على رمضان يكتب: هل أوجعتنا الـ "بى بى سى"؟

الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012 04:11 م
على رمضان يكتب: هل أوجعتنا الـ "بى بى سى"؟ يوسف بطرس غالى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التقرير الذى أذاعته قناة "بى. بى. سى" البريطانية حول تقاعس الحكومة البريطانية عن ملاحقة بعض أفراد النظام السابق وتجميد أصولهم وممتلكاتهم، وعلى رأسهم جمال مبارك؛ أعطى الكثيرين دروسًا مفيدة تستحق العناية والدراسة والتأمل والتمحيص، كما أشار إلى تغافل متعمد من جهات عديدة فى مصر لتسهيل تهريب أموال الشعب خارج الحدود المصرية.

قناة "بى. بى. سى"، البريطانية الأصل والمنشأ والهوية، حجزت دولة الإنجليز فى ركن الحلبة وظلت على مدى التقرير الطويل تُسدِّد الضربات واللكمات من شتى الجهات و"فين يوجعك يا دولة"، موجهة اتهاماتها للمسئولين بالتهاون فى حق دولة مدنية ديمقراطية وليدة، منتهكة اتفاق دول الاتحاد الأوروبى بمساعدة مصر فى الحصول على أموالها المسلوبة، فضربت القناة مثالاً لاستقلال الإعلام التام عن الدولة، مستخدمة أسلوبًا مهذبًا وحوارًا رقيقًا رقة السكين الحادة، وأداءً باهرًا موثقًا بالأوراق والشهود والصور، لتضفى المصداقية المطلوبة للإعلام حين يوجه أصابع اتهام نحو شخص ما أو مؤسسة ما أو حتى الدولة ذاتها، فيحكم قبضة اتهامه حول فريسته دون مراوغة ولا ادعاء ولا تلفيق ولا كذب قد تدفع ثمنه غاليًا لو لم تبرهن على صدقها فى عرضه..

المسئولون فى الدولة البريطانية لم يرفضوا لقاء القناة، ولم يتهربوا أو يغلقوا تليفوناتهم فى وجه المذيع، وإنما فتحوا له أبوابهم ليدخلها آمنًا مطمئنًّا، ويخرج منها كذلك، إلى بيته بالطبع، وليس إلى حيث لا يعرف مكانه إنس ولا جان.

أجاب المسئولون عن كل الأسئلة، وتلقوا اتهامات التقاعس وخيبة أمل المصريين فى نزاهتهم ببرود إنجليزى متمتمين بأن خيبة الأمل أمر مؤسف. فلم يزيدوا ويعيدوا ويحاوروا ويدوروا ويلفوا ويسوِّفوا ولم يلقِ أحدهم بالتهمة عن كتفيه إلى كتفى آخر، وإنما الحوار كان صريحًا واضحًا، معترفين بما جاء فيه.

صراحة مطلقة، وشجاعة فى العرض والسؤال، ومثلها فى التلقى والرد والإجابة.

ممثل حكومة الظل أدلى بدلوه، فصب جام غضبه على الدولة المتقاعسة عن مساعدة مصر، دون لفظ نابٍ أو سبٍّ علنى أو استهزاء واستخفاف أو إهدار دم الحكومة.

فما الفائدة التى تعود على قناة إنجليزية، ليس لها فى أموال مصر المهربة حق معلوم، وليس لها فى "الثور أو الطحين"، كما يقول المثل الشعبى؟

وكيف يُحدث هذا التقرير مداولات واتهامات متبادلة بين جموع السياسيين والوزراء فى إنجلترا ولا يُحدث مثلها بين مؤسساتنا ووزرائنا؟

الإجابة هى: المصداقية فى أداء الرسالة الإعلامية المفروضة، وهى أكبر من كون الموضوع سبقًا إعلاميًّا أو كشفًا وثائقيًّا، وإن كانت تحمل أيضًا فحواهما.

التقرير أوجع قلوب المصريين على أموالهم المسروقة، وأوجعهم أيضًا على قلة حيلة الحكومة فى الحصول عليها، وليت الوجع الإعلامى يكون قد وصل للمسئولين عن الإعلام ليعطيهم درسًا عن استقلال الكلمة ووثائقية الاتهامات.

ومازالت علامات الاستفهام والدهشة والتعجب تلقى بظلالها على أسئلة نريد من مسئولينا الإجابة عنها – بصراحة المسئولين الإنجليز ووضوحهم نفسيهما – بعد تحقيق نرجو ألاَّ يطول: ما السبيل لعودة المال المسروق، سواء كان أصولاً أو عقاراتٍ أو غيرهما؟ وهل كان تحرك الليبيين أفضل وأسرع من تحركنا ليحصلوا على أموالهم؟

هذا حق الشعب الذى لن يتسوله، والشعب يريد حقه المسلوب بأى سبيل كان، ولن يتنازل عنه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة