أيها المسلمون.. قال تعالى: (إلاَّ تنصروه فقد نصره الله). كان الرسول (محمد) - صلى الله عليه وسلم - إنسانًا قبل أن يكون نبيًّا، وذلك من أعظم الحظوظ التى غنمها فى التاريخ، فسيأتى يوم قريب أو بعيد يثور فيه الناس على الأمور الغيبية. ولكنهم لا يستطيعون أن يثوروا على عبقرية (محمــد) - صلى الله عليه وسلم. ظل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين سنة قبل البعثة يُلقــب (بالصادق الأميــن)، وهذه الكلمة لها خطورتها ومكانتها، ومغزاها ومعناها، فالصدق والأمانة هما الأساسان الأولان لبناء النفس المستقيمة، وتكوين الخلق السوى. هنـا.. امتد مظهر رحمته حتى إلى المنافقين؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خُيِّرَ فى أمر اختار أيسره على أمته ليصدق فيه قول الله تعالى: (وما أرسلناك إلاَّ رحمة للعالمين). وبعد ذلك تأتى رحمته لأمته، لتتسع، حتى أن الحق سبحانه وتعالى لما رأى حبه لأمته وحرصه على خيرها قال: يا محمــد لو شئت جعلت أمر أمتك إليك، فهل هناك أفضل من ذلك؟.. ونبى الإسلام سيدنا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - أُرسل للناس كافــة، والقرآن الكريم يدعو الجميع إلى اعتناق الإسلام.
ولعل مما يفسر ذلك أن كلمة (الإسلام) وردت فى القرآن على ألسنة كثير من الأنبياء وأتباعهم، وأطلقت على كل دين من الأديان السماوية التى سبقت هذا الدين.
وهاكم عالمٌ من يهود العالم الجديد (أمريكـا)، هو الأستاذ (دراير) من أشهر علماء الاجتماع بجامعة (نيويورك).. يقول فى كتابه (المنازعة بين العلم والدين): عامل العرب اليهود فى الأندلس، فى ظل الحكومة الإسلامية، أكرم معاملة، حتى أُثروا وأصبحوا ذوى مكانة عالية فى الأدب والفلسفة. هذا قول واحد من علماء الغرب الذين يدينون بغير الإسلام، وهو وغيره من أقوال تَدُل على أن الإسلام جاء بأصول أسمى مما كانت عليه الأديان التى سبقته، سواء فى الحرب أو فى السياسة، وذلك واضح من المقابلة بين تاريخ المسلمين وتاريخ من سبقهم من جميع الملل.
أحبك يا رسول الله.. أحبك لأنك لست إلاَّ إنسانًا له ذوق وإحساس، ولم تكن كما يصورك الجاهلون الذين رأوا عظمتك فى أن تكون حاكيًا لوحى السماء، وما أنكر وحى السماء، ولكن أؤمن بأن فى السريرة الإنسانية ذخائر من الصدق والروحانية، وأنت أول نبى أعزَّ السريرة الإنسانية. أليس دينك هو الدين الذى تفرَّد بالنص على أن المرء يتصل بربه بلا وسيــــــــط؟ أحبك أيها الرسول الكريم وأشتهى أن أتخلق بأخلاقك السامية، كنت إنسانًا أيها الرسول قبل أن تكون نبيًّا، وتلك الإنسانية هى التى فتحت صدرك للصفح عن هفوات الناس، وهى التى جعلتك تنظر إلى ضعفهم بعين العطف.. وهى التى قضت بأن تذوق ملوحة الدمع فى بعض الأحيان. أنت حاربت الشح.. وحاربت العبوس.. وحاربت اليأس. أحبك لأنك أعززت الشخصية الإنسانية يوم اعترفت بأنها صالحة للخطأ والصواب.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة