قتيل ضابط حراسات شركة أبى قير للكهرباء.. زفافه كان الجمعة القادم وتحولت الزغاريد إلى عويل.. رجب زيّن جدران قريته برسومات فى حب مصر.. و"غرابة" تم التحفظ على الضابط لحين عرضه على النيابة للتحقيق

الإثنين، 27 أغسطس 2012 10:52 م
قتيل ضابط حراسات شركة أبى قير للكهرباء.. زفافه كان الجمعة القادم وتحولت الزغاريد إلى عويل.. رجب زيّن جدران قريته برسومات فى حب مصر.. و"غرابة" تم التحفظ على الضابط لحين عرضه على النيابة للتحقيق أقارب رجب قتيل اعتصام الكهرباء
الإسكندرية– هناء أبو العز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على حافتى طريق ملىء بالنخيل والزروع الخضراء بمعمودية قرية الطرح محافظة البحيرة، دلتنا سيارات الأمن المركزى على منزل رجب مسعود محمد قنديل 27 سنة، الذى لقى مصرعه مساء أمس، على يد النقيب هشام المصرى، ضابط الحراسات الخاصة، المعين لتأمين شركة أبى قير للكهرباء، لم نجد صعوبة فى العثور عليه، خاصة أن المتوفى كان من أشهر شباب البلدة، حيث عرف بالطيبة وخدمة الصغير والكبير فى مجتمعه، وكانت حالة الحزن تخيم على جميع منزل القرية البسيطة حتى الأطفال عيونهم الحزينة أظهرت أيام الحداد، التى بدأت القرية فى ارتدائها قابلتنى سيدة وهى تصرخ بردائها الأسود "كنا بنزغرت له منذ يومين لأن فرحه كان الجمعة القادم.

هذه هى ملامح القرية، التى عاش فيها رجب سنوات عمره القليلة ساعد فيها والديه المريضين وحمى جدرانها من البلطجية أيام ثورة 25 يناير، حضر أحزانها وأفراحها، ولكنه لم يكن يتخيل أن يقف عند حلمه بالزواج من إحدى بنات قريته فقد كان موعد زفافه بعد 4 أيام فقط من مصرعه.

رسم رجب على جدرانها إهداءات لثورة يناير من أهرامات ومياه النيل وعلم مصر، الذى تعلوه حمامة السلام ولم ينس أن يهدى شركة كهرباء أبى قير صورة لها.

دخلنا منزل رجب الشهير بـ "عليش " بيت بسيط لم تتلون حوائطه، وكأنها كانت تتنبأ بالحداد على روح من كان يملؤه بالسعادة استقبلنا والده على كرسى، نظراً لعجزه لم يستطع أن يقول لى سوى بعض من كلمات الحسرة، التى سبقتها جملة "حسبى الله ونعم الوكيل" بعدها زرفت دمعاته وهو يقول "كان عليش" يدى ورجلى فقد كان يحملنى على يديه لأقضى حاجتى ثم يعود بى مرة أخرى إلى السرير دون أن يكل أو أن ينفر".

أما والدته فلم تكن حالتها بأحسن من حال والده فهى مريضة بالسكر وأصابع قدمها مبتورة روت لى أن آخر مرة رأته فيها كانت عندما ذهب معها إلى المستشفى لمرضها الشديد وبعدها طلب من أخيه الصغير المكوث معى ليذهب هو لأداء صلاة الظهر، ثم إلى عمله بالشركة الصينية وبعدها لم أره إلا جثة هامدة بعد أن سمعت أهل القرية وهم يصرخون ابنك اتقتل.

وتستكمل والدة رجب "أمس كنا نقوم بتنجيد مراتب العروس الخاصة به وكانت الزغاريد تعلو منازل كل المحيطين بنا، فرحاً له واليوم كانت أصوات الصراخ الحزينة هى البديلة".

تقابلنا مع حاتم فهمى طه، أحد جيرانه، الذى أكد أن دم رجب لن يضيع هباء، خاصة أنه لم يكن من طالبى التعيين فهو بالفعل يعمل فى الشركة الصينية، ولكنه وقف فى التظاهرة تضامناً مع جيرانه وأصدقائه، وعندما بدأ الضابط فى إلقاء الأعيرة النارية أخذ يجرى مع باقى أصدقائه إلا أن الطلقات النارية أصابت كتفه وصدره، مما أدى إلى وفاته على الفور.

