د.عبد الجواد حجاب يكتب: قنابل موقوتة

الثلاثاء، 28 أغسطس 2012 09:08 ص
د.عبد الجواد حجاب يكتب: قنابل موقوتة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قامت ثورة مصر المجيدة فى 25 يناير بمشاركة جميع فئات وطبقات الشعب، الذى دفع الثمن غاليا والجميع شارك فى تقديم أرواحهم فداء لهذا الوطن الحبيب.. فى نجاح الثورة الفضل لا لأحد إلا لله سبحانه وتعالى ثم للشعب بجميع فئاته وأحزابه وانتماءاته وطوائفه ولا فضل لأى فصيل سياسى بعينه فى نجاح الثورة وعندكم الشهداء والمصابون من كل الفئات الشعبية، وأكثرهم لا انتماءات سياسية لهم.

هدف الثورة واحد تبلور فى شعار واحد كلنا نعرفه جيدا، وكل أطفالنا يحفظونه عن ظهر قلب، وهو "عيش حرية عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية" كل طفل فى مصر يعرف هذا الشعار، ولن يفرط فى كلمة واحدة منه على الإطلاق طالما هو حى يرزق.

قبل الحرية كان الهدف الأول هو لقمة العيش والحصول على مصدر كريم للدخل يحفظ كرامة الإنسان، وكلنا شاهد آلاف الاحتجاجات فبل الثورة، التى تنادى بزيادة الدخل والأجور وخلق وظائف وفرص عمل لملايين الشباب العاطل عن العمل ولعل أشهرها احتجاجات العمال فى المحلة الكبرى عام 2006، والتى راح ضحيتها أكثر من 20 بريئا برصاص وزير الداخلية المسجون حاليا.

الأرقام الرسمية وغير الرسمية عن البطالة مخيفة جدا، والتى ازدادت بعد الثورة لأسباب كلنا يفهمها، حيث إن نسبتها تصل إلى 80% بين خريجى الكليات النظرية وأكثر من 40% بين الشباب عمومًا و25% بين الكبار فوق سن الأربعين.. وزارة القوى العاملة تخلت عن مهمتها الأساسية فى خلق فرص عمل بسبب شروط فرضها البنك الدولى وتوقف التوظيف فى الحكومة منذ التسعينيات واقتصر التوظيف لمن له واسطة، ولمن يدفع الرشوة ولمن يعمل لحساب دولة الأمن والمخابرات.

نعرف أن الأخطاء التراكمية للنظام المخلوع منذ سنوات طويلة فى صور مختلفة منها الفساد والرشوة والمحسوبية والسرقة بالقانون والاستثمارات فى مجالات غير إنتاجية وفقدان المنتجات المصرية لأى قدر على المنافسة والتصدير والتفاوت فى الدخل بين الوزارات والمجالات المختلفة لدرجة الغثيان، عندما تجد أن مرتب أو معاش عامل فى وزارة الكهرباء أو البترول أضعاف ما يحصل عليه الطبيب أو المدرس، والتفاوت الكبير بين الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور ورأينا مرتبات تصل إلى الملايين لخدام التوريث.

كل هذه الأخطاء التراكمية أدت إلى أوضاع غريبة وخطيرة حيث زادت البطالة إلى أرقام ليس لها مثيل فى العالم، وارتفعت نسبة من هم تحت خط الفقر إلى أكثر من 40% وطفحت خزانات العشوائيات برائحة الموت من الفقر والمرض وانعدام الخدمات وتحولت البطالة والفقر والعشوائيات الى قنابل موقوتة قابلة للانفجار فى وجه أى حاكم حتى لو كان من الأنبياء أو الملائكة.

من هنا من على هذا المنبر الحر احذر واحذر من قنبلة الفقر الموقوتة والتى يمكن ان تنفجر فى وجه أى رئيس أو أى حكومة إذا لم تحدث اختراقات اقتصادية حقيقية وقوية وسريعة.. اعتقد أن التقدم الاقتصادى وخلق فرص عمل وزيادة الأجور وتطبيق العدالة الاجتماعية وزيادة الإنتاج هو الضمانة الحقيقية والحصان الرابح لأى فصيل سياسى يريد أن يحكم هذا الشعب الواعى والعظيم.

أعتقد أن تحسن الاقتصاد والقضاء على غول الفقر هو الطريق المناسب والسليم لبناء دولة القانون وتطبيق مبادئ الشريعة وبناء مصر الديمقراطية الحديثة.

أعتقد أن دعاء الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، "اللهم إنا نعوذ بك من الكفر والفقر" يحمل معنى تحذيريا من الفقر، الذى يمكن أن يؤدى إلى الكفر والعياذ بالله.. أعتقد أن سيدنا عمر عندما عطل الحدود فى عام المجاعة يحمل نفس المعانى والتحذيرات.

أردت أن أقول للمتجادلين من إسلاميين وعلمانيين ومدنيين وليبراليين ويساريين حول أمور وتفاصيل يومية تافهة على الفضائيات وعلى صفحات الجرائد أغلبها لا يمت بصلة إلى طموحات الشعب من بعيد أو من قريب أغلبها لا يصب فى صالح تحقيق أهداف ثورة الشعب المباركة وعذه التصنيفات ماهى إلا أسماء سميتموها وصراعا محموما بعيد عن الشفافية والوطنية على كعكة السلطة التى أعمت بصائر هؤلاء المتجادلين.

أردت أن أقول انزلوا إلى الشارع وتفاعلوا من مشاكل الناس الاقتصادية وفكروا فى سياسات تقضى على الجوع والفقر والبطالة وتحل مشاكل العشوائيات وإلا سيكون مصيركم مثلما صار إليه النظام البائد فى أكبر مزبلة فى التاريخ.. تعالوا نتعاون على منع مظاهرات الجوع، التى تهدد مصر والتى وإن حدثت ستقضى على الأخضر واليابس ونترك الصراع على السلطة جانبا الآن فى هذا الظرف الدقيق من تاريخ مصر المحروسة.
هذه هى القنبلة الموقوتة التى تحتاج الى تكاتف الجميع لتلافى انفجارها وهذه هى أول كلمة فى هدف الثورة المعلن والمعروف للجميع، وأخيرا لا أملك إلا أن أدعو الله سبحانه وتعالى كما دعاه النبى صلى الله عليه وسلم وقال "اللهم إنا نعوذ بك من الكفر والفقر ونعوذ بك من عذاب القبر لايغفر الذنوب إلا انت". صدقت ياسيدى يا رسول الله.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة