أكد عدد من المتخصصين فى مجال الموسيقى على أن الإعلام المصرى الحكومى والخاص، يتجاهل الأغنية النوبية، ولا يلتفت إلى ما لدى النوبة من تراث عظيم منها، وأن ما يقدمه بين حين وآخر سواءً فى الأعمال الدرامية أو غيرها، لا يعبر عن جوهر الأغنية النوبية، وأن أقل ما يقدمه يوصف بأنه باهت أمام هذا المخزون التراثى الذى لا يعرفه أبناء الشعب المصرى.
جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت مساء أمس الأربعاء، ضمن فعاليات الدورة الثانية لمعرض رمضانيات للكتاب، والذى تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد مجاهد، بمنطقة الطالبية، بشارع فيصل، وعقدت الندوة حول مستقبل الغناء، وشارك فيها الشاعر عماد حسن والملحن والموزع الموسيقى إيهاب عبد السلام، ومن النوبة مصطفى عبد القادر وأدارها الدكتور أحمد مرسى.
وقال "مرسى" قالوا إن أعذب الشعر أكذبه، ولكن هذا غير صحيح فأعذب الشعر أصدقه وأعذب الفن أصدقه، وهناك ألوان كثيرة من فن الغناء مثل الأغنية النوبية، ولكن هناك تصوراً أننا عندما نتحدث عن تنوع ثقافى داخل المجتمع المصرى، أننا نشق المجتمع، وإنما التنوع هو إثراء، ولا يوجد أى نوبى يفكر فى إقامة الدولة النوبية، وإنما أقصى ما يتمنوه، وهو حقهم فى أن يصبحوا جزءاً حياً من هذا الوطن، وتقسيم مصر لن يحدث، والانتماء فى مصر لا بد أن يكون لمصر وليس لأى شىء آخر.
وقال عماد حسن الغناء هو أقرب فن للناس ويمارسوه بصفة يومية فهو يصاحب الإنسان فى كل لحظاته ومشاعره، وفى كل المواقف، ودائمًا يكون معبرًا عنهم، وعن حالة المجتمع الذى يعيشون فيه، والمهم القيمة التى أوصلها للناس من خلال الأغنية، ويجب أن يكون هناك حرية فى الإبداع، فأنا مبدع إذن أنا حر، والحرية تجعلنى أعبر عن كل شىء بمصداقية حتى يصل ما أكتبه للناس.
وأشار "حسن" إلى أن ما يحكمه فى العمل هو قيم الحرية والحق والمساواة، ودورى موجود مهما اختلف شكل الحكم، سواء كان حكما ليبراليا، أو أى حكم آخر، فهذا لا يعنينى ودورى مستمر، وسأظل أبدع لأقدم فن محترم يصل للناس.
وقال إيهاب عبد السلام، إنه إذا كان الشاعر يعبر عن مشاعره فى النص، فمطلوب من الملحن الذى سيتعامل مع هذا النص أن يفهم مقصد الشاعر، ويقرأ ما بين السطور ليعبر عن المعنى المقصود، وإذا لم يفهم مقصده فيكون التعبير سطحيا، والملحن الحقيقى هو الذى يمتلك أدواته ودارسا للموسيقى وملما بالمقامات الموسيقية، وما يعبر منها عن ثقافته أو ثقافة الآخر، ويستطيع أن يصنع منها توليفة توصل ما يقصده باللحن والأغنية، والموزع الموسيقى هو الذى ينظم عملية العزف، ويصنع إطاراً وشكلاً للحن، وعن طريقه يقدم اللحن للجمهور، والتوزيع الموسيقى مرتبط جدا بالحالة الثقافية للموزع، ولكن المطلوب من الموزع أن يكون ملماً بجميع الثقافات.
وعن علاقة الأغنية بالثقافة، وخاصة الثقافة النوبية، تحدث مصطفى عبد القادر وقال: "الجميع يسمع أغانى نوبية، ويشاهد أفراحا نوبية، وتشاهدوهم يرقصون ويغنون، والأغانى النوبية التى تسمعونها فى الأفراح أغان بسيطة، وإنما الأغانى النوبية هى شعر كأى أغنية أخرى، وهى رافد من روافد قناة مهمة جدًا فى الأدب الشعبى".
وأوضح "عبد القادر" أن الأغنية النوبية تتواكب مع الأغنية العربية، وتحمل ثقافة الجماعة النوبية، وقد شاءت الأقدار أن تكون لغتها غير مكتوبة فهى ثقافة شفاهية، والأغنية النوبية فى هذا الإطار تختلف عن أية أغنية فى مراحل تطورها فقد نشأت وتطورت مثل الأغنية هنا فى مصر، أو أى مجتمع آخر، ومنها أشكال مختلفة كالتواشيح والأغانى، وهناك نصوص كثيرة فى مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، ونصوص فى الأدب الشعبى العربى وقصص اجتماعية ونصوص دينية تمامًا، كما فى الأغنية العربية، فيوجد نص نوبى كامل عن الإسراء والمعراج، أما النماذج الباهتة التى تقدمها بعض القنوات، فهى ما انتهت إليه الأغنية النوبية، وقبل النصف الأول من القرن الماضى كانت الأغنية النوبية شفاهية مجهولة المؤلف ومتداولة بانتشار واسع جدا فى كل قرى النوبة.
وعن المحتوى الثقافى للأغنية النوبية قال: "هى مصنفة على أنها تعايش الإنسان النوبى حتى يودع حياته، ولكن اللغة عائق كبير فى توصيل معانى الأغنية إلى الجمهور، وكانت الأغنية تواكب الأحداث، ولكنها لم تجد اهتمامًا من الأجهزة المسئولة فى الدولة، فنحن نعانى من عدم اهتمام الإعلام بإذاعة الأغنية النوبية، رغم أنها تذيع أغان بكل اللغات".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة