رفض القائمون على صناعة السينما التدخل فى إبداعاتهم بأى شكل من الأشكال أو توجيههم لأعمال بعينها، وأكدوا أن الإبداع هو الذى يحدد هوية البلد، وأنه من الصعب تغيير هوية مصر، مشددين على ضرورة التأكيد فى الدستور الجديد على حرية الإبداع، وأجمعوا على عدم إمكانية سيطرة فكر التيار الغالب على المجتمع، وأن سيطرة الإخوان السياسة لن تغير البنية الأساسية للمجتمع، مشيرين إلى أن الفن ليس للترفيه ولا يمكن الاستغناء عنه.
جاء ذلك خلال الندوة التى أقيمت مساء أمس، ضمن فعاليات الدورة الثانية لمعرض رمضانيات للكتاب، والذى تقيمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد مجاهد، فى منطقة الطالبية، بشارع فيصل، وعقدت الندوة تحت عنوان "الإسلام السياسى وصناعة السينما"، وشارك فيها المنتج محمد العدل، والمؤلف مدحت العدل والمخرج أحمد ماهر، وكاتبة السيناريو عزة شلبى، وأدارها عصام زكريا.
وقال "زكريا" إن السينما تلعب دورًا مهمًا فى تطور العديد من الدول، والفن المصرى يؤثر على المنطقة العربية ومصر بلد مبدع قدم للعالم الكثير جدًا من الفنون والثقافات، وما نحن فيه الآن نتاج الفهم الخاطئ والتعليم السيئ، والتيارات الدينية تستهدف السينما بالذات، لأنها المنافس له، ولأنها مكون أساسى لأى مواطن، والسبب الثانى أن الفن هو عمل أخلاقى بالأساس، وأن الديمقراطية هى فى الأساس حرية الأقليات فى ممارسة حريتها كاملة.
وقال محمد العدل، لست قلقًا على الإبداع، لأنه هو الذى يحدد هوية هذا البلد، وهوية هذا البلد من الصعب تغييرها، ولكن على الناس أن تعى أن مصر سيطرت على المنطقة العربية كلها، لأنها كانت تمتلك الأدب والفن والإبداع، وأن السينما بالنسبة لنا ليست شيئا جديدًا ورأيى أن الإنتاج متأثر من قبل الثورة ولدينا أزمة فى الإنتاج تحدث كل عشرين سنة.
وأكد العدل أن الناس هى التى ستدافع عن الفن، ولا يمكن أن نغير ثقافتنا تبعا للحكومات، فالهوية الثقافية فى عزلة عن الشكل الحكومى، ولذلك تم تكوين جبهة الإبداع المصرى فى جميع مجالات الفنون، وعن تدخل أحزاب الأغلبية فى الفن قال العدل، لا أقبل التدخل فى عملى بأى شكل من الأشكال ولن أسمح بتوجيهى أن أعمل هذا وأترك هذا.
وقال مدحت العدل، إن الفن يصنع نهضة أهم من أى مشروع حزبى، ولست متفائلاً، لأن تاريخ الثورات وما حدث فى إيران مثل ما يحدث عندنا الآن، فكان هناك جدل حول الدستور وما إذا كان دستورًا دينيًا أو مدنيًا ومنعت أمهات الكتب ثم حرم الغناء وحبس كبار المخرجين بسبب فيلم وسيطرت التيارات الغالبة.
وأضاف، هناك بالونات تجربة مثل ما حدث فى السويس ومثل ما قاله الشحات على أدب نجيب محفوظ، وإذا لم نتصد لكل ما يقال دون مداهنة، فتأكدوا أننا فى خطر، والإسلام السياسى الذى نتحدث عنه فى الندوة ليس له علاقة بالإسلام، ونعلم أننا سنجابه معارك.
وعن الحكومة الجديدة، قال، نعلم أن وزير الإعلام ينتمى للإخوان، وأنهم سيسيطرون على القنوات فهم يعلمون جيدًا ما معنى الإعلام، ويجب أن نقف جميعًا لمواجهة ذلك، وسوف ندخل فى منعطف صعب جدا، وما نبهنا عنه فى جبهة الإبداع قبل الدستور نبهنا أن فصيل واحد هو الذى يضع الدستور الآن، والذى سيحدد كل ذلك ويجب التأكيد فيه على حرية الإبداع، وكلنا معترضون على اللجنة التأسيسية للدستور.
وقال أحمد ماهر، إن الحديث عن الإبداع يبدو للبعض أنه حديث نخبوى، والحقيقة أنه لا يخص الفنانين فقط، وإنما يخص السلوك اليومى عند المجتمع المصرى والفن هو نمط الحياة الذى يعيشه الإنسان المتحضر وعلاقته بالآخر، ولولا هذا الانفتاح على العالم لما قامت الثورة بهذه الصورة المتحضرة، ويجب أن يلعب كل جزء من مكون الإنسان دوره الحقيقى فلا العلم يلعب دور الدين ولا الدين يلعب دور العلم، وفى أوروبا فى العصور الوسطى كانت الكنيسة هى التى تقود وكفروا العلم، ثم جاء عصر النهضة والتخلص من سيطرة الكنيسة، وهذه النهضة لم تتم لأن أوروبا أصبحت غير متدينة فنهضت، فالدين جزء أساسى من الإنسان، والفن يخاطب الروح الإنسانية والوجدان الإنسانى، والأزمة التى كنا نمر بها قبل الثورة نتاج ركام الفقر والجهل والتخلف، وهناك تخوفات من هذا التوجه وهو أن تمارس بعض التيارات، التى سميت فى فترة بالإرهابية، السياسة، ولكن على الجانب الإيجابى يعد ذلك اعتراف منهم بوجود الدولة.
وأضاف ماهر، أن المصريين بطبيعتهم متدينون، ولن يسيطر فكر التيار الغالب على المجتمع ففى فترة الناصرية والاشتراكية امتص المجتمع ذلك، ولم يتحول المواطنون جميعا إلى اشتراكيين، وكذلك أيام السادات لم يتحول الأفراد إلى الرأسمالية، واعتقد كذلك سيطرة الإخوان لن تغير البنية الأساسية للمجتمع، وهذا سيكون خطأ إذا وقعوا فيه.
وتحدثت عزة شلبى عن دور الفن وقالت، أدافع عن دور الفن الذى بدا فى الفترة الأخيرة وكأنه شىء ترفيهى، وبدأ الحديث عن الأموال التى تصرف على الفن، وأنها من الأولى توجيهها لشىء آخر، مضيفةً، فالفن همه الأساسى هو الإنسان فيناقش صراعاته ويطرح تساؤلات ويجسد ويستشرف المستقبل والفن بالتالى ليس للترفيه ولا يمكن الاستغناء عنه.
وعن مسلسلها نابليون والمحروسة قالت، ما أهمية أن أعمل مسلسل عن تاريخ مضى من 215 سنة يعطى فرصة للمجتمع أن يتأمله وتجربتى خلال سنة ونصف فى قراءة الحملة الفرنسية وجدت أن كل ما حدث من 215 سنة هو ما يحدث الآن وهذه محاولة لقراءة اللحظة الحالية بشكل أعمق وربما يطرح تساؤلات تجعلنا نرى أنفسنا بشكل أفضل.
وأضافت، الثورة كان بداخلها التأكيد على قيمة الفن وكانت تمارس شعاراتها بشكل فنى وغنائى، والفن لا يمكن الاستغناء عنه وهو شىء أساسى ويجب أن يكون المبدع لديه مساحة من الحرية لتشريح المجتمع بكل فئاته.