أعدت الإذاعة العامة الإسرائيلية تقريراً خاصاً عن زيارة الرئيس المصرى محمد مرسى لإيران أمس لحضور أعمال مؤتمر دول "عدم الانحياز"، قائلة: "إن هذه الزيارة شكلت أول زيارة من نوعها لرئيس مصرى منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، وأثارت تساؤلات كبيرة وكثيرة، أبرزها: هل ستعتبر تلك الزيارة نقلة نوعية فى العلاقات بين القاهرة وطهران نحو التقارب الاستراتيجى بعد ثلاثة عقود من القطيعة؟ أم أنها تحمل رسائل متعددة أبرزها استقلالية السياسة الخارجية المصرية فى مرحلة ما بعد مبارك؟".
وقارن يوسى نيشر محرر الشئون الشرق أوسطية بالإذاعة العبرية والذى أعد التقرير بين الملفات الخلافية بين طهران والقاهرة فى عهدى مبارك ومرسى، قائلاً: "إن العلاقات بين القاهرة وطهران شهدت شبه قطيعة منذ الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979، وبالتالى منذ توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل".
وقال نيشر: من أبرز الملفات الخلافية بين طهران والقاهرة فى عهد مبارك كانت الأزمة حول تسمية بلدية العاصمة الإيرانية لأحد شوارع طهران "خالد الإسلامبولى" تخليداً لذكرى قاتل الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات عام 1981، مضيفاً أنه قد حدث توتر بارز فى العلاقات بينهما خلال عهد مبارك بسبب التدخلات الإيرانية فى شئون بعض الدول العربية ومحاولات طهران لتعزيز مكانة الشيعة فى المنطقة على حساب السنة، وكذلك الطموحات النووية الإيرانية.
أما أبرز الملفات الخلافية بين طهران والقاهرة فى عهد الرئيس مرسى من وجهة نظر المحلل الإسرائيلى فهو "الملف السورى"، مضيفاً أن مرسى يطالب برحيل الأسد الذى تدعمه طهران.
وأشار نيشر إلى القلق السلفى والخليجى والإسرائيلى والأمريكى إزاء زيارة مرسى لطهران، موضحاً أن أربع جهات رئيسية تابعت بقلق زيارة الرئيس المصرى لطهران لحضور مؤتمر عدم الانحياز، أولها كان التيار السلفى المصرى الذى حمل الرئيس المصرى الجديد عملية التقارب المفترضة مع طهران، فى الوقت الذى تدعم فيه القيادة الإيرانية بشار الأسد فى قمعه وقتله لسوريين السنة.
وأضاف نيشر، أن الجهة الثانية كانت دول الخليج التى تتسم علاقاتها مع طهران بالتوتر الشديد، والتى أعربت عن قلقها من احتمال أن تأتى زيارة مرسى لإيران بداية لتفضيل الرئيس المصرى لمحور "طهران – أنقرة" على حساب محور "القاهرة – الخليج".
وقال المحلل الإسرائيلى بالإذاعة العبرية بالإذاعة: "إن الجهة الثالثة التى أعربت عن قلقها من زيارة مرسى لطهران كانت واشنطن وتل أبيب والتى تابعتا بقلق زيارته من ناحيتين، الأولى: هل معنى الزيارة التقارب مع طهران على حساب العلاقة مع واشنطن ومعاهدة السلام مع إسرائيل، وبالتالى الإخلال فى موازين القوى التقليدية فى المنطقة، والثانية: مساهمة الزيارة فى كسر العزلة الدولية التى تحاول واشنطن وإسرائيل فرضها على طهران".
وفى المقابل، قال نيشر إن مرسى استبق زيارته لطهران المثيرة للجدل وللانتقادات بتوجيه رسائل تطمينية كان أولها موجها لدول الخليج بزيارته للملكة العربية السعودية التى كانت أول زيارة خارجية له منذ توليه المنصب، وأكد خلالها للخليجيين الذى يحتاج مرسى إلى مساهمتهم المالية بأن أمن الخليج خط احمر بالنسبة للقاهرة، كما بعث مرسى برسائل طمأنة قبل وصوله إلى طهران لكل من إسرائيل وواشنطن بأنه يلتزم بالمعاهدات الدولية وبان عملية سيناء لا تهدد أحداً.
وفى السياق نفسه، قال الدكتور على نورى زاده مدير مركز الدراسات الإيرانية - العربية فى لندن خلال حديث خاص لمحرر الشئون الشرق أوسطية بالإذاعة العبرية إنه لا يستبعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران بعد عقود من القطيعة ولكن بشروط مصرية وليس فى المستقبل القريب.
وأشار الخبير الإيرانى إلى بعض الشروط والقيود المصرية للتواجد الإيرانى فى القاهرة فى عهد مرسى أبرزها أن القيادة المصرية لن تسمح بان تستغل طهران تواجدها الدبلوماسى المستقبلى المفترض فى القاهرة لنشر ثقافة ثورتها والمذهب الشيعى.
ولفت زاده إلى أن خطاب الرئيس مرسى فى طهران يؤكد أن القاهرة تعود إلى دورها المحورى التقليدى فى قيادة العالم الإسلامى السنى، مضيفاً أنه بالتأكيد هذا العالم لن يسمح لإيران بنشر ثقافتها ومذهبها الشيعى فى أرض الكنانة.
واعتقد زاده أن عودة العلاقة بين طهران والقاهرة تحتاج إلى مباحثات طويلة وشاقة فى محاولة لاحتواء الملفات الخلافية، وعلى رأسها معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التى ترفضها طهران والتى أكد مرسى التزامه بها، كما أن مرسى قام بزيارة السعودية كأول دولة عربية بعد انتخابه رئيسا للجمهورية، وأكد أن أمن الخليج يتصدر اهتمامات مصر.
وأشار الخبير الإيرانى للإذاعة العبرية إلى أن المملكة العربية السعودية ودولة قطر هما من أبرز الدول المساندة لمصر ما بعد الثورة، مؤكداً أن طهران لن تستطيع أن تحل مكان الرياض والدوحة فى دعم القاهرة.
وأنهى زاده حديثه للإذاعة العبرية، قائلاً: "لابد من الإشارة إلى أن مصر لديها استراتيجية ورؤية مختلفة تماماً عن الرؤية الإيرانية نحو العالم ولها علاقات إستراتيجية قوية تربطها بالولايات المتحدة، وكل ذلك من الأسباب التى تحول دون قيام علاقات وثيقة بين طهران والقاهرة فى عهد مرسى، خاصة أن مسار العلاقات سوف يتغير لمصلحة استئناف العلاقات الدبلوماسية، ولكن بشروط مصرية وليس فى المستقبل القريب".
الإذاعة الإسرائيلية: السلفيون ودول الخليج وإسرائيل وأمريكا أربع جهات تابعت بقلق زيارة مرسى لطهران.. وخبير: القاهرة لن تسمح لطهران باستغلال العلاقات المستقبلية لنشر ثقافة ثورتها ومذهبها الشيعى
الجمعة، 31 أغسطس 2012 03:39 م