يوسف التلاوى يكتب: رسائـــــل أوليمبيـــــة

الإثنين، 06 أغسطس 2012 02:14 ص
يوسف التلاوى يكتب: رسائـــــل أوليمبيـــــة  الأليمبياد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شاهدنا جميعا حفل الافتتاح الأسطورى لدورة الألعاب الأوليمبية بلندن أضخم عرض مسرحى شهده العالم عبر تاريخه وقد تكلف 33 مليون يورو، لا أقف كثيرا عند وسائل الإبهار البصرية أو الإمكانيات المذهلة ولكنى أقف عند ما يتفاخر به الإنجليز.

يقولون إنك إذا أردت أن تقيس مدى تحضر أى شعب ابحث عن مواطن اهتمامه، وأى دولة تحظى بشرف استضافة أى بطولة كبرى تهتم بأن ترسم لنفسها صورة معينة فى أعين الناس، وذلك من خلال حفل الافتتاح والختام والاهتمام بالبطولة بوجه عام، الحفل الذى نراه شيئا تافها لا يعدو كونه مجرد ترفيه عن النفس ببعض الرقصات وبعض الألعاب النارية، يمثل بالنسبة لهم رسالة هامة يوجهونها إلى العالم.

نأتى إلى حفل افتتاح الأوليمبياد والذى شاهده نحو مليار شخص على مستوى العالم، لن أحكى لكم تفاصيل الحفل ولكنى سأتكلم معكم عما رأته عيناى من مشاهدات ورسائل واضحة تم إبرازها من خلال الحفل.

إنهم يفخرون بحضارتهم، وبإيجاز شديد تفاخروا أمام العالم بثرواتهم الزراعية وثورتهم الصناعية والتى غيرت من نمط حياتهم وجعلتهم فى مصاف الدول الكبرى، حضارتهم هذه لا تساوى ربع حضارتنا الممتدة من عصور ما قبل الميلاد، ولكنهم يعرفون جيدا قيمة التاريخ وقيمة الدروس المستفادة منه.

المرأة ظهرت وبشكل واضح فى الحفل، أنهم يؤمنون بدور المرأة فى المجتمع ولا ينظرون لها على أنها فى مرتبة أقل من الرجال، المرأة الإنجليزية العاملة أسهمت فى تطور المجتمع، ولذلك فهم حريصون أشد الحرص على تكريمها، "المرأة ليست عورة"، هذه كانت رسالتهم لنا.

المعاقون وتكريمهم وبشكل خاص جدا يظهر المعاقون ضمن مجاميع الكومبارس فى العروض ويظهرون أثناء عزف السلام الوطنى ويظهرون فى الفيديوهات الترويجية وبشكل مكثف، أنهم يحترمون المعاق ويوفرون له كامل الرعاية، يعتبرونه شخص كامل الهيئة ولا ينتقصون من حقوقه شيئا، والأهم من هذا أنهم يُشعرون المعاق أن الاهتمام به واجب قومى وليس مجرد تفضل أو تكرم منهم، إنهم يحترمون كرامة الإنسان.

الفن وإبراز دوره فى تطوير فكر المجتمع الإنجليزى لم تجد الملكة إليزبيث ملكة بريطانيا، أى حرج فى أن تظهر مع الممثل دانيال كريج "جيمس بوند" فى مشهد تمثيلى لإضفاء المزيد من البهجة والإثارة والتشويق، ولم تكتف بذلك بل وظهرت وكأنها تهبط على الملعب بمظلة "براشوت".

لا يكتفون بذلك بل ويظهر العديد من الفنانين الإنجليز والذين يشاركون فى الحفل إيمانا منهم بدورهم الوطنى فى إنجاح الدورة الأوليمبية وإظهار بلدهم فى أبهى صورة أمام العالم، وبعد ذلك يستعرضون أجزاء من أشهر أغانيهم وأفلامهم والتى كانت سببا فى غزوهم للعالم ثقافيا، إنهم يفتخرون كثيرا بفنهم وثقافتهم، "الفن رسالة" "الفن قوته تعادل قوة السلاح" هذه رسالتهم لنا.

تجتاح أوروبا حاليا موجة من العنصرية بمختلف أنواعها، ويظهر ذلك واضحا ضد أصحاب البشرة السمراء، وهنا يأتى دور الحفل فى نبذ تلك الطائفية بإشراك الكثير من أصحاب البشرة السمراء فى فقرات الحفل لإيصال رسالة إلى العالم مفادها "نحن ضد العنصرية".

دور المستشفيات الخيرية فى علاج أطفالهم وحمايتهم، إنهم يعلمون قيمة العمل الخيرى والذى يوحد صفوف الشعب، ويشيرون إلى اهتمامهم بأطفالهم "صناع المستقبل".

يحبون بلدهم كثيرا ويحترمون سلامهم الوطنى حين يعزف، يقفون جميعا احتراما له ولا نجد من بينهم من يقول إن الوقوف أثناء السلام الوطنى بدعة، وتجدهم يصمتون حتى يجبروا العالم على سماع كلمات سلامهم الوطنى، إنه الاحترام يا سادة.

هذه صورة لندن أمام العالم، لندن التى واجهت احتجاجات وأعمال عنف العام الماضى، ها هى تظهر أمام العالم فى أبهى صورة.

العديد والعديد من المشاهد الأخرى ظهرت ولكن دعونى اكتفى بهذا القدر، وأسأل متى سنصبح مثلهم؟






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة