جمعت رجاء النقاش بالشاعر الراحل محمود درويش صداقة حميمية عميقة، عندما حل درويش على مصر لمدة عامين، كان النقاش يتابع قصائده من قبل أن يلتقى به، ويعملا سويا فى مجلة المصور التى كان يرأس تحريرها آنذاك.
لم يترك النقاش ذكرياته مع درويش ومعرفته به تمر مرور الكرام وقام بوضعها فى كتاب ليتعرف الآخرون على درويش الإنسان والشاعر، معنونا الكتاب بـ"محمود درويش.. شاعر الأرض المحتلة"، مشيرا فى كتابه إلى سبب تسمية الكتاب بهذا الاسم، حيث كان يقرأ قصائد لدرويش ويتابعه قبل أن يتعرف عليه وكان يوقع قصائده بشاعر الأرض المحتلة.
أصدرت دار أطلس للنشر، طبعة جديدة من كتاب النقاش "محمود درويش.. شاعر الأرض المحتلة"، فى 318 صفحة، وتناول فيها النقاش قيمة وإبداع الشاعر الراحل محمود درويش، ويقول النقاش فى مقدمة كتابه: "إنه لم يكن يتوقع أن من بين عرب الأرض المحتلة فى الستينات حركة أدبية وثورية لها قيمتها وخطورتها، ولكنه أدرك ذلك عندما وقعت عيناه بالصدفة على قصيدة لدرويش بإحدى الصحف الجزائرية وعليها توقيعه "شاعر الأرض المحتلة"، وقتها بدأ يتابع ويقرأ لدرويش بل وألف كتابا عن شخصيته".
لخص كتاب النقاش العوامل المؤثرة فى تكوين درويش الفنى والفكرى، قائلا: "هناك عدة عوامل أثرت فى شخصية شاعر الأرض المحتلة، فنيا، أولها العقيدة الاشتراكية التى خلقت فيه نزعة إنسانية عميقة وفتحت أمامه آفاقا واسعة يطل منها على ثورة الإنسان المعاصر ضد الظلم والاستغلال، لقد ساعدته هذه العقيدة الاشتراكية على النضج المبكر والتفتح والفهم الصحيح لمشاكل الإنسان والمجتمع، وثانى تلك العوامل هى عقيدته القومية، فهو عربى مؤمن بعروبته بعيدا عن التعصب أو الاستعلاء، أو أى محاولة للرد على المأساة التى يعيشها العرب فى فلسطين بأفكار عنصرية مليئة بالحقد والكراهية للشعوب الأخرى، إنه عربى يطلب العدل والخلاص من الظلم والقضاء على الاستغلال، وثالث تلك العوامل هى أن شعر محمود درويش ليس وليد التأمل الشخصى والحجرات المغلقة فهو شاعر مرتبط بالناس، ومشاكلهم وقضاياهم، وكثيرا ما ألقى قصائده على الجماهير، وأحس دائما أن الكلمة لا معنى لها "إذا لم تحمل المصباح من بيت إلى بيت". فشعره كله يحمل نبضا صادقا.
ومن العوامل أيضا التى ساهمت فى تشكيل فكر درويش أنه استطاع من ناحية الثقافة الفنية أن يكون نفسه تكوينا ثقافيا ممتازا ومتكاملا، فمحمود درويش وثيق الصلة بالثقافة العربية القديمة ووثيق الصلة بالثقافة العربية المعاصرة فهو يتابعها بأمانة ودأب، ويتأثر بتياراتها المختلفة، ولذلك لا يبدو محمود درويش ظاهرة منفصلة عن التطورات الأدبية العربية، بل نجد أنه قد تأثر بحركة الشعر الجديد، واستفاد منها استفادة واسعة، وأضاف إليها فى نفس الوقت إضافات حقيقية، أما ثقافته العامة فقد امتدت إلى الأدب العالمى عن طريق اللغة الإنجليزية والعبرية التى يجيدها درويش، ويقرأ بها ما يترجمه الإسرائيليون من الأدب العالمى.
موضوعات متعلقة::
◄"محمود درويش"..لاعب النرد المناضل الحالم بمدينة الشعر
◄درويش فى القاهرة: قضى عامين مع محفوظ وإدريس وعبد الصبور والأبنودى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة