أحمد زكارنة

جرأة الأفعال لا الشعارات...

الثلاثاء، 07 أغسطس 2012 09:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بات من مأثورات الفعل الإنسانى تطبيق المفهوم القائل: إننا لا نكذب ولكننا نتجمل.. لتأتى انتفاضة الشعب العربى، فتُكتشف الكارثة الكبرى.. إننا لا نكذب ولا نتجمل، ببساطة شديدة لأننا لا نملك جرأة الفِعل.

قبل أيام عدت من زيارتى الأخيرة لبلدى الأول مصر، حيث التقيت بعض الأصدقاء وعدد من المثقفين والفنانين ونخبة من أصحاب الرأى والفكر، تحدثنا فى أمور شتى ذات علاقة بالسياسة والثقافة، اتفقنا فى بعضها واختلفنا على بعضها الآخر.

من القضايا التى اختلفنا حولها جدالية زيارة فلسطين وما يسمى بـ"التطبيع" تلك الكلمة المطاطة فى تعريفها، والتى تطرح سؤالا منْ الذى أطلقها؟ ومتى؟ وماذا تعنى بالضبط؟ وأين يجب تطبيقها؟ ولماذا؟ كلها أسئلة تشبه تعريف الخبر الصحفى فى اكتمال شروطه أو مكوناته، هذا حينما يكون هناك خبر لفعل لا لهروب من واقع، خاصة أن بعض المرددين لمصطلح التطبيع إنما يطلقونه هروبا من مسئولياتهم دون حتى فهم ماذا تعنى الكلمة، ولا ننكر فى هذا السياق أن هناك وجهات نظر متباينة نقدرها ونحترمها وإن اختلفنا معها، إيمانا منا بحرية الرأى والرأى الآخر.

المفارقة أن مصطلح "التطبيع" أطلق بمفهومه السائد، كرد فعل مشروع يعبر عن عجز الشعوب المقهورة بعدما وضعت كافة إمكانياتها فى سلة السلام"، إلى جانب سوء الحالة الاقتصادية المرتبطة عضوياً فى أطروحة السلام المنحازة كلياً لصالح الآخر المحتل، دون أن نميز بين فعل التطبيع التجارى والثقافى والسياسى مع العدو الإسرائيلى المغتصب الذى كانت تقوم به الأنظمة الاستبدادية، والمقاومة شعاراتياً على حد سواء وهو ما نرفضة رفضاً مطلقاً، وبين دعم الشعب الفلسطينى، فى سياق اشتباكه اليومى مع المحتل الغاصب، واليوم نحن نعيش ما يسمى بزمن الثورة، ومع ذلك تبقى المفاهيم المحنطة دون إعادة النظر فيها وكأنها مورث حضارى ورثه الشعب العربى أبا عن جد، ولتبقى الأفعال كما كانت بشكل يستفز الحق الذى سئم انتظار اللحظة التى لم تأت رغم ما يشهده الشارع العربى من صحوة هدمت جدار الخوف والصمت فى آن.

إن الشعب الفلسطينى الذى يتحدى المحتل بالكلمة الثائرة كما بالرصاصة المقاومة، هو بحاجة لفعل يدعم معركة وجوده وهويته الثقافية والحضارية بكل إيمان مطلق بعدالة القضية وقوة الحقيقة، علماً بأن ذلك لا يعنى تطبيعاً مع العدو الغاصب، وإنما تفتيتاً لقواه الداخلية الهشة إن أحسنا تفسيخها، وهى قوة هجينة، تؤكد نظرية أنه كيان مكون من خلطة غير متجانسة من القوميات والاتجاهات، من العنصرية والمدنية، لا يمكنه إلا أن يتفسخ من داخله حينما نملك جرأة الأفعال لا الشعارات.

• كاتب وإعلامى فلسطينى





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة