لعنات مشرقية.. قصيدة طويلة تستعير التاريخ ولا تعيده

الإثنين، 10 سبتمبر 2012 11:56 ص
لعنات مشرقية.. قصيدة طويلة تستعير التاريخ ولا تعيده الشاعر المصرى محمود قرنى
(رويترز)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد أن أهمل كثير من الشعراء العرب مناطق ثرية إنسانيا فى التاريخ العربى يضع الشاعر المصرى محمود قرنى يده على مواقف تاريخية هى الشعر، ولا يجد بابا للدخول أكثر رحابة من كتاب (ألف ليلة وليلة).

ففى الليلة 371 وما بعدها تستعرض الليالى حكاية (الورد فى الأكمام) ابنة الوزير إبراهيم مع الشاب (أنس الوجود)، وكيف أبعدوها عنه فخاض فى البحث عنها رحلة أشبه برحلة أوديسيوس. وفى القصة نفسها سطور هامشية لخادم ليس له اسم يقابل (أنس الوجود) فى الجزيرة المهجورة ويحكى له جانبا من قصته..

"يا وجه الأحباب. إن أصبهان بلادى. ولى فيها بنت عم كنت أحبها. وكنت متولعا بها. فغزانا قوم أقوى منا وأخذونى فى جملة الغنائم. كنت صغيرا فقطعوا إحليلى. وها أنا على حالى بعد أن باعونى خادما.." بتلك السطور يفتتح قرنى ديوانه الجديد (لعنات مشرقية).

ويرسم الشاعر (اللعنات المشرقية) فى لوحات درامية متتبعا تاريخا متخيلا للورد فى الأكمام التى هربت من القصر عبر حبل من أثواب بعلبكية ممتد من السطح إلى الأرض، كما سجل كتاب (ألف ليلة وليلة) حكايتها.

ولكنها فى الديوان يلاحقها حكيم عجوز قائلا: "بدنك خزانة اللذة ومآب الصالحين - فاجعليه مآبى. فتقول الملاكة: يا جدى لثغتك عميقة - ولا أكاد أتبين ما تقول - اقترب أكثر وقل لى: من الذى أوقع منك كل هذه الأسنان؟!."

والديوان الذى يستعير أصوات شعراء منهم الهندى طاغور والألمانى جوته والأرجنتينى خورخى لويس بورخيس هو قصيدة طويلة من 43 مقطعا، ويقع فى 120 صفحة متوسطة القطع وصدر فى القاهرة عن دار (الأدهم للنشر والتوزيع) بغلاف صممته هند سمير.

ومن مقاطع الديوان لحظة وصول إبراهيم باشا ابن الوالى محمد على إلى الحجاز فى مطلع القرن التاسع عشر، حيث "عرف النصل طريقه إلى الأحشاء - وتجلت الأقواس فى صيحات الجنود... كان الباشا يضبط زناره - كان الشيخ يتكلم عن الخلود - والعاشق يتكلم عن الذكرى - أما السر فيمشى حرا على أرض النبى رافعا الموازين بين سبابتيه. وهكذا بنينا التكايا على صرخات الأرامل وأجساد المحاربين".

أما طاغور (1861-1941) فإنه "يتذكر الحرب - ولا يكاد يصدق أن الدولة التى أهدته القبلة الرقيقة نبتت لها كل هذه الأنياب - فيضع قلبه تحت الحذاء - ويعود إلى مسقط رأسه كلكتا - لم يكن سيرا ولا ميتا"، فى إشارة إلى لقب "سير" الذى منحه له ملك بريطانيا، ولكن طاغور أعاد اللقب للملك بعد مذبحة تعرض لها إقليم البنجاب عام 1919 حين كانت الهند تحت الاحتلال البريطانى.

ويقدم ديوان قرنى على لسان أبو عبد الله الصغير (1460-1527) أسبابا لخروج العرب من الأندلس، حين ألقى الصغير وهو آخر ملوك الأندلس نظرته الأخيرة على غرناطة عام 1492 فقالت له أمه عائشة الحرة "إبك مثل النساء ملكا لم تحافظ عليه مثل الرجال؟"

ويعيد أبو عبد الله الصغير السبب إلى (الورد فى الأكمام) قائلا، إنها كانت مزواجا وولودا فاختلطت السلالة "بعد أن سلمها إخوتها للغزا، فقاموا بخلط الأنساب عامدين."

وفى المقطع الأخير للديوان يختفى صوت (الورد فى الأكمام)، وتأتى حكاية كائن يحبو على أربع فى الصباح وفى الظهيرة يمشى على أربع وفى المساء ينحنى ظهره "إنها اللعنة المشرقية... أيها الشرق الحزين - لم يسعك العالم الفانى - فنم قريرا فى غسق الأبدية."





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة