قال الناقد حسام عقل، إن الاختلاف فى الآراء والأفكار حقيقة كونية، فصحابة رسول الله أنفسهم كانوا يختلفون مع بعضهم فى الآراء، فمنهم من كان يأخذ بالرخص مثل ابن عباس ومنهم من كان يأخذ بالعزائم مثل ابن عمر.
وأضاف عقل خلال الندوة التى أقيمت، مساء أمس السبت، فى الحديقة الثقافية بحى السيدة زينب بعنوان "ثقافة الحوار والاختلاف فى الفكر الإسلامى" كيف نضبط هذا الاختلاف، وكيف نقيم حوارا حضاريا بين جميع النخب الموجودة فى الدولة دون أن يرفض بعضنا الآخر، مشيرا إلى أن ما رأيناه فى مرحلة الفترة الانتقالية فى مصر، وكذلك ما نراه الآن فى سوريا من دمار وخراب ما هو إلا افتقاد لثقافة الحوار، موضحا أنه عندما تتأزم الأمور وتدخل فى مرحلة العنف فلن يكون هناك أدب للحوار.
وأشار عقل إلى أن الإعلام والنخب السياسية فى مصر فشلت فى إنشاء حوار بين الثالوث النخبوى السياسى فى مصر، حيث إن الإعلام فى مصر فى هذه المرحلة أصبح إعلاما تابعا لا يهدف إلى إنشاء حوار ولا العمل على توصيل الرسالة الإعلامية الواجبة عليه، بل أصبح الإعلام فى عصر السماوات المفتوحة تابع وموجه لمصلحة رأس المال المسيطرة على توجه هذا الإعلام الذى يرى أن فى فرقة أبناء هذا الوطن مصلحته الشخصية بغض النظر عن أى اعتبارات قد تلقى بضررها على هذا البلد، واستشهد عقل بنموذج الشافعى الذى قدم تجربة رائدة فى أدب الحوار، حيث إن الشافعى عندما كان يفتى بفتوى فى العراق كان لا يرجع فيها على العكس فى مصر حيث كان يرجع ويعدل العديد من الفتاوى التى كان يفتى بها وعندما سؤل عن سبب هذا قال إن أهل مصر بهم رقة ويجب التعامل معهم برفق على عكس العراق.
وأوضح عقل أن هناك اتجاها بعينه من التيارات الإسلامية يريد أن يوجه الناس على وجهة نظر واحدة يراها هو مناسبة من وجهة نظره، وهذا أمر خطأ، وأكد عقل أن الإعلام غزا نشاط التيار غير الأخلاقى فى مصر، حيث أصبح الخطاب السياسى والثقافى يفتقد إلى صيغة الاحترام بين المتحاورين، وأشار عقل إلى أن القرآن قدم نموذجا رائعا من الخطاب التحاورى، مشيرا إلى أننا إذا نظرنا إلى أول تسعة أيات من سورةالنساء فسوف نجد أن هذه الآيات نزلت لتبرئة يهودى من تهمة سرقة على الرغم من أن هذا الشخص على غير دين الإسلام إلا أن الأيات نزلت لتبرئته تأكيدا على إعلاء كلمة الحق مهما كان صاحبه.
وأوضح عقل أن من ضمن مصائب العالم العربى والإسلامى هو الانفراد بالرأى، مشيرا إلى أن الخطاب الدعوى والسياسى يعيش أزمة حقيقية، حيث تدهورت ثقافة الحوار، وذلك منذ النكسة عندما انهال المشير عامر بأقبح الشتائم على الرئيس عبد الناصر، عندما علم بتحديد إقامته، مرورا بمرحلة الانفتاح وانهيار منظومة التعليم.
وأكد عقل أن القرآن علمنا لغة الحوار والخطاب من نقطة الاتفاق وليس الاختلاف، مؤكدا من هذا المنطلق على حتمية أن نبعث برسائل طمأنة إلى الأقليات فى الوطن العربى من خلال ثقافة الحوار، لافتا إلى أن القهر والظلم يعدان سببا رئيسيا فى افتقاد ثقافة الحوار فى الوطن العربى والإسلامى.