لقد قرأت عن جمال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما قيل عن حسنه ونور وجه، الذى يشع بنور يضىء ما حوله فقد قيل فى وصفه الكريم، عن أنس رضى الله عنه: كان النبى صلى الله عليه وسلم أزهر اللون ليس بأبيض أمهق ولا آدم.. رواه البخارى ومسلم، والأزهر: هو الأبيض المستنير المشرق، وهو أحسن الألوان وقال أبو هريرة: ما رأيت شيئًا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجرى فى وجهه، وهناك من قالوا إنه مثل القمر..
ووصفته زوجته أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فقالت: كان صلى الله عليه وسلم أجلى الجبهة، إذا طلع جبينه من بين الشعر، أو طلع فى فلق الصبح، أو عند طفل الليل، أو طلع بوجهه على الناس تراءوا جبينه كأنه ضوء السرج المتوقد يتلألأ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم واسع الجبهة.. رواه البيهقى فى دلائل النبوة وابن عساكر.
هذا يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تنظر إليه ترتاح النفس، ويهدأ الغاضب إذا رآه ويتفاءل المتشائم ويتوقف السحاب ليضلل عليه ويسعد بوجهه (حبيبى يا رسول الله)، والله إن النفس لتشتاق لرؤيتك وإن الحياة التى نحياها نسير فيها على دربك ونتعلم من سيرتك ونقتدى بك وكأنك معنا، ونذكرك فى صلاتنا أكثر من ذكر آبائنا فقد وضع الله حبك فى قلوب المسلمين بذكرك فى الصلاة والسلام عليك كل يوم.
ونذكر سيدنا يوسف عليه السلام، فقد قال الله تعالى "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِى الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِى ضَلالٍ مُّبِينٍ" (30) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (3) سورة يوسف، وهنا نرى أن الله أعطى الجمال لسيدنا يوسف فكان سببا لسجنه خوفا من أن يعصى الله فيكون من الظالمين فالجمال أحيانا يكون اختبارا من الله، ففى هذه الأيام يستخدمون جمال الوجه والجسد فى معاكسة الفتيات والإيقاع بهم فيما يغضب الله، ولو قرأوا أو سمعوا قصة سيدنا يوسف لفكروا ألف مرة قبل أن يغضبوا الله بما أعطاهم فيحرمهم منه ويعاقبهم فى الدنيا والآخرة ولقد صبر سيدنا يوسف ذو الوجه المشرق الخلاب ففضل السجن على أن يغضب الله ويقع فى الحرام، فخرج منه بعد سنوات عزيزا على مصر فى يده خزائن الأرض لصبره على ابتلاء الله له.
هكذا نرى أن الله سبحانه وتعالى مَن بالوجه الحسن على كثير من البشر، ولكن ليس كل وجه حسن ترتاح النفس له فكثير من البشر أعطاهم الله الجمال، ولكن منهم من استعمله خطأ، ومنهم من تجد نفسك تتحاشاهم وتريد أن تبتعد عنهم لسلوك ما غير حميد، فعندما يعطى الله جمال الوجه لإنسان فيبقى جمال الروح إذا أوتى الإنسان الجمالين جمال الوجه وجمال الروح، فقد مَن عليه بالكثير فليحمد الله وليشكره على فضله، الذى لا يعد ولا يحصى.
وبالفعل هناك وجه شخص تراه وكأن النور يشع منه، وكأنك تعرفه وتشعر أن هذا الشخص من الصالحين والبعض يقول (إنه كالملاك على الأرض) بالرغم من أنك لم تعرفه كثيرا، فأحيانا يضع الله حب هذا الشخص فى قلوب من يراه من الوهلة الأولى، وكأنك رأيت رضى الله على وجه هذا الشخص (ولا نزكى على الله أحد)، لكن هذا الشعور يكون موجودا بيننا كبشر، خاصة إذا كان على علم ودين وخلق ومن هنا إذا قال شىء فإن كلامه سوف يدخل القلب، لأنك أصبحت مستعدا نفسيا لتقبل ما سوف يقول، فقد رمى الله بعض النور على وجه بعض عباده الصالحين ليكونوا منارة ليعلم الجميع أن هناك عبدا ربانيا يقول للشىء كن فيكون، اللهم اجعلنا من عبادك الذين اصطفيتهم فأنرت قلوبهم ووجوههم وباقى جسدهم فحرمت النار أن تلمسهم (اللهم أمين).
من أعطاه الله الوجه الجميل والخلق القويم، نعمة يحسدها عليه الآخرون.