ويستكمل صديقه محمد رمضان الحوار قائلاً: "وعدنا رئيس شركة كهرباء الإسكندرية السابق جابر الدسوقى، بتعيين أهالى القرى المحيطة بالشركة، نظراً لما قاموا به من حماية الشركة وقت ثورة يناير من البلطجية، وحافظوا على معداتها، وقام بعمل كشف به 120 شخصًا منهم سيتم تعيينهم على فترات، وقام الشباب بإنهاء الإجراءات كلها فى انتظار جواب التعيين إلا أنهم فوجئوا بتغيير رئيس مجلس إدارة الشركة، وهو محمود النقيب، الذى تعامل معهم بكل علو ورفض تعيين الشباب، مؤكداً عدم وجود مكان خال فى الشركة، إلا أنهم فوجئوا بتعيين آخرين بالرشاوى والوسايط فاتفق نحو 300 من شباب 17 قرية مجاورة للاشتراك بالوقوف والاعتصام أمام الشركة احتجاجاً على ذلك".

ويستكمل رجب محمد الحوار قائلاً "انطلقنا من السادسة من صباح اليوم إلى مقر الشركة للاعتصام هناك وعند موعد خروج العاملين فى الساعة الثانية ظهراً، أعلنوا رفضهم الخروج مخافة أن نعتدى عليهم، وعلى الرغم من تأكيدنا أن الوقفة سلمية إلا أننا فوجئنا بأحدهم يلقى زجاجة على رأس أحد الشباب، الأمر الذى استفز الجميع فتم تبادل التراشق بالحجارة وسط تواجد قوات الأمن المركزى ولواءات شرطة.

وبعد دقائق قليلة فوجئنا بالنقيب هشام المصرى، ضابط الحراسات المعين لتأمين الشركة، بإطلاق الأعيرة النارية من طبنجته وأمر العسكرى بإطلاق النيران، وعندما رفض سحب سلاحه الآلى وقام برشق المعتصمين به، مما أدى إلى مصرع رجب وإصابة 7 منهم 4 بإصابات خطيرة مازالوا فى المستشفيات.

وتقول "سامية لبيب إبراهيم"، إحدى الجيران بالمنطقة، وهى تبكى "بعد ما قتلوا ولادنا قاموا بإشعال النيران داخل الشركة، وفى مخازنها حتى يقوموا باتهام أولادنا بأنهم اقتحموا الشركة واعتدوا على من فيها ليبرروا القتل".

أما عبد المنعم السيد عبد المنعم، 26 سنة، مصاب بخرطوش فى الساق، فيقول "إحنا ضربنا بالرصاص ولم يكن مع أحد منا سوى حجارة يرد بها على اعتداء العمال علينا عندما كنا نصلى وكأننا فى تل أبيب.

ويقول منعم: "تحملنا دخان الشركة سنوات طويلة ونحن نتنفس بلونه الأسود فى صدورنا وأصابنا بالربو والتحجر الرئوى خاصة بعد استيرادهم لمعدات من الصين غير سليمة كان من المفترض استيرادها من اليابان، ومن المحتمل أن تنفجر فى القرية بأكملها.
أما وائل السيد ، 28 سنة، وهو مصاب بطلق نارى فى الصدر، فيكشف عن مفاجأة فيقول إنه يعمل بشركة أورسكو المنفذ لمشروع محطة أبى قير، وأن سبب انقطاع الكهرباء المستمر داخل الإسكندرية يرجع إلى المواد والأدوات الموجودة بالمشروع السادس، الذى كلف الدولة أكثر من 4 مليارات جنيه جميعها متهالكة وخارج نطاق الخدمة، لأنها تم استيرادها من الصين بدلاً من اليابان، مما أثر على المشروع وأدى إلى انقطاع الكهرباء بشكل مستمر.

من جانبه أكد اللواء ممدوح حسن، مساعد وزير الداخلية لأمن البحيرة، أنه اتخذ كافة الإجراءات لحماية حق المتوفى والمصابين، وتم تسليم الضابط إلى العدالة لتباشر النيابة التحقيقات فى القضية، وتقرر حكمها بعد ذلك.

وأوضح اللواء ممدوح أن أهالى المنطقة وإن كانوا غاضبين مما حدث إلا أنهم ينتظرون حكم القضاء، ولم يقوموا بأحداث شغب.

من ناحية أخرى أكد اللواء خالد غرابة، مساعد وزير الداخلية، لأمن الإسكندرية، أنه تم التحفظ على الضابط هشام المصرى، المتهم بقتل وإصابة متظاهرى شركة أبى قير لحين عرضه على النيابة العامة لمباشرة التحقيق معه، مؤكداً أنه تمت السيطرة على الوضع، ودفن جثمان المتوفى أمس بعد أداء صلاة الظهر، بهدوء من الأهالى، الذين استجابوا لكبار العائلات وأعضاء مجالس الشورى والشعب، والذين كان لهم دور فى تهدئة التوتر بالبلدة.

وأشار غرابة إلى حضور نيابة شرق الإسكندرية، برئاسة المستشار عادل عمارة لمعاينة المكان ومناظرة الجثة ومعاينة التلفيات وآثار الحريق والأعيرة النارية.













































مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة