محمود فرحات يكتب: إلى عبور جديد

الأحد، 05 أغسطس 2012 12:14 ص
محمود فرحات يكتب: إلى عبور جديد صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أدرى لماذا يذكرنى حال مصر هذه الأيام بحالها عقب نكسة 1967 حينما احتلت اسرائيل شبه جزيرة سيناء وأصبحت على مقربة ما لا يقل 150 كيلو مترا من العاصمة المصرية القاهرة وقتها تابع ملايين المصريين مذهولين غير مصدقين ولا مستوعبين ما يحدث وكانت مرارة الهزيمة تحرق حلوق المصريين التى طالما أنهكها الهتاف للقائد والزعيم جمال عبد الناصر الذى لم يخل حديث من أحاديثه عن تهديد واضح أو مبطن لإسرائيل وتأكيد لجموع المصريين أن مصر ستلقى بإسرائيل فى البحر وقتها لم يكن المصريون مستعدين أو راغبين فى تكذيب ما تذيعه عليهم وسائل الإعلام والإذاعة المصرية التى كانت تؤكد أننا بمجرد بدء المعركة أسقطنا عشرات الطائرات للعدو وأننا أصبحنا على مشارف تل أبيب ثم استيقظت مصر والمصريون على تأكيد وسائل الإعلام والإذاعات الأجنبية سيطرة الإسرائيليين على سيناء وتكبد قواتنا المسلحة خسائر فادحة وشروعها فى الانسحاب من سيناء والذى كان انسحابا عشوائيا متخبطا عبر عنه المشير عامر تعبيره الشهير المرير فى نفس الوقت حينما سأله عبد الناصر عن الخطة والتعليمات التى أصدرها للقوات قائلا ( قلتلهم ينسحبوا) وما استتبع ذلك من إلقاء عبد الناصر لخطاب التنحى هنا فقط اتضح جليا للمصريين حجم الكارثة التى حاقت بمصر لقد كانت هزيمة 1967 هى نتيجة حتمية ومؤكدة لمقدمات عاشتها مصر منذ حركة الجيش عام 1952 والتى أيدها الشعب وعرفت فى الوجدان الجمعى للمصريين كثورة قام بها الجيش مؤيداً من الشعب لقد كانت مقدمات الحكم الناصرى بما له وما عليه طريقا مؤديا لهذه النكسة بدءا من إلغاء الأحزاب وعدم اتباع نهجا ديمقراطى فى الحكم مرورا بتعيين العسكريين من أهل الثقة فى مناصب تحتاج الكفاءة والخبرة لا الثقة وما استتبع ذلك كله من ظهور طبقة جديدة من أهل الحكم عرفت بمراكز القوى والتى أصبحت تسيطر على مختلف مناحى الحياة فى مصر وأصبحت مؤثرة فى دوائر صنع القرار فيها الأمر الذى حول مصر فى النهاية إلى ما يشبه دولة مملوكية قادمة من عصور المماليك فأصبحت مراكز القوى كأمراء المماليك كل أمير منهم يجمع ثلة من محبيه ومريديه والمنتفعين منه ويسيطر على أحد القطاعات الهامة فى الدولة المصرية ولكن شريطة المرور أولا من بوابة الثقة التى يوليها عبد الناصر لأتباعه ووصل التدهور والانهيار إلى أهم قطاع ومؤسسة فى مصر والتى تعتبر العمود الفقرى للدولة المصرية وصل الانهيار إلى مؤسسة القوات المسلحة والتى تولى مسئوليتها المشير عامر الذى كانت أعلى رتبة عسكرية يتقلدها قبل الثورة كانت صاغ ولم يتدرج فى الرتب لكى يصل إلى الرتبة العسكرية التى تؤهله لقيادة جيش بحجم الجيش المصرى ولكى ندرك مدى خطورة تدهور الأوضاع فى القوات المسلحة قبيل هزيمة 1967 فإنه يكفى أن نعرف أن قرار شن إسرائيل الحرب عل مصر كان معروفا لقيادات كبرى فى الدولة وهذا كفيل فى أى دولة فى العالم لأن تضع قواتها على أهبة الاستعداد لمواجهة احتمال قيام حرب فى أى وقت خصوصا مع التهاب الأوضاع بين مصر وإسرائيل وقتها من سحب لقوات الأمم المتحدة من على الحدود بين البلدين وقرار إغلاق خليج العقبة فى وجة الملاحة الإسرائيلية كل تلك القرارت والأحداث المتلاحقة كانت بمثابة إيذانا بنشوب حرب بين الدولتين فى أى لحظة..
وكانت النكسة بمثابة ناقوس الخطر المؤلم الذى استيقظ المصريون على صوت صراخه، وما أشبه الليلة بالبارحة حيث إن هناك تشابها شديدا بل ويصل فى بعض الحالات إلى التطابق بين أحوال مصر قبل نكسة 1967 وبين حالها قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير حيث تكونت مراكز قوى فى البلاد فى الفترتين سيطرت على مقدرات الدولة وأضرت كثيرا بالمصريين فكما تكونت مراكز قوى فى الحقبة الناصرية ارتبطت ارتباطا وثيقا بعبد الناصر تكونت أيضا مراكز قوى فى عهد مبارك وارتبطت به ارتباطا وثيقا وتكونت أيضا طبقة المماليك الجدد الذين أخذوا هم وأعوانهم فى السيطرة على قطاعات الدولة المصرية فهذا يسيطر على قطاع الغاز والبترول وهذا يحتكر صناعة الحديد وآخر أراضى الدولة وآخر يستولى على شركات الدولة بأسعار بخسة واستشرى الفساد والمحسوبية والرشوة ونشطت عصا الدولة الغليظة وأجهزتها الأمنية القمعية فى العهدين فكما نشط جهاز مخابرات صلاح نصر فى اعتقال وتعذيب المعارضين والاهتمام بالفضائح الجنسية وتجنيد الفنانات وانصرفت عن ممارسة مهامها فى الحفاظ على الأمن القومى المصرى ومتابعة أية أعمال أو أنشطة من شأنها الإضرار به نشط جهاز الشرطة لاسيما جهاز أمن الدولة إبان عهد مبارك فى ملاحقة المعارضين واعتقالهم وتعذيبهم وممارسة شتى أنواع الظلم والاستبداد ضد المصريين وكانت نهاية قيادات الجهازين متشابهة وكأن التاريخ يعيد نفسه وكما كانت الممارسات الاستبدادية والظلم وتولية أهل الثقة بدلا من أهل الخبرة المناصب سببا رئيسيا فى نكسة 1967 كانت نفس الممارسات والتى اتسع نطاقها بشكل واسع فى عصر مبارك سببا رئيسيا فى حدوث عدة نكسات متوازية ومتلازمة فى آن واحد فتدهورت الحالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية والثقافية للمصريين وكما كانت النكسة بمثابة ناقوس الخطر الذى استيقظ المصريون فزعين على صراخه ونفضوا عنهم الظلم والاستبداد وتكاتفوا معا جيشا وشعبا وحكومة وتكلل تعاونهم وتكاتفهم بالنصر الرائع المبارك فى السادس من أكتوبر 1973 كانت ثورة الخامس والعشرين من يناير بمثابة الزلزال الذى اهتزت له مصر وتساقطت معه دولة الظلم والاستبداد فهل يا ترى سيستطيع المصريون عبور هذا العصر المظلم والنهوض بمصر كما فعلوا فى السادس من أكتوبر 1973.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة