محمد مؤمن

رسالة إلى الرئيس مرسى

الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012 12:27 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ ما يقرب من عام مات العبقرى صاحب التفاحة، التى أبهرت العالم لعقود السيد "ستيف جوبز" مؤسس شركة آبل العالمية، وكان من بين أكثر التعليقات التى انتشرت حين الوفاة، ذلك التعليق القائل "تفاحتين غيرتا العالم"، أما الأولى فكانت من نصيب إسحاق نيوتن، والتى على أساسها وصف قوة الجاذبية الكونية ومهد الطريق لعلم الميكانيكا الكلاسيكية عن طريق قوانين الحركة، والثانية تفاحة السيد "ستيف جوبز" التى غيرت خريطة التكنولوجيا العالمية.

وكان أكثر ما شغلنى فى تلك الفترة، ماذا لو لم يكن البشر ابتكروا الكتابة كأداة للتدوين والتعبير؟ ما قيمة كل تلك المخترعات الحديثة بدون الكتابة؟ كيف كان نيوتن سيدون تلك القوانين التى غيرت العالم؟

ما قيمة I Pad ستيف جوبز بدون الكتابة؟ بالتأكيد لا قيمة لكل ذلك بدون الكتابة، فهى بمثابة الروح لكل شىء والتى ستفنى بالتأكيد إذا نُزعت منها.

وإذا أدركنا أن من اخترعوا الكتابة هم المصريون، أدركنا لماذا نكتب هذة الكلمات اليوم، فقد كانت صدمتى كبيرة حين شَرعتُ إلى محرك البحث الشهير "جوجل" أنظر فى ترتيب مصر بين دول العالم فوجدتها الدولة رقم 156 من أصل 183 شملهم الترتيب، ترتيباً ليس من حيث مستوى الدخل ولا التعليم الجامعى ولا الصحة العامة، وإنما من حيث القرائية، معرفة الشعب بالقراءة والكتابة، فأكثر من "ثلث" الشعب المصرى فوق الـ18 عاماً لا يقرأ ولا يكتب، ذلك الثلث الذى يختار ممثلى الأمة فى الانتخابات والذى هو أكثر من نصف القوة البشرية المنتجة فى مصر.

وكان النظام السابق يعمل على زيادة الأمية لا الحد منها، فلا يوجد حاكم ظالم يريد للشعب الذى يحكمه أن يعى شيئاً وأولى خطوات الوعى هى القراءة والكتابة، فأخذوا فى محاربتها، ولما كانت الحياة لا تُدرك حقيقتها بغير التجربة وبعد مشاركتى من أول يوم فى تجربة "صناع الحياة".. لأجل محو الأمية.. وبعد أن أصبح بفضل الله لدينا أكثر من 5600 فصل بها أكثر من 80 ألف دارس.

فأنا اليوم أتوجه كمواطن مصرى يمسه ذلك العار الذى يصيب أمته إلى السيد رئيس الجمهورية، السيد رئيس الوزراء والسيد وزير التربية والتعليم بصفتهم مسئولون عن محو الأمية فى مصر بهذه المقترحات الأربع لعلها تكون سبباً فى القضاء على تلك الظاهرة:

1- لابد من تحرير شهادة محو الأمية وكسر احتكار الهيئة العامة لتعليم الكبار لها، فلا يُتصور أن تكون شهادة الإعدادية التى هى أعلى مقاماً من شهادة محو الأمية من الممكن الحصول عليها من 10113 مدرسة منتشرة فى جمهورية مصر العربية، وشهادة محو الأمية محتكرة فى جهة واحدة هى الهيئة العامة لتعليم الكبار.

2- تخفيض درجة شهادة محو الأمية من كونها معادلة للشهادة الابتدائية، إلى وضعها الحقيقى كشهادة لمحو الأمية وفقط، فالدارس الحاصل على شهادة "محو الأمية" يفتقد الكثير من المهارات التى يحصل عليها الطالب الحاصل على الشهادة الابتدائية "كاللغة الإنجليزية – مهارات الحساب المتقدمة عن العمليات الحسابية البسيطة والهندسة – الأشنطة.. إلخ"، فالدارس الحاصل على شهادة محو الأمية فى أيامنا هذه هو فى منزلة بين المنزلتين "لا هو أدرك الشهادة الابتدائية من حيث المهارات ولا حصل على شهادة محو الأمية بيسر وفى وقت وتكلفة أقل، فمؤسسة اليونسكو فى إحدى تعريفاتها لمحو الأمية تنص على أن: محو الأمية "هى القدرة على التعبير عن الأفكار بالكتابة"، وفى دولة مثل كوبا على سبيل المثال والتى يتمتع شعبها الفقير بـ99.8 يجيدون القراءة والكتابة، وهى بذلك الدولة رقم واحد على مستوى العالم، اختبار محو الأمية فيها عبارة عن سؤال واحد "اكتب خطاب إلى رئيس الجمهورية مكون من ثلاث أسطر"، وهكذا فعلت معظم دول العالم الخالية من الأمية، وفى حالة تخفيض درجة الشهادة سيؤدى ذلك إلى:

- تقليص المدة الزمنية لإنهاء عملية "محو الأمية" والتخلص من الأمور الزائدة واعتبارها مرحلة لمحو الأمية وفقط.

- حفظ ميزانية الدولة وترشيد النفقات، حيث إن العملية التعليمية ستنخفض من 6 أشهر إلى 3 أشهر، مما يعنى توفير فى (أجور المدرسين – مصاريف تشغيل الفصل – عدد أوراق الكتاب ...إلخ".

- تشجيع الأميين والمتطوعين على العمل من أجل القضاء على هذه الظاهرة، حيث إن مدة التعلم ستنخفض إلى النصف على الأقل كما أشرنا فى الفقرة السابقة كما سيمكن الكثير من الأميين والمتطوعيين من المشاركة.

- التمكن عملياً من القضاء على مشكلة الأمية فى البلد الذى اخترع الكتابة كأداة للتواصل خلال خمس سنوات من الآن بإذن الله.

3- تعديل قانون محو الأمية رقم 8 لسنة 1991 والمعدل بالقانون رقم 131 لسنة 2009 فى شأن محو الأمية وتعليم الكبار وخصوصاً المادة 3 منه والتى تنص على التالى " يلزم بمحو أميته كل مواطن يتراوح عمره بين الرابعة عشرة والخامسة والثلاثين غير المقيد بأية مدرسة ولم يصل فى تعليمه إلى مستوى نهاية الحلقة الابتدائية من التعليم الأساسى " تلك المادة التى تدلل على مدى الظلم والفساد الذى قضى به النظام السابق على المصريين، حيث كانت نسبة الأمية فى مصر عام 1991 "51"% من الشعب وكان ذلك وفقاً لقانون رقم 67 لسنة 1970 والتى نصت المادة مادة 2 على التالى: جميع المواطنين الأميين الذين تتراوح أعمارهم بين سن الثامنة والخامسة والأربعين، وغير المقيدين فى أية مدرسة، ولم يصلوا فى تعليمهم عند العمل بهذا القانون إلى مستوى نهاية الفصل الرابع الابتدائى، ملزمون بأحكام هذا القانون.

فاكتفى النظام السابق بتعديل سن الأمى من "8 – 45" ليصبح "14 – 35"، مما خفض نسبة الأمية فى أيام قليلة ظلماً وزوراً وبهتاناً من 51% إلى 31%.

4- تأسيس مجلس قومى لمحو الأمية يترأسه مباشرة رئيس الجمهورية ويضم الجهات الحكومية المعنية ومؤسسات المجتمع المدنى العاملة فى هذا المجال.

فيا رئيس جمهوريتنا
يا رئيس وزارء مصر
يا وزير التربية والتعليم
لقد آن لمصر أن تعود لتؤدى دورها تجاه العالم كما فعلت حين اخترعت الكتابة كأداة للتواصل قبل آلاف السنين.. وأول الطريق العودة أن يقرأ شعبها ويكتب.

* مدير تطوير المشروعات - صناع الحياة مصر







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة