لا شك فى أن الحملة الفاسدة التى تمثلت فى إنتاج فيلم يسىء لرسولنا وأشرف الخلق عليه الصلاة والسلام، والتى شارك فيها عدد ممن يسمون أقباط المهجر من المصريين من المرضى النفسيين، الذين تنضح قلوبهم بالغل والحقد الأسود والكراهية وهى فئة استغلت وجودها خارج مصر فى مناخ مفتوح يسمح لكل من كان بفعل مايشاء وتناسى أولئك الأغبياء أنهم لا يمثلون إلا أنفسهم المريضة ونسوا وتجاهلوا مشاعر إخوانهم فى مصر، التى تربوا فيها وشربوا ماءها فلم يزدهم إلا كرها لها ولأهلها وحقدا عليها ولم يراعوا أن لهم إخوة أقباطا على هذه الأرض ارتبطوا بها، وفضلوها على غيرها لأنها وطن يعيش فيهم.
أتساءل إن كان هذا الفيلم هو من أفكار هذا القس المأفون سابق الدعوات المريضة السابقة بحرق القرآن، وهو قس أمريكى فلم أقتصر العمل على إخراج هذا السفه على أقباط مصريين فقط من عينة صادق وزقلمة ومتولى وغيرهم من أصحاب العقول المريضة، فهل هؤلاء فقط هم من يختصمون الإسلام ونبيه أم لكونهم مصريين فهم مخترقون لاستغلال تلك الأحداث فى استفزاز المسلمين على أرض مصر أملا فى الوصول إلى مخطط يحلم بالتقسيم، وللأسف يأبى عليهم غباؤهم أن يصدقوا أن مصر كيان واحد ومهما اختلفت توجهات المصريين أو عقائدهم فلن يسمحوا لمصرهم بالتشرذم والتشتت، كما يحلم أولئك المرضى.
لاشك أن المظاهرات التى خرجت وأحاطت السفارة الأمريكية بالقاهرة هى حق مشروع للتعبير عن رفض هذا الاستفزاز المبالغ، والذى لم يرافقه أى رد فعل رسمى من الجانب الحكومى الأمريكى يعبر عن استيائه أو اعتذاره عن هذا السفه، ولكن يبقى أن نقول ينبغى أن نكون أكثر وعيًا فى التعبير عن آرائنا فلا تخرج انفعالاتنا بصورة تسىء إلينا أكثر مما تنفعنا فبالرغم من بشاعة فكرة الفيلم وكم الاستفزاز وشدة الرغبة فى التعبير عن الغضب والامتعاض فلا معنى لنزع العلم وحرقه واعتلاء الأسوار ثم ما المغزى وراء استبدال العلم بعلم أسود لا ندرى إلى ماذا يشير فرغم اعتراضنا على التجاوز فى التعبير عن الغضب فقد نتفهم استبدال العلم الأمريكى بعلم مصر، ولكن ذلك العلم الذى تم رفعه لا يمثل شيئا نعرفه، ولأننا مع التعبير عن غضبنا لا ننسى أن نعبر عنه بصورة ترضى أشرف الخلق، عليه الصلاة والسلام، نعبر عن الغضب بصورة راقية تدفع من لايعلم عن ديننا إلى البحث عنه والتمعن فيه، وتجعل من يرى هذه الغضبة لرسولنا عليه الصلاة والسلام يتساءل ويبحث ليعرف من هو هذا الرسول الكريم، الذى بعث ليتمم مكارم الأخلاق عليه الصلاة والسلام وبصورة مختصرة كان ينبغى أن يكون غضبنا والتعبير عنه درساً فى الدعوة إلى الله ورسوله.
لنعلم أن أولى خطوات نصرة رسولنا عليه الصلاة والسلام هى تحرير إرادتنا ليس فقط فى التعبير عن الغضب وإنما إرادتنا فى النهوض ببلدنا وإرادتنا فى التعايش مع الآخر وإرادتنا فى أن يمد بعضنا يده إلى البعض الآخر، لنعلم أنه مهما اختلفنا فستظل مصر هى بلدنا التى تشملنا بالانتماء إليها أيًا كانت عقائدنا وأيا كانت انتماءاتنا السياسية أو الحزبية فمصر العظيمة أكبر من الجميع وتحتاج إلى جهد الجميع وتحتاج منا كمسلمين على أرضها أن يسأل كل منا نفسه ماذا قدمت لنصرة رسول الله من عمل ألقى الله عليه، هل راعيت الله فى عملى وهل التزمت بصلاتى فى موعدها وهل وصلت رحمى، وهل كنت بارًا بوالدى، وهل التزمت بوصايا رسولنا عليه الصلاة والسلام، الذى يخبرنا "مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"، وكما حدثنا "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فليسأل كل منا نفسه وليحاسبها ولا نكتفى بفورة غضب عبرنا عنها بصورة أو أخرى ثم انصرف كل منا إلى حال سبيله يجب أن تكون نصرة رسولنا هى نصرة لديننا حية دائما فى قلوبنا ودافعا مستمرا للعودة إلى الله وإلى طريقه المستقيم، حيث يقول ربنا فى كتابه العزيز "و لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون"، لتكن نصرتنا لرسولنا بتقوى الله وتفعيل الإيمان داخلنا وتجديد النوايا للسير فى طريق الله القويم غايتنا الأولى هى تحرير إرادتنا بالعمل لنأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع فلا يعقل أن تكون دولة عظيمة بحجم مصر- ولا أناقش أسباب هذا الوضع الذى هى فيه الآن.
ولكن أدعو أن نتآلف للخروج منه حتى نملك إرادتنا فتعود بلدنا إلى ما كانت عليه من عزة ومنعه ولحظتها لن تجد لمثل هؤلاء المرضى وجودا لا بيننا ولا حولنا.
أسأل الله لمصر التوفيق وأن يبصرنا بعيوبنا ويلهمنا القدرة على تقويم أنفسنا............... اللهم آمين
