صدر حديثا، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، فى بيروت، ديوان شعرى جديد للشاعر عمر أبو الهيجاء، حمل عنوان "بلاغة الضحى"، جاء فى 208 صفحات، من القطع المتوسط، وبدعم من وزارة الثقافة الأردنية.
الديوان تضمن مجموعة من القصائد التى كتبها الشاعر بين عامى 2009ـ 2011، وقد تمحورت حول موضوعات: الذات، والمرأة، والوطن، وذلك عبر رؤية جديدة انحازت للمزج بين الواقع والمتخيل، ومن خلال لغة نثرية، لم تتخل عن الإيقاع الشعرى، وهو الإيقاع الذى "لا نكاد نظفر به كثيراً فى شعر قصيدة النثر؛ إذ يتبدى لون من الإيقاع المنتظم، فثمة تراوح فى قوافى بعض السطور الشعرية، وثمة سطور كاملة لا يغيب عنها إيقاع التفعيلة، مثلما يبدو غنى الإيقاع فى نسيج القصيدة ملمحاً بارزاً"، بحسب ما جاء فى كلمة للناقد د. إبراهيم السعافين.
وبحسب الدكتور السعافين، فإن اللغة تتكثف، فى هذا الديوان، "وتتوتر الإيقاعات والصور، وتتحطم العلاقات اللغوية، ويشيع جو المفارقة، على أن المعنى الذى يوهم المبنى بأنه قد يضل طريقه إلى المتلقى، يظل فى أفق النص لا يغيب. فالمعنى الشعرى يتشكل من لغة حيّة يمتزج فيها الشعرى الصافى مع اللغة اليومية الواقعية، تمتح من فضاء العصر وأزمة الوجود وحرارة الواقع، وتبحث عن معنى فى فضاء وجودى يحاصر الشاعر وهو يتأمل قيم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية الملتبسة أمام عالمٍ آسن يحلم بالثورة والتغيير. ومن هذا الجو المسيج بالرعب، الغارق فى الدم والظلام، والمتشح بالعجائبية والغرائبية، يرى الشاعر أملاً يتمثل فى انفجار اللغة، وانفجار الولادة والرحيل".
ويخلص "السعافين" إلى أن الشاعر يصنع "لغته المتوهجة على عينه، ولا يفارق لغة عصره وجيله فى آنٍ معاً. وإذ تتوحد اللغة اليومية بلغة الشعر العليا، يبدو مصوراً ورساماً وصوفياً، تشيع فى شعره لغة التصوف والحب والشهوة والفظاظة والقسوة،ويبنى مفرداته على الميتالغة فى حديثه عن بناء القصيدة نفسها. إن عمر أبو الهيجاء مغنى الحزن وأوجاع الروح، وقيثارة الحرية للشعر والوطن فى فضاء المنافى التى لا تُحَدّ".
وكان الشاعر أبو الهيجاء قد أصدر عشرة دواوين شعرية، هى: "خيول الدم"، 1989 دار ابن رشد - عمان. "أصابع التراب"، 1992 دار قدسية للنشر - اربد. "معاقل الضوء"، 1995 دار الينابيع للنشر- عمان. "أقل مما أقول"، 1997 دار الينابيع للنشر- عمان، نشر بدعم من وزارة الثقافة. "قنص متواصل"، 2000 دار الكرمل للنشر- عمان، نشر بدعم من أمانة عمان الكبرى. "يدك المعنى ويداى السؤال"، 2001 دار الينابيع للنشر- عمان، نشر بدعم من وزارة الثقافة. "شجر اصطفاه الطير"، 2004 - منشورات أمانة عمان الكبرى. "أمشى ويتبعنى الكلام"، مختارات شعرية 2007 منشورات أمانة عمان الكبرى. "على مهلك أيها الليل"، 2009 المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت، وبدعم من وزارة الثقافة الأردنية. "بلاغة الضحى"، بدعم من وزارة الثقافة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت. وله العديد من الكتب المشتركة مع آخرين.
من أجواء الديوان نقرأ:
(دمعٌ على مفترق الحاراتِ،
سماءٌ تقهقهُ بالرعدِ،
أقدامٌ تسير على الرمادِ،
وأيدٍ تلوِّحُ،
ترسم شارات النصرِ،
وأفواهُ البهجةِ تشكِّلُ التاريخَ،
تهتف عالياً
..ارحل،
يا أيها الوطنُ الذبيحُ،
أعرْنى دمى ثانيةً،
لأعيدَ إليك الندى،
ما عاد جندُكَ يُتقِنون،
غيرَ اصطيادِ
فراشِ البيوتْ،
ذئابٌ فى ثياب الأرض تسعى،
وفى حصون الليلِ،
امرأةٌ تستلُّ
قُرْبَ الجثثِ
خاتمَ الدمِ
ترفعُ البلادَ
بين يديها
وتقول: ارحل..
ارحل .. ارحل).