محمد جادالله يكتب: أرض التحرش

الخميس، 30 أغسطس 2012 09:48 م
محمد جادالله يكتب: أرض التحرش صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كم كنت أشعر بالمهانة والاستفزاز، وأنا أقرأ على مدار عقود تلك الجمل النمطية الثابتة فى صفحات الحوادث بالجرائد:
"وقد قررت وزارة الشئون الاجتماعية، صرف 500 مبلغ جنيه لأسرة كل مصاب، و1000 جنيه لأسرة كل متوفى"!
"الدولة" تصرف مبلغ ألف جنيه تعويضا عن وفاة الإنسان المصرى فى حادث، فى حين أن سعر الحمار فيها يزيد بأى حال عن 3000 جنيه!!
أليس هذا تحرشاَ بالكرامة الإنسانية للمصريين؟
وحين يهدر الفاسدون ثروات مصر ومواردها الطبيعية، ولا يراد بالتخطيط والاستثمار، إلا العوائد والمكاسب المادية، وعندما يصبح الإبداع فى التخلف بتجاهل الآثار البيئية المدمرة للمصانع المخالفة، هو رد الفعل الحكومى والشعبى السائد.
وعندما تنهب مئات المليارات من الدولارات من أموال مصر، على يد شبكات الفساد، دون رقيب.
أليس هذا كله تحرش بمقدرات الوطن؟
وعندما تتكرر جرائم هتك العرض والتحرش الجسدى بالمصريات، دون رادع فعال، يتمثل فى تفعيل منظومة قانونية محكمة للتعامل مع انتشار هذا النوع من الجرائم.
ولم تتخط الحلول الرسمية مرحلة التحرك الروتينى، الممثلة فى حملات من جهاز الشرطة، للتعامل مع "قطعان" المراهقين والشباب فى التجمعات الاحتفالية بالأعياد "الدينية" والتقليدية، أو خلال التظاهرات السلمية، دون تطبيق عقوبات رادعة.

والعجيب أن هناك أصحاب آراء مجتمعية أحادية الرؤية حول تلك الجرائم، يسقطوا الذنب على الضحية لكونها امرأة، وتصفها بأنها مصدر الإغواء، وأنها السبب فى إثارة الغرائز، صابين جام غضبهم على الضحية، وليس على الجانى، متناسين أن هتك العرض جريمة، تخالف الشرع والعرف، وقد تتعرض لها كل امرأة فى مصر دون مراعاة لسن أو هيئة.
أليس هذا استهتارا بآدمية المرأة وكرامتها، وتحرشا بالقيم الدينية المجتمعية والأخلاقية؟
ويأتى التحرش بالآخر العقدى لمجرد اختلافه فى الدين، من خلال بث أفكار أحادية الخطاب والرؤية بوسائل ووسائط متعددة، تساهم فى بث الخوف وتعظيم الجهل بالآخر، وتهديد الأمن النفسى للأقليات الدينية والمذهبية، لمجرد اختلافها فى العقيدة أو المذهب الدينى. كل ذلك يحدث باسم الدين، والدين من تلك النعرات براء.
ألا يعد ما سبق تحرشا عقديا بالآخر؟
إذا كان التحرش فى اللغة هو التعرض للآخر، بغية استفزازه، والنيل منه لتحقيق لذة، أو منفعة أو مصلحة خاصة، فهذا يعنى أننا ما زلنا نعيش بمعنى الكلمة فى "أرض التحرش".

نريد من إدارة الرئيس مرسى أن تضع فى أولويات مشروعها للنهضة، إيجاد صيغة واضحة لميثاق شرف إنسانى فيما بينها وبين القوى السياسية المختلفة، لمكافحة التحرش بكرامة الوطن ومواطنيه، وأن تتخذ حكومته سبلاَ لوضع وتفعيل خطة متكاملة، تهدف لاستعادة كرامة المصريين فى الداخل والخارج، ومواساة شعب أضعفته صور التحرش معنوياَ ونفسياَ.

وإن لم يكن بين كل رجال الدولة الحاليين فريق عمل قادر على تبنى تلك الدعوة ومدرك لأبعادها وأهميتها، وتتوافر لديه رؤية فى التخطيط، ومثابرة من أجل تحقيق ذلك الهدف، فالمسئولية يتحملها الرئيس الحالى وإدارته، وسوف يرثها كل رئيس قادم وإدارته. صارحوا الشعب بالكلمة الموضوعية الصادقة كى يساعدكم.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة