الشيخ أمجد غانم يكتب: الإسلام يبنى الشخصية القوية الإيجابية أما الليبرالية والعلمانية فتبنيان شخصية سلبية انفرادية ليست جماعية (2)

الأحد، 16 سبتمبر 2012 06:18 م
الشيخ أمجد غانم يكتب: الإسلام يبنى الشخصية القوية الإيجابية أما الليبرالية والعلمانية فتبنيان شخصية سلبية انفرادية ليست جماعية (2) الشيخ أمجد غانم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قلنا إن الليبرالية تعنى (الحرية المطلقة) فى كل شىء!!.. فالليبرالى يصبو على نحو خاص إلى التحرر من التسلط بنوعيه: تسلط الدولة (الاستبداد السياسى)، وتسلط الجماعة (الاستبداد الاجتماعى).

هذا هو المدخل الذى يتم التغلغل به إلى عقول المسلمين فلا يبدو تصادمياً مع المعتقدات وقد يوضع له بعض التحسينات فى الأقوال فيقال الدين أشرف وأسمى من أن يدخل دهاليز السياسة.

ويقال إننا إن أدخلنا الدين فى السياسة وحدث خطأ ما أو فشل فهل يقال الدين فشل أو أخطأ.

بهذه الكلمات المعسولة يستبعد سلطان الله فى الحكم بين الناس وتتبع الأهواء.

فمثلاً فى ثورة الإسماعيلية سنة 51 فى 25 يناير لما ثار الشعب على الإنجليز وكانت من بين الثوار هدى شعراوى وقام الثوار بحرق العلم البريطانى وقامت بعض النساء تقودهن هدى شعراوى بحرق الحجاب مع العلم كناية عن التحرر من كل القيود حتى الدينية وإسقاط كل السلاطين حتى سلطان الله، هذا هو المدخل الشيطانى فإن الشيطان لا يوسوس مباشرة أن أعص، لا ولكن يقول: "الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى" [طه: 120].

فالليبرالية تعنى أنك لا شأن لك بالآخر لا فى تصرفاته الشخصية ما لم تؤذك ولا فى معتقداته فمن هنا تتفكك الجماعة، وينفصل كل فرد لوحده وتموت فكرة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ويقوم مقامها التبلد والبرود، قص علينا الشيخ صفوت نور الدين رحمه الله رئيس جماعة أنصار السنة السابق أنه لما ذهب إلى أمريكا رأى نساء عرايا فاحمر وجهه جداً وظل يستغفر، فضحك بعض من كانوا معه وقالوا كنا هكذا يا شيخ ولكنا تعودنا بمضى الوقت، ومن هنا تصنع اللامبالاة والسلبية حتى يستغربوا من يقول حرام وعيب بل يتمكن الأمر من قلوب البعض حتى إنه يسخر ممن يقول بذلك، كما انتقدنى أحد الذين فقدوا الفهم السليم وجهلوا دينهم بدعوى أنهم مثقفون فعلق أحدهم بقوله: "هو أنت لم تيجى تنتقد الغرب عمال تدور على الجنس والنسوان ودى قلعت ودى لبست، يا رجل حرام عليك غرقتوا الناس فى العبط وعمالين تحشوا أدغتهم بكلام تافة وسخيف".

انظر كيف مسخ الغرب بعاداته عقولهم وطوعهم كيفما يشاء ولغى هويتهم الإسلامية فلهذا نجحت الليبرالية والعلمانية لأنها لا تتصادم ولكنها تشوه المفهوم الصحيح، وأكبر أسباب نجاحها أنها كسرت حاجز احترام العلم وتوقير العلماء، فأصبح كل إنسان يتكلم بما يفهم هو بعقله دون ضوابط ويظن أنه مثقف، يحق له أن يتكلم فى الدين دون أن يجلس تحت أقدام العلماء، كما حدث لكل طالب علم على مر الزمن، فيتعلم أصول الدين، فلقد قال أحد المعلقين (لقرأ فى صلاته سورة اقرأ، ولبدأ بكلمة اقرأ، أول رسالة من السماء إلينا نحن المسلمين) "أهـ" ولم يذكر المسكين أن الله قال اقرأ باسم ربك ليكون الدين هو المهيمن والمرجع لكل الثقافات ثم يتمادى المسكين فى تخبطه فيقول: وعلى الرغم من أن المرتدين عن الإسلام بعد وفاة الرسول كان قرار محاربتهم استثنائياً لوأد الفتنة التى قد تحدث بين المسلمين فنحن نتخذه حتى الآن قانوناً لهدر دم أى أحد يخرج عن الدين، هل نقتل المسلم الذى يغير دينه والمسيحى الذى يغير دينه؟، فمن أين جاء بهذا الفهم هل قال به أحد من الأئمة الأربعة أو غيرهم من علماء السلف.

فمن ثمرات الليبرالية مناطحة العلماء الكبار كالأئمة الأربعة وشيخ الإسلام وغيرهم فيرفض الليبرالى إفهامهم ويحرر عقله من كل القيود ومن المرجعيات فلا تجد ليبراليا يأتى بدليل مشروح بشرح العلماء القدماء، ولكن يتكلم بفهمه هو وبهواه فيأتى بالكوارث.

فالليبرالية على اختلاف تعريفاتها لكل أصنافها ترتكز على جوهر واحد يتفق عليه جميع الليبراليين وهو أنها: تعتبر الحرية هى المبدأ والمنتهى فى حياة الإنسان، فالحرية هى سيدة القيم عندهم دون أدنى حدود أو قيود، سواء كانت هذه الحدود هى (حدود الله) أو كانت قيودا سياسية أو ثقافية أو اجتماعية.. أما مبدأ عبودية الله تعالى أو تعظيم رسالات الأنبياء فهو عند الليبراليين لون من تراث الماضى المتخلف!.

ولكى نفهم وجه التصادم الحقيقى بين الإسلام والليبرالية والعلمانية لا بد أن نعرف من أى ناحية يختلف كل منها مع الإسلام.

فالعلمانية: تحد من سلطان الله فى الأرض فهى تؤمن بتوحيد الألوهية وتتعارض مع توحيد الربوبية وسنفرد لها مقالا خاصا أو أكثر.

أما الليبرالية: فتتعارض مع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وعن الجماعية والوحدة وأن لا تكون للدولة هوية دينية أو اتجاه وهى تتشابه أيضاً مع العلمانية فى تحديد سلطان الله فيعرفها الفيلسوف (روسو) بأنها: (الحرية الحقة فى أن نطبق القوانين التى اخترعناها نحن لأنفسنا) أى شرعنا لأنفسنا ولكن سأتناول ذلك عند الكلام على العلمانية.

فهذا المفكر اليهودى (هاليفى) يعرفها بأنها: (الاستقلال عن العلل الخارجية، فتكون أجناسها: الحرية المادية والحرية المدنية أو السياسية والحرية النفسية والحرية الميتافيزيقية "الدينية".

لقد لاحظت فى ردود القراء مدى خطورة عدم فهم تعارض الليبرالية مع الإسلام وخاصة الليبرالية الدينية فيكون الليبرالى مصليا مزكيا متدينا من وجهة نظره فمثلاً هناك أخ فاضل اسمه أمين قال:
أولا حضرتك قد بدأت خطأ، لقد اتخذت النموذج الليبرالى الغربى كنموذج وحيد مع الليبرالية ولم تراع أن الليبرالية أساسها الحرية، نعم لكن وفقاً للدين والعادات والتقاليد، ولماذا مثلاً لم ترجع إلى فترة الحكم الليبرالى فى مصر، هل كان من حق الرجل والمرأة أن يقبلوا ويحضتنوا بعضهم فى الشارع، هل كان من حقهم ممارسة الزنى إن أرادوا أم هناك كانت قوانين تحاسب على ذلك) "أهـ".

فانظر كيف تغير المفهوم من دين إلى قانون فلو سمح القانون لجاز الأمر وسكت المسلمون فمثلاً بيوت الدعارة فى زمن الملك فاروق وقبله كانت مرخصة قانوناً وزنى التراضى فى القانون المصرى الحالى مقبول طالما أن المرأة لم تتقاض أجرا على الزنا والزوج وحده هو الذى يقيم دعوى الزنا على زوجته فإن قبل لا تجرم وأمثال ذلك كثيرة وهى أن المسلم لا دخل له بأى معصية طالما أن القانون لا يجرمها فتموت بذلك قضية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ويقال لك خليك فى حالك أنت مالك.

ويؤكد الأخ الفاضل هذا المعنى فى كلامه فيقول:(إن الليبرالية يا شيخ تتشكل حسب الدين والعادات والتقاليد بالمجتمع وأنت وأمثالك تتخذونها عدواً لا حباً فى الدين لكن فى السلطة التى تستطيع أن تفرضها على البسطاء باسم الدين ولمن ينتقد) "أهـ"، فهو يعتبر أن الأمر بالمعروف تسلط على الآخرين، ثم يذكر الأخ أيمن أنى ذكرت السلبيات ولم أذكر الإيجابيات فما هى الإيجابيات من وجهة نظره يقول: (المجتمع الغربى قد أتاح لكثير من غير المسلمين دخول الإسلام وهو ما لم يكن متاحاُ وقت الحكم الدينى بسبب اضطهاد الكنيسة، ولو نظرنا فى مجتمعنا فالمسلم إن دخل دينا آخر أو ترك دينه يتهم بالردة ويهدر دمه) "أهـ"، فهذا هو مفهوم الليبرالية الدينية التى يريدها الغرب تماماً.

فقد أشارت موسوعة لالاند الفلسفية إلى المعنى الذى يتفق عليه جميع الليبراليين فتقول بأنها: الانفلات المطلق بالترفع فوق كل طبيعة.

والليبرالية الدينية لها النصيب الأوفر فى هذا الانفلات من القيم والثوابت والمقدسات، فالليبرالية الدينية تسعى إلى نمط من الفكر الدينى لا يتقيد بأية قواعد، ولا يستند إلى أية مرجعية، بل يستند إلى حرية الإنسان فى اختيار الإله الذى يهواه، ولو عبد كل يوم إلها.. ولو لم يعبد إلها على الإطلاق إلا هواه، نعم إن الليبرالية تهدف إلى نزع القداسة عن كل مقدس، لأن البنائين الأحرار يعملون على هدم الثوابت وإلغاء الخصوصية الثقافية، وتدمير مفهوم المقدس واستبداله بمفهوم النسبية فى الحقائق والعقائد والقيم لإزالة الثبات عنها، حتى لا يبقى هناك مجال لأصول تبنى عليها الهوية، أو ترتكز إليها القيم.

وقد صرح أحد كبار كتاب الدانمارك باستنكاره عدم قبول المسلمين لهذا النقد لمعتقداتهم بينما تقبل الديانات الأخرى النقد!!.

ولا يظنن غمر أنى بمقالى هذا أعارض الحرية، فالإسلام هو دين الحرية الحقيقية ورسولنا صلى الله عليه وسلم هو محرر البشرية منذ أكثر من أربعة عشر قرنا.


فالليبرالية وراء سب سيد البشرية: فقد ذهل المسلمون فى شتى أنحاء المعمورة من هذه الوقاحة والجرأة فى التعدى على جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومما زاد فى حنقهم تلك التبريرات السمجة التى قدمتها الليبرالية بأنه يحق لنا سب المسيح أو سب الله باسم الحرية.

وللحديث بقية..





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة