهاينة لإثبات أحقيتهم فى أرض ليست لهم وفى تاريخ اصطنعوه وخدعوا به العالم..... كما فعلوا بوعد- مجرد وعد- بلفور ، الذى أعطى فيه من لا يملك، أرضاً لمن لا يستحق.. ونحن فى غفلتنا لا نفيق.
طه أمين يكتب: القدس عاصمة إسرائيل.. ستارة الدخان
الأربعاء، 19 سبتمبر 2012 03:02 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة