حض الإسلام على الوحدة والتعاون فى كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" – "واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً"- "وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها" و"وتعاونوا على البر والتقوى" و"إنما المؤمنون إخوة" و "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" و"المسلم أخو المسلم".
وبقمع هذا الخلق الموهن لكيان المجتمع استطاع النبى عليه السلام مع قلة من المؤمنين أن ينتصر فى تلك المعركة التاريخية الأولى التى تعد بحق من المعارك الفاصلة فى التاريخ الإسلامى وهى "غزوة بــدر".
ففى التكاتف تقوية للروح المعنوية، وتضحية الفرد بنفسه فى سبيل المجموعة الصابرة المقاومة لون من شرف الكفاح وقوة المراس، كما فى قوله تعالى "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله". وقوله تعالى مخاطباً نبيه الكريم "يأيها النبى حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون". وقد استطاع النبى عليه السلام بقوة شخصيته، ونفاد بصيرته وبعد نظره أن يخلق من مجموعة القبائل المتناحرة المتناثرة أمة قوية الشكيمة، مرهوبة الجانب عزيزة الشأن، تندفع إلى الأمام بقوة اليقين وعظيم الإيمان؛ تندفع من غير أن تتلفت يميناً أو شمالاً لترى دماء الشهداء وأشلاء القتلى؛ لأنهم يؤمنون بأنهم لم يموتوا ما دامت فكرتهم حية، وألويتهم منشورة، وسيجزيهم ربهم الجزاء الأوفى "ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين". وحرصت الدعوة المحمدية على الإبقاء على هذا الخلق، خلق التعاون والشعور بأن حياة الفرد إنما هى للمجموع بما سنته من صلاة الجماعــة، وفرضته من زكاة، ودعت إليه من صدقة، وأمرت به من أداء فريضة الحج، وطالبت به من إيواء الشريد فى المسكن الفائض عن حاجة المالك، وحضت عليه من التكتل والتجمع لدفع العدو الغاصب والمحافظة على راية الإسلام.
أما طبيعة العصر فعلى الدولة أن تحشد جهودها لتقتلع هذه الروح المدمرة بتقوية الوازع الدينى، وفرض العقوبة الزاجرة، وتشديد الرقابة على ذوى القلوب المريضة، ومصادرة أموال المرتشين والمثرين ثراء فاحشاً عن طريق كسب غير مشروع بتطبيقها تطبيقاً دقيقاً صارماً قانون (من أين لك هذا؟)، وقد كفتنا حكومة الثورة مئونة هذا العمل العظيم. والأخذ بالشدة والحزم كل من ينحرف عن الجادة، ويستهين بمصلحة البلاد العليا فلا يرى وجوداً غير وجوده، ولا ذات إلا ذاته. وإلى جانب القوانين الرادعة نعمل على رفع مستوى العيش للطبقات الكادحة، وتخفيف موجة الغلاء، وعلى المشاركة الوجدانية ومحبــة الخيــر لبنى الإنسان.
فوزى فهمى يكتب: أمة قويـة الشكيمة.. عزيزة الشأن
الخميس، 09 أغسطس 2012 06:42 م
ميدان التحرير
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة