مليئة هى حياة الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش (1941 – 2008) بالتفاصيل والأمسيات العديدة فى مختلف أنحاء العالم، واليوم ونحن نمر بذكرى رحيله الرابعة، فى التاسع من أغسطس، ننشر آخر أمسية كانت له قبل رحيله فى روما، مع الثلاثى جبران، وهو يقرأ قصيدة "انتظرها".
نص القصيدة:
بكأس الشراب المرصَّع باللازورد
انتظرها..
على بركة الماء حول المساء وزهر الكولونيا
انتظرها..
بصبر الحصان المعدّ لمنحدرات الجبال
انتظرها..
بذوق الأمير الرفيع البديع
انتظرها..
بسبع وسائد محشوةٍ بالسحاب الخفيف
انتظرها..
بنار البخور النسائىِّ ملء المكان
انتظرها
برائحة الصندل الذكرية حول ظهور الخيول
انتظرها..
ولا تتعجل
فإن أقبلت بعد موعدها
فانتظرها..
وإن أقبلت قبل موعدها
فانتظرها..
ولا تجفل الطير فوق جدائلها
وانتظرها..
لتجلس مرتاحة كالحديقة في أوج زينتها
وانتظرها...
لترفع عن ساقها ثوبها غيمةً غيمةً
وانتظرها..
وخذها إلى شرفة لترى قمراً غارقاً في الحليب
انتظرها..
وقدِّم لها الماء.. قبل النبيذ..
ولا تتطلع إلى توأمي حجل نائمين على صدرها
وانتظرها..
ومسَّ على مهل يدها عندما
تضع الكأس فوق الرخام
كأنك تحمل عنها الندى
وانتظرها..
تحدَّث إليها كما يتحدث نايٌ
إلى وتر خائف في الكمان
كأنكما شاهدان على ما يعدُّ غدٌ لكما
وانتظرها..
ولمِّع لها ليلها خاتماً خاتماً
وانتظرها..
إلى أن يقول لك الليل:
لم يبق غيركما في الوجود
فخذها.. برفق.. إلى موتك المشتهى
وانتظرها!...
موضوعات متعلقة:
◄"محمود درويش"..لاعب النرد المناضل الحالم بمدينة الشعر
◄درويش فى القاهرة: قضى عامين مع محفوظ وإدريس وعبد الصبور والأبنودى
◄"فضل": شباب الشعراء سيفقدون كثيرًا لو أسقطوا "درويش" من حساباتهم
◄أصدقاء درويش يروون أدق تفاصيله اليومية وقصة حبه خط أحمر
◄دراسة أكاديمية متميزة بجامعة السوربون حول محمود درويش
◄النقاش فى "شاعر الأرض المحتلة": الاشتراكية ساهمت فى تكوين درويش
◄محمود درويش برؤية نقدية.. حالة شعرية متفردة فى الحداثة
◄بالصور.. إحدى عشر لقطة فى ذكرى رحيل محمود درويش
◄"فى انتظارِ حضوركِ" قصيدة لعبد الرحمن مقلد فى ذكرى محمود درويش
لمشاهدة الفيديو أضغط هنا