الجيش الإسرائيلى ينقل عدداً كبيراً من قواته لقاعدة بصحراء النقب

بدأ الجيش الإسرائيلى فى بناء أكبر قاعدة تدريب لقواته من أى وقت مضى، وانتقل من التدريب فى بعض أغلى العقارات فى البلاد إلى رمال الصحراء القاحلة فى جنوب إسرائيل، فى إطار محاولة جديدة لتحقيق حلم قديم بتعمير الصحراء.

ويعد هذا أكبر مشروع بناء للجيش منذ ثلاثة عقود، وتبلغ تكلفته 650 مليون دولار، وبدءاً من نهاية عام 2014 سينقل عشرة آلاف جندى إلى القاعدة الجديدة الواقعة على بعد ثلاثين كيلومتراً جنوب مدينة بئر السبع، وقد صمم لدعم التدريب على العمليات القتالية التى تجرى الآن فى عدة مواقع مختلفة.

لكن منتقدين يتساءلون عما إذا كان المشروع سيحرك الاقتصاد فى المنطقة كما وعد مسئولون. وأشاروا أيضا إلى أن المشروع لا يناقش الفوائد التى ستعود على العرب البدو الذين يشكلون ثلث سكان المنطقة، ويبلغ تعداد سكان المنطقة 500 ألف شخص.

ومنذ انسحاب إسرائيل من قواعدها فى صحراء سيناء بمصر منذ ثمانينيات القرن الماضى، عندما وقع البلدان معاهدة سلام تاريخية، لم ينفذ الجيش مشروعا كهذا، من حيث التكلفة، وعدد الجنود الهائل، حسبما قال مدير المشروع المقدم شالوم ألفاسى.

واليوم، توجد بعض المبانى المؤقتة التى تقف على مساحة 625 فدانا مخصصة للموقع، ولكن فى غضون عامين، من المفترض أن يخصص 2.7 مليون قدم مربع لبناء القاعدة لتحتوى على ثكنات، ومئات الفصول الدراسية التى تحوى حواسيب، ومواقع إطلاق نار، ولن تتدرب قوات قتالية فى القاعدة، ولكن سيتم تدريب سائقين ومساعدين طبيين وجنود سيدعمون الجبهة، ولن تسحب عمليات من المقر الرئيسى العسكرى لوزارة الدفاع فى قلب تل أبيب.

ويعد هذا المشروع جزءاً من تحرك أوسع للانتقال إلى منشآت عسكرية بصحراء النقب. وقال الفاسى، إن ما يقرب من نصف القواعد العسكرية فى وسط إسرائيل ستنقل إلى المنطقة بحلول نهاية العقد الحالى.

وتشكل صحراء النقب أكثر من نصف أرض إسرائيل، ولكنها موطن لنحو ثمانية بالمائة من تعداد السكان البالغ ثمانية ملايين نسمة، وهو ما جعل تعميرها جزءاً من رؤية مؤسس إسرائيل، ديفيد بن غوريون.

ولكن سوء الخدمات هناك جعل المنطقة فقيرة، رغم سلسلة البرامج الحكومية لتحسين الطرق ومد خطوط السكك الحديدية التى كانت تهدف لتعميرها.

ويعتقد الفاسى أن الأمور ستتغير هذه المرة، ويقدر أن المشروع سيخلق من 20 ألفاً إلى 30 ألف فرصة عمل مؤقتة لسكان النقب. وأضاف أن نحو 500 عامل مدنى سيعملون فى القاعدة وأنه ستتوفر ما بين ألفين إلى 2500 وظيفة لمتعاقدين خارجيين.

وقال إن الجيش يتوقع أن ينقل ما بين مائتى إلى ثلاثمائة جندى أسرهم إلى الجنوب ليكونوا قريبين من القاعدة، وهو ما سيعزز الاقتصاد، وكذلك الخدمات التعليمية والطبية.

وسخر إيريز تسفاديا، رئيس قسم السياسة العامة والإدارة فى كلية سابير فى النقب، من هذه الفكرة، قائلا، "هناك نصف مليون شخص فى المنطقة التى ستبنى فيها القاعدة، فهل سيؤثر نقل مائتين من عائلات الجنود إلى النقب؟". وتحدث مدير المشروع أيضا عن زيادة القوة الشرائية للنقب من خلال عشرة آلاف جندى سيكونون هناك، "لكن الجنود لا يمتلكون أى أموال"، وفقا لتسفاديأ، الذى ضاف "معظمهم سيشترون الفلافل فى محطة الحافلات المركزية فى بئر السبع، هذا لا يبنى اقتصادا".

ولن ينتقل أى من البدو والعشائر العربية الذين يعيشون فى المنطقة منذ عقود لإفساح الطريق للقاعدة العسكرية، وهو ما يحد من أى معارضة له. وشابت المحاولات السابقة لتطوير الجنوب عمليات إخلاء قسرى للقرى البدوية غير المصرح بها، وفى نفس الوقت، لا يعتبر البرنامج سبيلا لإشراك المجتمع البدوى الفقير، "إنهم لا يأخذون فى الاعتبار أنها فئة ينبغى أن تستفيد" بحسب تسفاديا.

وقال الفاسى، إنه سيتم وضع البدو فى الاعتبار لتنفيذ مشاريع، ولكن ليس لديه معلومات عن خطط تهدف لكيفية استفادتهم.

ومن أكبر فوائد هذا الانتقال إخلاء عناصر الجيش من العقارات باهظة الثمن فى وسط إسرائيل، وتقدر وزارة الإسكان الإسرائيلية أنه سيتم بناء خمس وثلاثين ألف شقة سكنية، بينها تسعة آلاف شقة تصنف بأن أسعارها معقولة، فى هذه المواقع، ويمكن أن يجلب ذلك بعض الراحة لكثير من الأسر الشابة التى لا تستطيع الحصول على شقق فى منطقة يمكن أن تبلغ سعر الشقة بها 500 ألف دولار.